أسلوب جديد يسعى النظام السوري لفرضه على المناطق المحاصرة، وهو السعي للضغط على هذه المناطق لعقد اتفاقيات "
هدنة" مقابل إدخال كميات محدودة من الطعام.
فقد مضى أسبوعان على اتفاق يقضي ابتداء برفع العلم (ذي النجمتين) الذي يستخدمه النظام السوري على خزان الماء في بلدة
المعضمية (ريف دمشق) والنص على خطوات لاحقة منها تسليم السلاح الثقيل داخل البلدة، وقد تم بالفعل تسليم مدرعة كان الجيش الحر في البلدة قد سيطر عليها. لكن ممثلين عن المجلس المحلي في البلدة قالوا إن المدرعة معطلة وغير صالحة للعمل، وأن النظام السوري يريد تحقيق انتصار إعلام باستلام هذه المدرعة.
ويبدو أن حي
برزة الدمشقي الذي يخضع للحصار منذ أكثر من عام؛ يتجه لعقد اتفاق مماثل. وذكر المركز الإعلامي السوري أن لجنة من المدنيين في حي برزة أبرمت "هدنة" مع النظام السوري لفك
الحصار، مشيرا إلى أن الهدنة تنص على أن يبقى الجيش الحر في مواقعه الحالية. كما تنص "الهدنة" على انسحاب قوات النظام من كل المناطق التي احتلتها، إلى جانب تفريغ المراكز العسكرية المحيطة ببرزة من قوات النظام، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين، والسماح بإدخال الطحين والوقود إلى الحي وإعادة الاتصالات بكافة أشكالها. وفي المقابل يتعهد الجيش الحر بفتح الطرقات التي أغلقها والتي تعتبر رئيسية للنظام في دمشق، وأهمها طريق مستشفى تشرين والطريق الواصل بين دمشق والتل.
لكن في المقابل، تسري تساؤلات عن مدى جدية النظام السوري في الالتزام ببنود الهدنة مع أهالي المعضمية. فما تم إدخاله حتى الآن إلى البلدة لا يتجاوز كميات محدودة من الخبز والمعكرونة والسكر والبرغل والأرز والتمور وبعض المعلبات والمواد الأخرى على دفعتين، ولكنها لا تكفي لبضعة آلاف من السكان ما زالوا داخلها. ولا يُعرف إن كان النظام السوري سيسمح بدخول كميات أخرى.
وأدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة
السورية "استخدام النظام سياسة التجويع الممنهج كوسيلة حرب ضد أبناء الشعب السوري، لاسيما في المعضمية". وأضاف: "النظام المجرم أجبر أهالي البلدة على رفع العلم في أعلى نقطة بمدينتهم، مقابل إدخال قوافل إغاثة إنسانية تقيهم شر الموت جوعاً وبرداً، وهو ما يمثل أشد وسائل أنظمة الاستبداد انحطاطاً".
وفي الأثناء، تتفاقم الأزمة الإنسانية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، المحاصر أيضا، مما أدى إلى تسجيل حالات وفاة، لا سيما بين الأطفال، بسبب نقص المواد الغذائية أو ارتفاع أسعارها إن وجدت. كما يعاني المخيم من فقدان الدواء وانقطاع الماء والكهرباء. ولم تنجح التظاهرات وكل المساعي في فك حصار المخيم المستمر منذ تموز/ يوليو الماضي.
والخميس، قالت وكالة الامم المتحدة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) ان سكان مخيم اليرموك في دمشق يقاسون "معاناة شديدة".
ومنذ أيلول/ سبتمر، توفي 15 شخصا على الاقل بسبب الجوع في المخيم الذي يخضع لحصار شديد منذ ان سيطر عليه الثوار قبل أكثر من عام. وأعلن المتحدث باسم الاونروا كريس غينيس لوكالة فرانس برس ان نقص الاغذية كبير جدا وغياب المعالجات الطبية يؤدي الى موت نساء اثناء الولادة. وقال ان "معاناة المدنيين تتفاقم في اليرموك بينما تكثر التقارير التي تتحدث عن سوء التغذية وغياب العلاج الطبي وخصوصا للذين اصيبوا بجروح بالغة خلال النزاع وعن وفيات النساء اثناء الولادة".
ودعا غينيس الى فتح المخيم امام وصول المساعدات الانسانية. وقال ان "على السلطات السورية والاطراف الاخرى ان تسمح وتسهل وصولا آمنا للمساعدات" حسب تعبيره.
لكن التلفزيون السوري الرسمي زعم ان قافلة تنقل مساعدات لـ20 ألفا من السكان الذين لا يزالون في المخيم أوقفتها "العصابات الارهابية" وهو التعبير الذي تستخدمه دمشق للإشارة الى الثوار.
وفي الرستن، في ريف حمص، يعاني الأهالي من البرد والجوع، حيث تفتقر المدينة للطعام والوقود اللازم للتدفة بسبب الحصار المطبق والمترافق مع قصف جوي وبري متواصل من جانب قوات النظام السوري.
وأصدر المجلس المحلي في الرستن نداءات استغاثة، محذرا من أن الأوضاع الإنسانية سيئة للغاية، وأشار إلى كارثة إنسانية ستلحق بأهالي المدينة المحاصرين وخصوصا من الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.