قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن وصول اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب المستعرة في بلادهم إلى العواصم الأوروبية، خاصة
أوروبا الشرقية أدى إلى إحياء الأحزاب
اليمينية المتطرفة. وكتب مراسلها من مدينة سيفلنغراد قائلا "بعد أن نشرت الإضطرابات واليأس بين اللاجئين السوريين تسربت مأساة الحرب الأهلية السورية إلى أوروبا الشرقية المهمشة، وأحيت ربيعا لإنجل بوزينوف، الناشط القومي في هذه البلدة البلغارية القريبة من تركيا".
وأضافت "كقيادي محلي لفرع أتاكا، الحزب اليميني المشاكس، فقد بوزينوف مقعده في مجلس المدينة في الانتخابات المحلية عام 2011، ولكنه يرى الآن أسهمه ترتفع. وهذا نابع من المخاوف التي أثارها قدوم اللاجئين السوريين من الحدود التركية القريبة".
وأدى الخوف، كما يقول إلى "تضاعف أعضاء فرع أنتاكا، حيث بدأ "الناس يأتون إليّ ويقولون إن الحزب كان على حق"، ويعني إسم الحزب "اتاكا" هاجم، ويدعو إلى "
بلغاريا للبلغاريين". وهاجم اللاجئين السوريين ووصفهم بالإرهابيين، والذين يجب على الحكومة البلغارية -التي تعد من أفقر دول الإتحاد الأوروبي- طردهم، وقام أعضاء الحزب في البرلمان بلعن السوريين ووصفهم بـ "القرود الحقيرة الرهيبة".
وتقول الصحيفة إن "الأحزاب اليمينية الشعبية ذات الأجندة المعادية للأجانب حصلت على دفعة. ويعتبر حزب "أتاكا" مثالا واضحا. ويقول نقاده إنه قوة سياسية شريرة، ومثال للانتهازية التي يقوم من خلالها بمفاقمة مخاوف الرأي العام".
وتشير إلى أن "تدفق اللاجئين السوريين زرع بذور الانقسام داخل دول الإتحاد الأوروبي، حيث يضيف هؤلاء أعباء على الحكومات التي لا تزال تكافح منذ سنوات الركود الاقتصادي. وتظل بلغاريا الأكثر هشاشة من بين دول الإتحاد الأوروبي ألـ 28، وقد زاد وصول حوالي 6500 سوري هذا العام من أعباء حكومة الائتلاف التي لا تحظى بشعبية، وزادت عنصرا متفجرا على الوضع السياسي غير المستقر".
وتنقل الصحيفة عن دانيال سميلوف من مركز الإستراتيجيات الليبرالية، وهو مركز للسياسات العامة في صوفيا أن طعن جزائري لإمرأة بلغارية، والشجب العام له قد "فتح الباب على مصراعيه" أمام عناصر اليمين المتطرف، "الذين ينظرون إلى ما يحدث على أنه فرصتهم".
وتقول الصحيفة إن "رسالة الحزب التي تلهب العواطف، أو عدد عناصره الصغير لم يعد مهما، لأنه يمارس دورا أكبر من حجمه في البرلمان؛ حيث ترك مصير الحكومة التي يقودها الاشتراكيون بيده، وهي الحكومة المحاصرة بالاحتجاجات التي تطالب باستقالتها لأنها ،كما يقول المتظاهرون فاسدة وتمارس المحسوبية".
وتضيف الصحيفة إن "شجب "أتاكا" للأجانب والأقليات مثل الروما والغجر ومطالبه باستعادة الأراضي البلغارية "المفقودة" دفع بالحزب إلى مقدمة الأحزاب الشوفينية القومية التي تحقق تقدما في العديد من الدول الأوروبية، خاصة أوروبا الشرقية. وعلى خلاف الأحزاب اليمينية في دول غرب أوروبا تتسم رسالة الحزب بالعنصرية ومعاداة السامية كما يقول كراسمير كنيف، رئيس لجنة هلنسكي، رغم أنه يمزج بين الدعوة للنظام والقانون والحد من تدفق المهاجرين من جهة، وإلى تبني سياسات اقتصادية تميل نحو النموذج الاشتراكي.
ويمكن تشبيه حزب "أتاكا" بحزب الفاشيين الجدد "الفجر الذهبي" في اليونان. بخلاف أن الحكومة اليونانية قامت بحملة ملاحقة للحزب هذا، لكن "أتاكا" هو حليف للحكومة في بلغاريا. ويشير كنيف أن الحزب "جعل من النقاش السياسي صعبا". ونفس الوضع يمكن ملاحظته في هنغاريا حيث أصبح حزب "جوبيك" الحزب الثالث في البرلمان، وأثار الحزب غضبا في تشرين الثاني/ نوفمبر عندما أزال الستار عن تمثال للعميل النازي ميكلوس هورثي، الزعيم الفاشي في البلاد أثناء الحرب العالمية الثانية. وفي سلوفاكيا، فاز حزب "ماريان كوتليبا" اليميني في الانتخابات.
وفي الوقت الذي فاز "أتاكا" بـ 23 من 240 مقعدا في البرلمان أي ما نسبتة 7%، إلا أنه يمارس تأثيرا كصانع ملوك في الحكومة الائتلافية، ولهذا طالب الحكومة بمنع بيع الأراضي للأجانب، وبناء شريط من الأسلاك الشائكة على الحدود مع تركيا لمنع السوريين من الدخول للأراضي البلغارية.
ويقوم الحزب عبر قناته التلفزيونية "ألفا" بالهجوم على المهاجرين ويصفهم بالمتشددين الإسلاميين الذين يحملون معهم العنف والفقر لبلغاريا. وفي واحد من برامج "ألفا" (تلفزيون الحقيقة) قالت ماجدلينا تاشيفا، النائبة عن الحزب "ليسوا لاجئين، إنهم إرهابيون" ووصفتهم بـ "الوحوش" و "حثالة المجتمع" و "السفاحون" وقارنتهم بالقرود.
وقامت مجموعة من السوريين المقيمين بشكل دائم في صوفيا بتقديم شكوى ضد تاشيفا لمفوضية الحماية من التمييز، والتي قالت إنها تنظر فيها. ويقول محمد البرماوي خبير الكمبيوتر الذي هاجر لبلغاريا منذ عدة أعوام وتقدم بالشكوى؛ إنه تلقى تهديدات بالهاتف وتوقف عن التحدث بالعربية خارج بيته، ويقول "عشت في بلغاريا لسنوات طويلة والآن أنا خائف للمرة الأولى".
ويقول السوريون الذين دفع كل واحد منهم مبلغ 550 لمهربين في اسطنبول، ودخلوا بلغاريا ويعيشون في مراكز تجميع اللاجئين القذرة، والتي تفتقر إلى أدنى أساسيات الحياة، يقولون إنهم لا يخططون للبقاء في بلغاريا، ويحاولون إتمام أوراقهم والسفر إلى دول أوروبا الغربية.