أفكَار

اختلاف المقومات النوعية في تكوين الهويتين الفردية والقومية.. الجزائر نموذجا

الورقة  المنفصلة هو الفرد، والشجرة المنفصلة هي الوطن، والغابة المحددة بأنواع أشجارها المتجانسة هي الأمة.
الورقة المنفصلة هو الفرد، والشجرة المنفصلة هي الوطن، والغابة المحددة بأنواع أشجارها المتجانسة هي الأمة.
الهوية الفردية والهوية القومية هما مفهومان يعكسان جوانب مختلفة من التعريف الذاتي والانتماء. وكلاهما يؤدي دورا مهمّا في تشكيل شخصية الإنسان وسلوكه، لكنهما يختلفان من حيث الطبيعة والمصدر والدور. فبينما تشير الهوية الفردية إلى الخصائص والصفات التي تميز الفرد ككيان مستقل عن الآخرين، وتشمل السمات الشخصية، والقيم، والمعتقدات، والمهارات، والأهداف، والاختيارات التي تتعلق بتجارب الفرد وحياته الشخصية، فإن الهوية القومية تشير إلى الشعور بالانتماء إلى أمة أو مجموعة قومية، بناء على الثقافة المشتركة، والتاريخ، واللغة، والدين.

المؤرخ والمفكر الجزائري الدكتور أحمد بن نعمان، يبحث في هذه الورقة التي خص بها "عربي21"، في مفهومي الهويتين الفردية والقومية، وما بينهما من علاقات تأثير وتأثر.


                                                          الدكتور أحمد بن نعمان

مفاهيم ودلالات

تعد الهوية من المصطلحات الأكثر تداولا في الساحة السياسية والساحة الثقافية على امتداد الكرة الأرضية، وهو مفهوم  جدّ حديث لا يتجاوز  تداوله  قرنا من الزمان على أكثر تقدير. 

وكمدخل لتبسيط معناه لغير المتخصصين من عامة المثقفين، نقول بأن الهوية لغة، هي كلمة مركبة من ضمير الغائب (هو) مضاف إليه ياء النسبة لتدل الكلمة على ما يعني تحديد كيان بعينه، مستقل بذاته عن غيره، معرّف بنفسه حسب مواصفات محددة.

والهوية بهذا المعنى الاصطلاحي، هي عبارة عن مجموعة صفات متكاملة، ومتفاعلة فيما بينها، لتعطي لشخص أو شعب معين، مميزات  خاصة  يعرف بها هذا الفرد أو هذا الشعب، ولا يختلط أمره معهم فيها أفرادا وشعوبا وأمما وقوميات.

ومن هنا، جاءت عبارة "بطاقة الهوية" أو بطاقة التعريف الوطنية، وهي تعني تحديدا وثيقة رسمية خاصة بإثبات هوية شخص بعينه من الناس، والهوية بهذا المعنى  تنقسم  إلى قسمين أو نوعين مختلفين ومنفصلين، بقدر ما هما متصلان ومتداخلان في الوقت ذاته، هما:

1 ـ  هوية فردية: وهي مجموعة علامات أو سمات وقرائن جسدية، خاصة بشخص بعينه تميزه عن غيره من أبناء جنسه، بحيث إن لكل إنسان من ملايير البشر السابقين واللاحقين إلى يوم الدين، أربع خصائص مما توصل إليه العلم حتى الآن، تتكامل كلها فيما بينها لتعطيه سمة خاصة به وحده دون غيره في الوجود (ماضيا وحاضرا ومستقبلا كذلك في سلم المخلوقات) هي:
أولا ـ بصمات الأصابع المختلفة لدى كل فرد من أبناء البشر على امتداد التاريخ، دون أي استثناء فيما نعلم حتى الآن.

ثانيا ـ البصمات الصوتية التي تميز صوت كل إنسان ناطق عن غيره من الناس، إلى درجة أن التحليل المخبري يثبت علميا انتساب أي صوت إلى صاحبه أو نفيه عنه بصفة قطعية، مهما يكن مقلدا بصفة متقنة من مقلدي الأصوات الموهوبين.

ثالثا ـ بصمات العين، ومن هذه الخصائص كلها، جاء ما يسمى  بجواز السفر (البيومتري)، المطبق حاليا  في كل  الدول المتطورة مدنيا في العالم.

استقلال الجنسية، إن بقي دون استقلال الهوية (الاستقلال هنا بمعنى التميز الهوياتي في المقومات الأساسية) فمآله الزوال، ولكن العكس غير صحيح؛ بمعنى استقلال الهوية وتميزها القطعي الواضح، لا يزول مع زوال أوراق الجنسية السياسية، وأن الأوضاع الحالية في العالم تثبت هذا الطرح (مثال: يوغوسلافيا والعراق والسودان وأوكرانيا وجورجيا والاتحاد الذي كان سوفياتيا).
رابعا ـ الشيفرة الوراثية، المكتشفة حديثا في مطلع القرن الواحد والعشرين داخل كل خلية في جسم الإنسان، التي تجعله يختلف بها عن أبيه وأمه وأبنائه وكل أسلافه وأخلافه في رقمه التسلسلي، إلى أن يعود إلى أصله.

فبهذه  القرائن  الثابتة علميا حتى الآن، والخاضعة للتجربة والقياس، تحدد هوية كل فرد من الناس بين ملايير البشر من مختلف الأجناس.

ومن ذلك، أننا لو نأخذ مثلا أية بطاقة تعريف  قبل ملء خانتها بالمعلومات الخاصة بالفرد المعني بها  شخصيا دون غيره، فإننا نجد خانة الاسم واللقب وتاريخ الميلاد ومكانه والقامة ولون العينين والشعر، نجدها كلها مملوءة بكيفية مختلفة من فرد إلى آخر، ومن بطاقة إلى آخرى، باستثناء خانة اسم الجنسية التي ينتمي إليها الفرد، فإننا نجدها  مكتوبة مسبقا بكيفية نمطية في المطبوعة الأصلية، وهنا نجد أوضح مثال للنقلة النوعية، والإجابة على السؤال الذي قد يطرحه كل فرد عن كيفية الانتقال من الهوية الفردية (التي هي حصيلة مجموعة من القرائن والسمات الخاصة بفرد بذاته دون غيره في الوجود كما قلنا)، إلى الهوية الوطنية أو القومية التي تضم الملايين والملايير من الأفراد المختلفين المنتمين إلى جنسية وهوية الوطن، أو البلد الواحد جغرافيا وقانونيا، والأمة الواحدة ثقافيا وسياسيا وحضاريا.

ولتوضيح هذه العلاقة بين الفرد والوطن والأمة، نضرب مثالا بالورقة والشجرة والغابة. فالورقة  المنفصلة هو الفرد، والشجرة المنفصلة هي الوطن، والغابة المحددة بأنواع أشجارها المتجانسة هي  الأمة.

ومثلما أن الشجرة تتخلى عن أوراقها في الفصول وتبقى هي حية لعشرات القرون، فكذلك الأفراد الذين يتعاقبون جيلا بعد جيل على الوطن الواحد عبر التاريخ.

ومثلما تمثل الأوراق الساقطة سمادا عضويا لتغذية الأشجار، يمثل الشهداء سمادا أيضا لشجرة الوطن والأمة، التي لو قطعت أو اجتثت من جذورها، لما بقيت ورقة واحدة حية ملتصقة بها.

تلك هي العلاقة العضوية في تصورنا بين الفرد والوطن الجغرافي، وبين الهوية الوطنية والقومية في الكيان الثقافي، وإنه مثلما يوجد أشجار وحدها في الخلاء، وأشجار متجاورة في غابة خضراء، يوجد كذلك أوطان وشعوب وأمم مستقلة بذاتها دون انتماء إلى مجموعة أخرى، ويوجد شعوب أخرى تقع  ضمن مجموعات ثقافية وجغرافية ذات اختلاف في الجنسية ووحدة في الهوية الثقافية والقومية.

ونحن معشر العرب والمسلمين، نمثل الحالة الثانية (كما سيأتي تفصيله لاحقا)، أي إن دولنا المتعددة  هي عبارة عن أشجار في غابة، تحتل حيزا معتبرا من الخريطة الجغرافية والسياسية والثقافية على الكرة الأرضية في هذا العالم، بحيث إن الناظر إلى هذا الواقع من خارجه، يرى غابة مكونة من مجموعة أشجار منفصلة بعضها عن بعض، بقدر ما هي متصلة ومتداخلة فيما بينها بعضها في بعض تسقى بماء واحد، وتتشابك جذورها وتتعانق أغصانها، في مظهر أو منظر متجانس ومتداخل الأجزاء، يطلق عليه اسم الأمة.

2 ـ هوية وطنية أو قومية: (نسبة إلى الوطن أو إلى الأمة التي ينتسب إليها شعب متميز بخصائص هويته)، ومن هنا يمكن تعريف هوية أية أمة أو شعب من الشعوب، بأنها هي مجموعة من الصفات أو السمات الثقافية العامة التي تمثل الحد الأدنى المشترك بين جميع  الأفراد الذين ينتمون إلى هذه الأمة أو هذا الشعب.

والاختلاف هنا في مقومات الهوية الفردية والهوية القومية، هو اختلاف في النوع وليس في الدرجة؛ فالهوية الفردية ذات سمات جسدية في الأساس، والهوية القومية ذات سمات ثقافية في الأساس (دون أن يوجد  تعارض أو  تناقض بين الهويتين، بل هما ترتبطان بعلاقة جزء  بكل، كما أسلفنا)، وفي معادلة موجزة يمكن القول؛ بأنه إذا كانت بصمات الأصابع "الفردية" تميّز شخصا ما بعينه عن شخص آخر من ملايير البشر، فالثقافة الوطنية أو القومية في عمومياتها (كما هو معلوم)، هي البصمات الخاصة التي تجعل كل أفراد هذه الأمة أو تلك يتميزون (بهويتهم الجماعية) عن غيرهم من الشعوب والأمم. فحدد لي ثوابت ثقافتك، أحدد لك سمات هويتك الوطنية والقومية. 

وهذا ما يجيز القول بأنه قد يوجد في العالم شعوب دون جنسيات (ورقية) أو أعلام أو عُملات. كما يوجد جنسيات وأراض وأعلام ورموز دولة دون شعوب ذات هوية محددة، معروفة ببصماتها الثقافية الثابتة والراسخة.

فالحالة الأولى، كان يمثلها الشعب الجزائري على سبيل المثال قبل حصوله على استقلال "أوراق" الجنسية  سنة 1962، وما يزال يمثلها العديد من الشعوب المكافحة من أجل إثبات وجودها الحقيقي في العالم، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني والشعب الشيشاني، والألباني والأفغاني إلى وقت  قريب.

والحالة الثانية، تنطبق على كل الشعوب التي حصلت (بالكفاح أو بالمراسلة) على استقلال الجنسية "الورقية"، دون استقلال الهوية في جوهرها الثقافي الذي يميزها عن هوية المحتل السابق.

وفي مقدمة ذلك، تأتي العقيدة الدينية وتأتي اللغة السائدة في الاستعمال بالقول والفعل، على اعتبار أن الدين واللغة من أهم عناصر أية  ثقافة.

ومن هذا المنطلق، فإن عبارة "الاستقلال" المظلومة جدا في بعض البلاد، أو لدى بعض الأطراف التي لا تعرف معناه الحقيقي، يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أنواع أو درجات:

1 ـ استقلال الجنسية دون الهوية (وضع بعض البلدان التابعة ثقافيا وخاصة لغويا لمستعمرها السابق).

2 ـ استقلال الهوية دون الجنسية (وضع الجزائر قبل 1962 وجزء من فلسطين المحتلة داخل الخط الأخضر في القدس والأراضي المحتلة بعد نكبة التقسيم، التي حدثت إثر الحرب العالمية الثانية؛ تطبيقا للوعد المشوؤم في اليوم المعلوم. 

3 ـ استقلال الهوية والجنسية معا (وضع كل الأمم المعتبرة في العالم وفي مقدمتها الصين، اليابان، ألمانيا، فرنسا، روسيا، بريطانيا، تركيا، إيران، رومانيا، إسبانيا، البرتغال، إيطاليا، ألبانيا، اليونان).

والملاحظ هنا، أن استقلال الجنسية إن بقي دون استقلال الهوية (الاستقلال هنا بمعنى التميز الهوياتي في المقومات الأساسية) فمآله الزوال، ولكن العكس غير صحيح؛ بمعنى استقلال الهوية وتميزها القطعي الواضح لا يزول مع زوال أوراق الجنسية السياسية، وأن الأوضاع الحالية في العالم تثبت هذا الطرح (مثال: يوغوسلافيا والعراق والسودان وأوكرانيا وجورجيا والاتحاد الذي كان سوفياتيا).

وعلى العكس من ذلك، إذا كان الشعب محتفظا ومتمسكا بمقومات هويته الوطنية والقومية الموحدة، فحتى لو تضيع جنسيته (الورقية)، فإنّه سيستردها متى أراد ذلك، إن ظل محتفظا بمقومات هويته وفي مقدمتها لغته الجامعة المكتوبة. وأبرز مثال على ذلك: اليمن، كوريا، الصين، ألبانيا، وقبلها فيتنام وألمانيا، وآخرها جزيرة القرم في أوكرانيا، ولن تكون حالة  أوكرانيا هي الأخيرة بطبيعة الحال.

وهو ما يجعلنا نقسم الاستقلال الوطني إلى قسمين اثنين، لا يستقيم ولا يدوم وجود أحدهما إلا بوجود  الآخر:

أولا ـ استقلال الجنسية:

وهو أن يصبح للشعب المحتل سابقا جنسية مغايرة لجنسية الدولة التي كانت تحتل أرضه، كالشعب الجزائري مثلا قبل سنة 1962، وما يستتبع ذلك من وجود عَلَم وطني، وعُملة وطنية ونشيد وطني، تمثل جميعها رموز السيادة على التراب الوطني. وهذا النوع من الاستقلال سهل المنال نسبيا، والدليل على ذلك، أن أكثر من ثلاث عشرة دولة أفريقية حصلت عليه دفعة واحدة دون حرب، في فترة رئاسة الجنرال ديغول في أثناء حرب التحرير الجزائرية  (1954  ـ 1962).

الاستراتيجية الاستعمارية (التقليدية)، بإمكانها أن تتخلى عن عشرات الاستقلالات الشكلية للجنسية، ولكنها لا تتخلى عن استقلال واحد للهوية الثقافية بالنسبة إلى قطر مهم من مستعمراتها السابقة، إذا كان هذا القطر ذا أهمية استراتيجية لها.
وذلك للتفرغ المادي والمعنوي للقضاء على هذه الثورة، كما  يقول الجنرال ذاته؛ لكون الجزائر ظلت دائما تمثل البوابة الاستراتيجية للاستقلال والاحتلال، في الوقت ذاته لجُلّ البلاد الأفريقية الأخرى في المنظور الفرنـسي.

ثانيا ـ استقلال الشخصية أو مقومات الهوية:

وهذا النوع من الاستقلال هو الأصعب دوما، كما أنّه لا يتم بسهولة بعد احتلال الهوية وإلغاء اسم الجنسية، ولا ينتهي بسرعة أو بسهولة ـ أيضا ـ بعد استقلال الجنسية واسترجاع بعض السيادة الوطنية الشكلية، وهنا تكمن القضية.

فالاستراتيجية الاستعمارية (التقليدية)، بإمكانها أن تتخلى عن عشرات الاستقلالات الشكلية للجنسية، ولكنها لا تتخلى عن استقلال واحد للهوية الثقافية بالنسبة إلى قطر مهم من مستعمراتها السابقة، إذا كان هذا القطر ذا أهمية استراتيجية لها.  

ولكي يسترجع الاستعمار باليمنى ما افتقده باليسرى، كان لزاما عليه أن يضع كل ثقله للحيلولة دون تحقيق استقلال مقومات الهوية القومية لهذه البلاد ذات الثقل الاستراتيجي القاري، ولا استقلال تام  للشخصية كما هو معلوم، دون استقلال تام للثقافة في عمومياتها وثوابتها الطابعة والمميزة لهوية أية أمة من الأمم الحية في هذا الوجود عن الأمم الأخرى، ولا تحقيق للاستقلال الثقافي دون تحقيق الاستقلال اللغوي، الذي يبدأ باستعمال اللغة القومية من نظم أبيات الشعر، ونسج بيوت الشعر إلى اختراع القنابل الذرية وإطلاق الصواريخ العابرة للقارات والمحيطات، مثلما هو الشأن الطبيعي لدى الأمم ذات الشخصية المستقلة الجديرة بالبقاء في عالم الأقوياء، ولا نعدم الأمثلة الكثيرة عن مثل هذه الأمم المستقلة (سياديا وسياسيا والمتميزة ثقافيا، ومن ثم هوياتيا) في الوقت الحاضر، التي لم يكن بعضها شيئا مذكورا قبل قرن من الزمان.

والحقيقة بعبارة أخرى، تنحصر في أن بقاء استقلال الشخصية وتميز مقومات الهوية القومية لأي شعب من شعوب الدنيا، كفيل باسترجاع استقلال الجنسية لديه ولو بعد ضياعها.

مثلما وقع للفيتنام مع فرنسا، أو فرنسا ذاتها مع ألمانيا، أو اليابان مع كوريا، ويمكن أن تضاف   مستقبلا بلدان آخرى.

وإن ما حدث في ألمانيا، والفيتنام، واليمن، والصين، وما قد يحدث في كوريا وأذربيجان، وأرمينيا وكردستان من جهة أخرى، لأسطع برهان على ما نقول، حيث يبرهن لنا المثال الأول على عدم جدوى الجمع القسري لأمم متميزة الهوية القومية، في جنسية سياسية واحدة، حيث لا تلبث أن تطالب البلدان ذوات الشخصية المتميزة بالاستقلال السياسي (أو استقلال الجنسية)، لمجرد أن تشم قيود الاستبداد رياح الحرية، ويبرهن لنا المثال الثاني، بكيفية ساطعة وقاطعة على عدم جدوى الفصل بين أفراد أمة واحدة، في دولتين  موزعتين -قسرا- بين  معسكرين متعارضين، حيث لا تلبث الدولة المعزولة أن تطالب بالعودة إلى أصلها رغم الجدار (الأسمنتي المسلح)، العازل للجنسية عن الهوية، كما كان الشأن في ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، قبل سقوط جدار برلين (سنة 1989).  
ففي الحالة الأولى، يقع انفصال بعد اتصال لاختلاف مقومات الهوية، وفي الحالة الثانية، يقع اتصال بعد انفصال لاتفاق مقومات الهوية ومميزات الشخصية.

وهذه هي القضايا الجوهرية التي تراهن عليها القوى العظمى لتحطيم الدول الهشة المستضعفة، وتمزيقها من نقاط ضعفها والثقوب المحفورة في جدرانها، أو الألغام الموضوعة في بعض زوايا  بنيانها لإبقائها تحت وصايتها.

  ذلك  هو الفرق بين الهوية الفردية والهوية الوطنية والقومية.

ومن الملاحظ أن بعض الدول والشعوب كانت فاقدة للجنسية الورقية ومستقلة الهوية الوطنية تحت  الاحتلال، وقد أصبحت لاحقا مستقلة الجنسية الورقية، ولكنها ممسوخة الهوية ومذبذبة الانتماء.

وللموضوع بقية على كل حال؛ لأن كل الصراع  الحالي (السياسي والاقتصادي والعلمي والثقافي) الدائر  بين الدول المستقلة،  له علاقة بهذا الموضوع الوجودي، وكل بلد معرض في أي حين للغزو  والاحتلال، حتى يثبت بالفعل أنه جدير بما يدعيه من قوة دفاع وردع وسيادة وحصانة واستقلال.
التعليقات (0)

خبر عاجل