من أحببناهم أصبحوا ظلالا، نلمح
قسماتهم باهتة كلما نجونا من
الموت الذي لا يفتأ يطارد ظلالنا. ينعق في المدن
المهدّمة، يتجلّى رعبا في عيون أطفالنا، وقشعريرة في قلوبنا.
تاهت العناوين في الرّكام، هاجرت
الأعياد، وتشابهت الشوارع. لم يبق غير حجارة وحرائق تغطّي خرائط المدن، كل البيوت
أصبحت كومة من الإسمنت تضطجع بين طرق ترابية وعرة بلا معالم أو قسمات.
يحلّق الموت وينقضُّ مع الطائرات، وتنفجر قذائف الدبابة تحت الأقدام، وفي الوجوه وبين الخيام. يأخذ الموت حصَّته منّا مرَّة بعد أخرى، ولا بصيص للحياة أو النجاة. ندفن ما تبقى من الأشلاء ونمضي نحو موت جديد
إنهم ينتقمون من كل شيء.. من الشوارع
والنوافذ.. من ثيابنا، من بيوتنا، من طعامنا، من لحمنا ومن دمنا ومن أديم أطفالنا
ومن عناوين أحبائنا.
أصبحت مدارسنا بيوتا ومشافٍ،
ومشافينا مقابر وساحات إعدام، ومقابرنا حقول تحرثها جرافات جيش بلا أخلاق، إنهم
يطاردون حتى موتانا.
الموت لمن يحمل الماء للعطشى، ويُصلب
من يأتي بالدقيق للجوعى، فالعطش والجوع جنود أوفياء لـ"يهوه".
يحلّق الموت وينقضُّ مع الطائرات،
وتنفجر قذائف الدبابة تحت الأقدام، وفي الوجوه وبين الخيام. يأخذ الموت حصَّته
منّا مرَّة بعد أخرى، ولا بصيص للحياة أو النجاة. ندفن ما تبقى من الأشلاء ونمضي
نحو موت جديد.
ليس في أيدينا رماح أو بنادق، وليس
على صدورنا تروس أو نياشين، فهل تخافون وجوهنا أم يخيفكم تاريخنا وأسماء قرانا، أم
تخيفكم سنابلنا وضحكات أطفالنا، أم أحلام عودتنا التي تحملها النوارس كل صباح على
طول شواطئنا، كي تلقي السلام على أرضنا وقبور أجدادنا؟