على وقع التصريحات الرسمية
العراقية بالاستعداد للوقوف إلى جانب
النظام السوري في مكافحة ما وصفوه بـ"الإرهاب" في
سوريا، برزت تساؤلات عن مدى مشاركة العراق سواء بالقوات النظامية وسلاحه الجوي، أو عبر التنظيمات المسلحة المنضوية ضمن الحشد الشعبي.
وفي بيان نشرته وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري "سانا"، السبت، ذكرت أن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أبدى في اتصال مع رئيس النظام، بشار الأسد، استعداد العراق لتقديم كل الدعم اللازم لسوريا لمواجهة "الإرهاب"، مؤكدا تمسُّك بلاده باستقرار سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها.
وأصدر مجلس الاستخبارات الوطني العراقي، بيانا الأحد، عقب اجتماع برئاسة مستشار الأمن القومي، قاسم الاعرجي، قال فيه إن "ما يجري في سوريا هو أعمال إرهابية وسيقف العراق إلى جانب الشعب السوري الشقيق وجيشه في مواجهة الإرهاب".
"نفي رسمي"
بعد تقرير نشرته وكالة رويترز، الاثنين، عن دخول فصائل مسلحة من العراق إلى الأراضي السورية للقتال إلى جانب النظام السوري، ضد فصائل المعارضة، قالت وزارة الداخلية العراقية على لسان المتحدث باسمها، مقداد الموسوي، إنه "كلام إنشائي".
وخلال مؤتمر صحفي للمتحدث العراقي، ردا على سؤال له بشأن ما نشرته وكالة رويترز عن عبور فصائل مسلحة وصفتها بـ"الموالية لإيران" قال إن هذه المعلومات مجرد "كلام إنشائي" يُتداول على موقع "فيسبوك"، مؤكداً عدم وجود أي حركة مسجلة على الحدود.
وكانت وكالة رويترز نقلت عن مصدرين عسكريين سوريين (لم تكشف عن هويتيهما)، أن "فصائل دخلت سوريا من العراق لمساعدة القوات السورية في القتال".
اظهار أخبار متعلقة
ونقلت الوكالة عن مصدر وصفته بـ"البارز" في جيش النظام السوري، قوله إن "العشرات من مقاتلي الحشد الشعبي العراقي وصلوا إلى سوريا، عبر ممر عسكري قرب معبر البوكمال الحدودي".
وأوضح المصدر أن المقاتلين "سيتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية"، مشيرا إلى أنهم ينتمون إلى "كتائب حزب الله العراقية ولواء ’فاطميون’".
وعلى الصعيد ذاته، قال رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، فالح الفياض، إن توجيهات القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني، تضمنت زيادة التواجد وتعزيز القطعات على الجبهات.
وبخصوص دخول فصائل إلى سوريا، علق الفياض خلال مقابلة مع قناة "العراقية" الرسمية، بالقول: "أنفي بشكل قاطع دخول الحشد الشعبي إلى سوريا، والحشد لا يعمل خارج العراق".
وأضاف: "ما يحصل في سوريا له انعكاسات مباشرة على الأمن القومي العراقي، ويخسأ من يحاول التقدم على العراق".
وأعلنت وزارة الدفاع العراقية في بيان لها، الأحد، تحرك قوات عسكرية باتجاه الحدود الغربية للعراق، وأن قوات مدرعة من الجيش تحركت "لإسناد" الحدود الممتدة من مدينة القائم وصولا إلى الحدود الأردنية.
وعلى صعيد الفصائل المسلحة، فقد أصدر معظم قادتها بيانات أكدوا فيها دعمهم للنظام السوري ووقوفهم إلى جانبه، وعلى رأسهم أبو آلاء الولائي زعيم "كتائب سيد الشهداء"، وشبل الزيدي قائد "كتائب الإمام علي"، وعبد القادر الكربلائي القيادي في مليشيا "النجباء".
وهدد الولائي والزيدي بالتصعيد ضد تركيا التي اتهموها بالوقوف وراء ما يجري في سوريا، ودعم "الجماعات الإرهابية" هناك، فيما تداول ناشطون عراقيون مقطع فيديو يظهر فيه مهند العنزي، أحد قادة مليشيا "بدر" بقيادة هادي العامري، الذي يؤكد الانتشار في سوريا.
"تهديد للشيعة"
وبخصوص مشاركة المليشيات الشيعية للقتال في سوريا من عدمه، قال أستاذ الإعلام في العراق، غالب الدعمي، إن "الفصائل العراقية موجودة أصلا في سوريا قبل الأحداث الأخيرة، وأنها ترى أن القتال هناك ليس دفاعا عن النظام وإنما هو دفاع عن عقيدة ومنهج وسلوك".
وأضاف الدعمي لـ"عربي21"، أن "الجماعات العراقية المسلحة تعتبر أن ما تقوم به الفصائل السورية المدعومة من تركيا وغيرها، يمثل خطرا كبيرا على العقيدة الشيعية، وأنها تعتقد أن هذا الهجوم إذا نجح في سوريا فإنه سيقلص نفوذ الشيعة في العالم، وقد يمتد إلى العراق وإيران".
وتابع: "لذلك فإن تخوف الفصائل العراقية من هذه النتائج سيجعلها تنخرط في المعارك الدائرة في سوريا شئنا أم أبينا.. إما عبر الفصائل العراقية المتواجدة هناك مع فصائل ’زينبيون’ و’فاطميون’، أو عبر طريق الدعم اللوجستي المالي والغذائي والتدريبي والاستشاري".
أما ما يقال من أن العراق يريد النأي بنفسه عن الحروب بالمنطقة، فيعرب الدعمي عن اعتقاده بأن "الجانب العراقي لن يتمكن من النأي بنفسه، لأن سوريا والعراق بهذا العنوان (تهديد الوضع الشيعي) هما قصة واحدة".
ولفت إلى أن "أمريكا وإسرائيل تستهدفان منذ سنوات الفصائل العراقية في سوريا والعراق، لذلك فإن الأخيرة لا تخشى ذلك لأنها أساسا واقعة تحت الاستهداف قبل أحداث سوريا الحالية هذه، بالتالي فهي ماضية في طريقها للقتال هناك، لكن بحذر أكثر هذه المرة".
وفي المقابل، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، لـ"عربي21" إن "الفصائل المسلحة العراقية لن تتجرأ على إرسال أي جندي عبر الحدود العراقية السورية، لسببن، الأول: الخوف من التواجد الأمريكي على الحدود، خصوصا أن موقف أمريكا مما يحدث في سوريا اكتفى بالدعوة إلى الاهتمام بالجانب الإنساني، ونأى بنفسه عن ما يجري".
الأمر الآخر الذي يمنع دخول المليشيات العراقية إلى سوريا، بحسب العابد، هو "الصراع بين هذه الفصائل وإسرائيل، خصوصا أن الأخيرة توعدت بمهاجمتها، لذلك فإن تصريحات بعض الفصائل تدخل في باب الدعاية لدعم نظام الأسد، ولم يذهب أي مقاتل منها إلى سوريا حتى اللحظة".
ورأى العابد أن "ما ينشر عبر مواقع التواصل عن ذهاب مقاتلين إلى سوريا، غير صحيح، وأن من يظهر من الفصائل هم موجودون على الأراضي السورية أساسا قبل الأحداث، وما يحصل اليوم يندرج ضمن الدعم الإعلامي لنظام الأسد بأن هناك مقاتلين ذهبوا إلى سوريا".
اظهار أخبار متعلقة
وعن موقف الحكومة العراقية، قال العابد: "كنا نتمنى على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أن يتعامل مع ما يحصل في سوريا كما تعامل العراق مع الأزمة اللبنانية، وذلك بإرسال مواد إغاثية واستقبال للجرحى، وألا يكون البلد طرفا في الصراع الدائر هناك".
وأشار العابد إلى أن "الحدود العراقية مؤمنة ويفصل بين العراق وسوريا جدار كونكريتي، إضافة إلى أن هناك نحو 950 كاميرا مراقبة على طول الحدود، فضلا عن وجود قوات الحدود التي جرى دعمها بثلاثة ألوية، وبالتالي فإنه يستحيل عبور أي متسلل".
وأردف: "ما يجري من صراع في سوريا هو ليس باتجاه الحدود العراقية، وإنما نحو العاصمة دمشق، وبالتالي لا خوف على العراق إلا لو كان هناك رغبة كما حصل في 2014 بانسحاب الجيش العراقي، وترك الجماعات المسلحة تدخل إلى العراق".
وكانت حكومة الإنقاذ السورية، وجهت بيانا إلى الحكومة العراقية وشعب العراق، أكدت فيه أن "الثورة السورية انطلقت لتحقيق الحرية والكرامة وتحرير الشعب السوري من ظلم نظام الأسد".
وأكدت حكومة الانقاذ في بيانها، الأحد، أن "الثورة السورية لا تشكل تهديدا للأمن أو الاستقرار في العراق أو أي دولة أخرى في المنطقة"، مشددة على أن "سوريا لن تكون مصدر قلق أو توتر في المنطقة".