سياسة دولية

بالتجويع والحصار والقصف.. تعرف على خطة الاحتلال لتصفية شمال غزة

تبقى ما يقرب من 300 ألف فلسطيني بين أنقاض مدينة غزة شمال القطاع - الأناضول
تبقى ما يقرب من 300 ألف فلسطيني بين أنقاض مدينة غزة شمال القطاع - الأناضول
تناول تقرير "لمجلة +972" مطالبة وزراء إسرائيليين وجنرالات وأكاديميين بمرحلة جديدة حاسمة في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة وبالتحديد في الشمال.

وقال التقرير إنه في نهاية العام الجاري، أو ربما أوائل العام المقبل فإن الجيش الإسرائيلي سيبدأ عملية جديدة في شمال غزة. فقد أمر بإخلاء مؤقت لجميع السكان الفلسطينيين شمال ممر نتساريم٬ موضحًا أن "الجيش الإسرائيلي من المتوقع أن يتخذ إجراءات كبيرة في مدينة غزة خلال الأيام القادمة".

وأضاف أن "الأمر مشابه لما أصدره الجيش في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023 لأكثر من مليون فلسطيني كانوا يعيشون في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها في ذلك الوقت. لكن من الواضح للجميع أن إسرائيل تخطط لشيء مختلف تمامًا هذه المرة".

وتابع: "على الرغم من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت يلتزمان الصمت بشأن الأهداف الحقيقية للعملية، فإن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتامار بن غفير، بالإضافة إلى وزراء آخرين من اليمين المتطرف، يعلنون عنها بصراحة. هنا، يشيرون إلى برنامج اقترحه "منتدى قادة الاحتياط والمقاتلين"، الذي قاده اللواء (احتياط) غيورا إيلاند، قبل بضعة أسابيع فقط: الأمر بإخلاء جميع سكان شمال غزة خلال أسبوع، قبل فرض حصار كامل على المنطقة، بما في ذلك قطع جميع إمدادات المياه والطعام والوقود، حتى يستسلم من يبقى أو يموتوا جوعًا".

وفي الأشهر الأخيرة، دعا إسرائيليون بارزون أيضًا الجيش إلى تنفيذ حرب إبادة جماعية في شمال غزة. ففي مقابلة إذاعية في 15 أيلول/سبتمبر الجاري، أوضح الباحث البارز في جامعة تل أبيب، البروفيسور عوزي رابي قائلاً: "إزالة جميع السكان المدنيين من الشمال، وكل من يبقى هناك سيُعتبر قانونيًا إرهابيًا ويخضع لعملية تجويع أو إبادة". وفي آب/أغسطس الماضي، وفقًا لتقرير في موقع "واي نت"، بدأ وزراء الحكومة بالفعل في الضغط على نتنياهو لـ"تطهير" شمال غزة من سكانه.

ويتماشى مخطط رابي-إيلاند أيضًا مع اقتراح كتبه عدة أكاديميين إسرائيليين في تموز/يوليو الماضي بعنوان "من نظام قاتل إلى مجتمع معتدل: التحول وإعادة إعمار غزة بعد حماس". وفقًا لهذا الاقتراح، الذي قُدم إلى صناع القرار الإسرائيليين، فإن "الهزيمة الكاملة" لحماس هي شرط أساسي لبدء عملية "نزع التطرف" للفلسطينيين في غزة.

اظهار أخبار متعلقة


وقال المؤلفون: "من المهم أن يكون لدى الجمهور الفلسطيني أيضًا إدراك واسع لهزيمة حماس"، مضيفين أن "المساعدات الأولية" يمكن أن تبدأ في المناطق التي تم تطهيرها من حماس". وأعرب أحد مؤلفي الاقتراح، الدكتور هاريل خوريف، الباحث البارز في مركز موشيه ديان، حيث يعمل أيضًا رابي، عن دعمه الكامل لخطة التجويع التي يقترحها إيلاند.

لكن بالعودة إلى السيناريو الذي تم طرحه: "عملية النظام والتنظيف" تبدأ رغم أوامر الجيش بإخلاء المنطقة، إذ يظل حوالي 300 ألف فلسطيني بين أنقاض مدينة غزة والمناطق المحيطة بها، رافضين المغادرة. وربما يبقون لأنهم شاهدوا ما حدث لجيرانهم الذين غادروا في بداية الحرب، معتقدين أن الإخلاء كان مؤقتًا، وما زالوا حتى اليوم يتجولون في شوارع جنوب غزة دون مأوى آمن. أو ربما لأنهم يخشون حماس التي تدعو السكان إلى رفض أوامر الإخلاء الإسرائيلية. أو ربما لأنهم يشعرون بأنهم لم يعد لديهم ما يخسرونه.

ويفرض الجيش حصارًا كاملاً في غضون أسبوع على كل من تبقى في شمال غزة. وتشير وثيقة إيلاند إلى أن هناك حوالي 5000 من مقاتلي حماس في الشمال، لكن لا أحد يعرف عددهم الحقيقي – فهم يرفضون الاستسلام. وعلى التلفزيونات الدولية ووسائل التواصل الاجتماعي، يشاهد العالم مدينة غزة وهي تستهلكها المجاعة الجماعية. يقول السكان للصحفيين: "نفضل الموت على المغادرة".

وبحسب التلفزيون الإسرائيلي، فلا يقتنع المعلقون بأن هذه الخطوة ستكون حاسمة للفوز بالحرب. لكنهم يتفقون على أن "حملة التجويع والإبادة" أفضل من استمرار الجيش في التباطؤ في غزة. وحذرت بعض الأصوات في الاستوديوهات من الأضرار المحتملة للعلاقات العامة الإسرائيلية، لكن الخطة تحظى بدعم غالبية الجمهور اليهودي-الإسرائيلي. ففي غضون ذلك، يتم اعتقال المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل الذين يكثفون احتجاجاتهم ضد الإبادة الجماعية بسبب حتى مجرد منشورات على الإنترنت، وتقوم الشرطة بقمع التظاهرات التي ينظمها اليسار الراديكالي بالقوة.

اظهار أخبار متعلقة


يعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن قلقه، مؤكدًا أن واشنطن ملتزمة بسلامة أراضي غزة وحل الدولتين، ويحذر من أن هذه الحملة قد تعرقل المفاوضات بشأن اتفاقية الرهائن - لكن نتنياهو يبقى غير متأثر. وتحت ضغط من اليمين، الذي يرى في طرد سكان مدينة غزة فرصته لتدمير المنطقة بالكامل وبناء مستوطنات على أنقاضها، يبدأ الجيش المرحلة التي وصفها رابي بـ"الإبادة".

ولأن الجيش ادعى أن المدنيين بإمكانهم مغادرة شمال غزة - رغم أن الجنود يطلقون النار بشكل عشوائي على المدنيين الفلسطينيين الذين يحاولون الإخلاء - فإنه يتعامل مع كل من تبقى في المدينة على أنهم إرهابيون. هذه الاستراتيجية تتماشى مع ما قاله المقدم "أ"، قائد سرب الطائرات بدون طيار في سلاح الجو الإسرائيلي، لموقع "واي نت" في آب/أغسطس الماضي حول عملية إنقاذ الرهائن في مخيم النصيرات: "من لم يهرب، حتى لو كان غير مسلح، من وجهة نظرنا، كان إرهابيًا. كل من قتلناه كان يجب أن يُقتل".
التعليقات (0)