سياسة عربية

ما علاقة المقاطع المصورة للحشاني في إقالته من رئاسة الحكومة بتونس؟

الحشاني كشف أن أزمة المياه بتونس سببها الجفاف وليس المؤامرة كما يزعم سعيد- صفحة الحكومة على فيسبوك
الحشاني كشف أن أزمة المياه بتونس سببها الجفاف وليس المؤامرة كما يزعم سعيد- صفحة الحكومة على فيسبوك
رسميا تسلم رئيس الحكومة التونسية الجديد كمال المدوري، مهامه الخميس، خلفا لأحمد الحشاني الذي تمت إقالته بعد وقت وجيز من نشر فيديوات عبر صفحة الحكومة ظهر فيها، ولأول مرة متحدثا عن إنجازات حكومته بعد عام من عملها.

إقالة غير متوقعة إلى حد كبير بحسب أغلب المتابعين، ولكن اعتبروها بمثابة الدليل القاطع على حالة الارتباك والتأزم السياسي مع قرب موعد الاقتراع الانتخابي وفي علاقة بالوضع الاجتماعي خاصة في موضوع انقطاع الماء المتكرر وما نتج عنه من احتجاجات بالجهات.

الحكومات والوضع

ويعد كمال المدوري خامس رئيس حكومة في عهدة الخمس سنوات لقيس سعيد، والثالث ما بعد إجراءات 25 يوليو/ تموز 2021 وهو آخر وزير مكلف يلتحق بالحكومة في أيار/ مايو المنقضي بعد تكليفه بحقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية.

ومع بداية حكم سعيد ترأس إلياس الفخفاخ الحكومة لتتم إقالته وتعيين هشام المشيشي من بعده وفي ليلة الخامس والعشرين من يوليو 2021، وإثر اجتماع مجلس الأمن القومي تم إعفاؤه وتكليف نجلاء بودن برئاسة الحكومة وفي خطوة مفاجئة وغير متوقعة يتم الإعلان أيضا عن إقالتها وتكليف الحشاني خلافا لها فوجد بدوره نفس المصير .

وشهدت جميع الحكومات إقالات كثيرة في الوزراء وكبار المسؤولين ولم تعرف استقرارا، حيث كانت الإعفاءات متواترة ويتم الإعلان عنها عبر بلاغات رئاسية وفي ساعات متأخرة من الليل دون تقديم توضيحات للرأي العام وهو ما كان يطرح عديد التساؤلات .

اظهار أخبار متعلقة


ولعل أبرز الإعفاءات كانت مع وزير الداخلية توفيق شرف الدين وخلفه كمال الفقيه، ووزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، ووزير التربية محمد علي البوغديري وغيرهم، والذين يعتبرون جميعهم من الدائرة المقربة للرئيس وفق مراقبين .

الإقالات كانت أيضا متواترة في صلب الإدارات وأيضا بشكل لافت في الولاة والعمد وآخرها ما حصل من إعفاء  14 عمدة في محافظة صفاقس وحدها منذ أسبوعين.

مع بداية حكم الحشاني كانت أزمة فقدان المواد الغذائية الأساسية وغلاء الأسعار وتواجد أعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة أبرز التحديات الاجتماعية المطروحة بالبلاد، مع تواصل التأزم السياسي وبشكل لافت مع حملة الإيقافات لعشرات السياسيين ورجال الأعمال والصحفيين.

فقد انفرجت أزمة المواد بشكل ملحوظ، وفي الأشهر الأخيرة استقرت السوق ولكن برزت أزمة أخرى وهي شح المياه والانقطاع المتكرر خاصة بالمناطق الداخلية ما نتج عنه من احتجاجات وقطع للطرقات .

وتظهر آخر الأرقام في تموز/ يوليو المنقضي أن نسبة امتلاء السدود لا تتجاوز الـ25 بالمائة، فالبلاد تعاني الجفاف منذ سنوات متتالية ما أثر بشكل كبير على المخزون وسط تصاعد التحذيرات بضرورة إيجاد حلول سريعة للأزمة، في مقابل ذلك يؤكد الرئيس سعيد أن قطع الماء تقف وراءه لوبيات لأجل تأجيج الأوضاع .

ما علاقة فيديوهات الحكومة؟

وقال الصحفي زياد الهاني إنه رغم صعوبة امتلاك معلومات واضحة عن إقالة الحشاني "لكنني أتساءل عن مدى علاقة إقالته بظهوره الإعلامي لعرض ما اعتبره إنجازات حكومته، والحال أن ما نعرفه عن سياسة أعضاء الحكومة هو الصمت وعدم ‏الظهور الإعلامي ".

وفسر الهاني في حديث لـ"عربي21" أن المتحدث الوحيد عن السلطة التنفيذية هو رئيس الجمهورية، خاصة أن الحشاني لم يحصل على ما يبدو على إذن من رئيس الجمهورية لمخاطبة الرأي العام.

وأضاف: "السؤال الثاني هو مدى علاقة الإقالة بتأكيده على أن الشح المائي ناتج عن الجفاف الذي تشهده البلاد منذ عدة سنوات، وليس نتيجة مؤامرات تخريبية مثل ما فتئ يردده رئيس الدولة؟".

يشار إلى أن رئاسة الحكومة قد نشرت قبل وقت وجيز من إقالة أحمد الحشاني مقاطع مصورة، قال فيها الأخير إن الحكومة بذلت جهودا كبيرة لأجل انتظام تزويد السوق بالمواد الأساسية، وتوفير الموارد المالية اللازمة لتوريد الحاجيات الأساسية خاصة الحبوب باعتبارها تهم الأمن الغذائي .

وتحدث الحشاني أيضا عن الشح المائي، بسبب تواتر سنوات الجفاف كاشفا أن الحكومة قامت بمراجعة مجلة المياه بإحكام التصرف في الموارد المائية إلى جانب وضع حلول بديلة كتحلية مياه البحر .

التوقيت الانتخابي

من المنتظر أن تجرى انتخابات الرئاسة في السادس من أكتوبر القادم وقد انتهت رسميا عملية قبول الترشحات والتي بلغت 17 ترشحا على أن تعلن الهيئة الجمعة القادم، عن القائمة الأولية المقبولة وفي أيلول القادم وبعد انقضاء الطعون يتم الإعلان النهائي للمترشحين .

وقال المحلل السياسي نور الدين الغيلوفي: "لا نفهم حدث عزل أحمد الحشّاني إلّا بالعودة إلى حدث تعيينه بعد عزل سلفه نجلاء بودن، لو كان أحد يدري سبب عزل بودن فسيعلم سبب عزل الحشّاني، ولو كان أحد يعرف الكفاءة التي على أساسها وقع اختياره فسيعلم لماذا انتُدب رئيس الحكومة الذي جيء به بعده".

وأوضح لـ"عربي21" أن "رؤساء الحكومات والوزراء، في حكم قيس سعيّد، يأتون ويصرفون ولا يتكلمون ولا ينجزون، فكيف سيعرفهم الناس؟ فالسؤال عن سبب الإقالة قرين السؤال عن سبب التعيين".

وتابع: "جرت عادة الحاكم العربيّ أن يعمد بعد الانتخابات إلى تغيير رئيس حكومته ليوحيَ بأنّه بدأ عهدته الجديدة بحكومة جديدة، لسان حاله يقول لقد ذهب الفشل مع الحكومة السابقة فتوقّعوا النجاح مع الحكومة الجديدة، ويخلع على الناس عهدة توقّع أخرى" .

وأضاف: "أمّا قيس سعيّد فقد عزل رئيس وزرائه والانتخابات الرئاسية على الأبواب، الأصل أن يبحث رئيس يطلب إلى الشعب انتخابه لعهدة ثانية عن استقرار عمل حكومته خاصّة في موسم السبات الحكوميّ الصيفيّ، لأنّ تغيير رئيس الحكومة سيحدث على عملها ارتباكا لن يكون في صالح الرئيس، خاصّة في سياق انتخابيّ مثل الذي تمرّ به البلاد، ولكن لأنّ الحكومة لا تعمل فإنّ العزل والتعيين نظيران وليسا نقيضين ".

واعتبر الغيلوفي أن "الأرجح أنّ قيس سعيد لا يخضع لمعايير معلومة ولا يحتكم إلى قوانين مرعيّة، فهو يتحرّك على غير منهج أو وفق خطّة باطنيّة يحجر على الناس الاطّلاع على هندستها تحجيرا ".

اظهار أخبار متعلقة


وأشار المحلل إلى أنه "يبدو أنّ قيس سعيّد يستشعر مأزقا لا يرى نفسه مسؤولا عنه، لقد فاجأه المناخ الانتخابيّ المضطرب لمّا عرف بإصرار المترشّحين على منافسته على الكرسيّ بعد أن اطمأنّ إلى انصرافهم عنه بمقاطعة الاستحقاق الانتخابيّ الرئاسيّ مثلما فعلوا مع الانتخابات التشريعية".

وواصل: "لقد كان مرتاحا إلى المقاطعة غير عابئ بنسبة الإقبال على الانتخابات.. المهمّ، لديه، أن تتمّ العملية على الوجه الذي تتمّ عليه، ولكن هذا المأزق لم يجد له حلّا ولم يرَ حوله من يحلّه، لذلك كان لا بدّ من ضحيّة يلبسه التخبّط الذي تشهده البلاد ".

وختم الغيلوفي بأنه "جاء الرجل صامتا وخرج كذلك، قيس سعيّد لا يأتي بمستشارين ولا بوزراء مقتدرين مثلما كان يفعل بن علي، هو لا يحبّ ذلك ولا يريد إنجازا يمكن أن يكون على يد غيره ، هو الذي ينتدب جميع المسؤولين الذين يرضى عنهم ولأنّ عمر رضاه الافتراضيّ قصير فهو لا يتردّد في أن يعزل من كان بالأمس عيّنه".
التعليقات (0)