نشرت صحيفة "
غازيتا" الروسية، تقريرًا، تحدّثت فيه عن تلخيص أوروبا نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي التي تستغرق أربعة أيام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن النتائج الأولية أدّت إلى حل المجلسين التشريعيين في بلجيكا وفرنسا، وأعادت ألمانيا عمليا إلى الماضي، وأثارت الشكوك حول شعبية الأجندة "الخضراء" في
الاتحاد الأوروبي.
وتضيف الصحيفة، أن التصويت قد عزّز الاتجاه الأوروبي نحو تعزيز موقف القوى اليمينية؛ حيث جرت انتخابات البرلمان الأوروبي بين السادس والتاسع من حزيران/ يونيو.
وفي إطار التصويت؛ تنافست الأحزاب الأوروبية من 27 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي على 720 مقعدًا في الهيئة التشريعية الرئيسية فوق الوطنية للاتحاد. بشكل عام؛ هناك ثمانية فصائل يمكن تقسيمها بشكل مشروط إلى معسكرين؛ مؤيدين لأوروبا ومتشككين في الاتحاد الأوروبي.
الحسابات الأولية
ووفق
الصحيفة؛ فقد كان المعسكر المؤيد لأوروبا يسيطر على البرلمان الأوروبي على مدى الخمسين سنة الماضية. وهو يشكل الأغلبية البرلمانية، ويسير العملية التشريعية على المستوى فوق الوطني، وهو مسؤول عن تشكيل قيادة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي، واقتراح المرشحين للموافقة على رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي.
وتستبعد عمليات فرز الأصوات الأولية حدوث تغييرات جوهرية في توازن القوى الراسخة في البرلمان الأوروبي، على الرغم من أن الأحزاب المؤيدة لأوروبا لم تحصد أفضل النتائج. ويتصدر حزب الشعب الأوروبي، الذي يضم رئيسة المفوضية الأوروبية الحالية، أورسولا فون دير لاين، الطليعة، بحصوله على 185 مقعدا، يليه الاشتراكيون بحصولهم على 137 مقعدًا. بينما حصل حزب تجديد أوروبا على المركز الثالث بـ 79 مقعدًا.
واحتل المحافظون والإصلاحيون اليمينيون المركز الرابع بـ 73 مقعدًا مقابل 68 مقعدًا في 2019. بينما احتل حزب الهوية والديمقراطية المركز الخامس بـ 58 مقعدًا يليه حزب الخضر بـ 52 مقعدًا. وقد حصل اليسار على المركز السابع ب 35 مقعدا. في حين كان المركز الثامن من نصيب المستقلين، النواب الذين لم ينضموا إلى أي كتلة، بـ 109 مقاعد.
تجاوزت نسبة المشاركة هذا العام بشكل طفيف نتيجة الانتخابات قبل خمس سنوات، بحيث أدلى 51 بالمئة من الناخبين بأصواتهم مقارنة بسنة 2019، حيث بلغت نسبة المشاركين 50.66 بالمئة.
التغيرات الداخلية
وذكرت
الصحيفة أن كتلة "تجديد أوروبا" الليبرالي خسر أكثر من 20 مقعدًا في البرلمان الأوروبي بسبب فشل حزب النهضة الرئاسي في
فرنسا. وقد حصدت القوة السياسية التي يقودها إيمانويل ماكرون 15.4 بالمئة فقط من الأصوات، في حين حصل منافسه الرئيسي، حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف على 32 في المئة. وردًّا على ذلك، قام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بحل البرلمان بالفعل، فيما دعا إلى إجراء انتخابات مبكرة في 30 حزيران/ يونيو.
ونشأت مشكلة مماثلة في ألمانيا، حيث حصل الحزب الديمقراطي الاشتراكي، وهو جزء من الائتلاف الحاكم، على 14 بالمئة فقط من الأصوات، وهي أسوأ نتيجة يحققها الحزب منذ الحرب العالمية الثانية. وفاز حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض في ألمانيا بنسبة 30 بالمئة من الأصوات، واحتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 15.9 بالمئة.
وتم حل البرلمان في بلجيكا؛ فإلى جانب انتخابات البرلمان الأوروبي، تم إجراء تصويت وطني ترتب عنه استقالة الحكومة بسبب فشل الحزب الحاكم وحصوله على 5.45 بالمئة فقط من الأصوات. وفاز حزب "التحالف الفلمنكي الجديد" بالمركز الأول في بلجيكا بنسبة 16.7 بالمئة تلاه حزب المصلحة الفلمنكية اليميني المتطرف بنسبة 13.7بالمئة.
وواجه حزب الشعب النمساوي الحاكم مشاكل، فقد حصل حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف على المركز الأول في الانتخابات ب 25.7 بالمئة، واحتل حزب المحافظين الحاكم المركز الثاني بنسبة 24.7 بالمئة من الأصوات، بينما حصل الحزب الديمقراطي الاشتراكي على المركز الثالث بنسبة 23.2 بالمئة من الأصوات.
اظهار أخبار متعلقة
ولفتت الصحيفة إلى أن قوى اليمين المتطرف عزّزت نجاحها في إيطاليا، حيث ترأس حزب إخوان إيطاليا الحكومة. والأمر سيان بالنسبة للمجر بفوز حزب "فيدس" وفي إسبانيا تصدّر حزب "فوكس" المعارض المركز الثالث بحصوله على ضعف عدد الأصوات التي حصل عليها في انتخابات 2019. ومع ذلك، من المستبعد حتى الآن الحديث عن تحول كامل لأوروبا نحو اليمين.
السؤال حول الأهمية
وذكرت
الصحيفة أن تقييمات الخبراء حول النتائج الأولية لانتخابات البرلمان الأوروبي تتباين، فبحسب تيموفي بورداتشيف، وهو مدير برنامج نادي فالداي الدولي، فإن نتيجة التصويت لا تلعب دورًا خاصًّا حتى بالنسبة للأوروبيين أنفسهم.
ويقول بورداتشيف: "نجح الشعب الأوروبي في التنفيس عن غضبه. في الواقع، لا يعني تكوين البرلمان الأوروبي أي شيء، فإن القرارات التي يمكنها تغيير مسار الحياة بطريقة أو بأخرى لا تعتمد عليه".
بدورها، ترى الخبيرة ليودميلا بابينينا، أن الانتخابات انتهت بتعزيز متوقع لمواقف اليمين وخسائر الخضر على خلفية الاحتجاجات التي قام بها المزارعون في جميع أنحاء أوروبا.
وتصيف بابينينا: "الأمر المثير للاهتمام هنا هو كيفية توزيع الأحزاب في المستقبل. فمثلاً إلى من سينضم نواب إخوان إيطاليا؟ من الناحية النظرية، ينبغي عليهم الانضمام إلى فصيل المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين. لكن فون دير لاين تعول على إدراجهم في الكتلة الشعبية. بالنظر إلى وجود الكثير من النواب المستقلين فإن التكوين الداخلي الدقيق للبرلمان الأوروبي لا يزال غير معروف".
العامل الروسي
وأوردت الصحيفة أن انتخابات البرلمان الأوروبي لا يمكنها تغيير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، التي تشهد مشاكل خطيرة في ضوء الصراع في أوكرانيا. رغم عدم تحديد البرلمان الأوروبي مسار السياسة الخارجية غير أن أغلبيته تحتفظ بالقوات المؤيدة لأوروبا والتي تدعو إلى استمرار الدعم لكييف، بما في ذلك الدعم العسكري.
من جانبها، لا تتوقع
روسيا حدوث تغييرات بشكل خاص. ووفقًا للمتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، فإنه ساعد التصويت في الحفاظ على الأساس الأيديولوجي في البرلمان الأوروبي لدعم "مسار التدمير الذاتي للاتحاد الأوروبي القائم على كراهية روسيا". بينما أشار السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف إلى أن الأغلبية في البرلمان الأوروبي ستكون مؤيدة لأوروبا وأوكرانيا.
ووفقًا لبورداتشيف فإن دور البرلمان الأوروبي لا أهمية له ويعتمد كل شيء على نتائج الانتخابات الوطنية، بما في ذلك التي ستعقد قريبا في فرنسا.
اظهار أخبار متعلقة
وتابع بورداتشيف بالقول: "إنهم يقررون شيئًا ما حقًا ويمكن أن يكون لهم بعض الأهمية للسياسة. ماكرون نفسه، الذي أعلن عن التصويت المبكر، لديه الآن السبق للتحضير له وتغيير خطابه مع الأخذ في الاعتبار رأي الفرنسيين الذي عبروا عنه في انتخابات البرلمان الأوروبي".
وفي الوقت نفسه، تستبعد ليودميلا بابينينا، تغيّر شيء بالنسبة لروسيا بعد انتخابات البرلمان الأوروبي.
وفي ختام التقرير تقول بابينينا: "لن يدعم أي حزب رفع العقوبات وتقليص دعم أوكرانيا. وبهذا فإن البرلمان الأوروبي هو المؤسسة الأكثر راديكالية في الاتحاد الأوروبي. وعليه، فإنه لن يتغير شيء بالنسبة لروسيا".