ذكر
معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن عمليات الفصائل المسلحة
العراقية ضد
الاحتلال تتزايد باطراد الأمر الذي قد يستدعي انتقاماً علنياً داخل العراق، على الرغم من أن عددا قليلا نسبيا من الطائرات المسيّرة أو
الصواريخ تصل إلى "إسرائيل".
وبين تحليل للمعهد، أنه في النصف الأول من أيار/مايو، وللشهر الثالث على التوالي، ازدادت
الهجمات اليومية التي تتبنى الفصائل المدعومة من إيران في العراق شنّها ضد دولة الاحتلال ليصل معدلها إلى ضعف ما كان عليه في نيسان/أبريل.
وأعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن هذه الهجمات، وهي الجهة التي تنضوي تحت رايتها الجماعتان المصنفتان على قائمة الإرهاب الأمريكية، "كتائب حزب الله" و"حزب الله النجباء"، واتحادات أصغر حجماً تستخدمها لتبني الهجمات، وفق المعهد.
اظهار أخبار متعلقة
وقال المعهد في تحليله، "منذ كانون الثاني/يناير 2024، تفوقت الفصائل العراقية على الحوثيين من حيث الضربات الموجهة ضد إسرائيل، حيث زادت هذه الهجمات اتساقاً وعددا بعد أن أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق عن تعليق شبه كامل لضرباتها على القوات الأمريكية في 4 شباط/فبراير - وقد نتج هذا القرار نتيجة تصعيد ردود الفعل العسكرية الأمريكية وتزايد إحراج الحكومة العراقية بشأن الهجمات المعادية للولايات المتحدة".
وتابع، "بعد أن ساد الهدوء في شباط/فبراير شهدت الأشهر الثلاثة الماضية تصعيداً كبيراً ضد إسرائيل، والذي جاء كما يبدو كمتنفس للعجز الذي شعرت به الفصائل بعد أن تلقت أوامر بالتوقف عن مهاجمة القواعد الأمريكية".
كما أن تبني الهجمات على دولة الاحتلال مكّن الجماعات العراقية من إثبات مصداقيتها كحركات "مقاومة" في خضم الحرب المستمرة في غزة، بحسب المعهد.
وشملت الحملة النشطة المناهضة للاحتلال عدة اتجاهات جديدة مثيرة للاهتمام، وفق المعهد منها:
التركيز على موانئ الاحتلال
وبحسب التحليل فقد كان الهدف الأول والأثر المنشود لمعظم الضربات العراقية والحوثية التي شُنت في هذه الحملة هو حصار الاحتلال.
وظهر هذا الدافع جليا في النقاشات التي دارت بين الميليشيات حول الروابط البرية بين الأردن والأراضي المحتلة.
وبذلك ارتفع هذا الشهر معدل الهجمات على الموانئ الإسرائيلية ليصل إلى 0.93 يومياً بعد أن كان 0.3 في نيسان/أبريل و0.009 بين تشرين الثاني/نوفمبر وآذار/مارس.
زيادة الترويج لفيديوهات الإطلاق
يترافق إعلان مسؤولية "المقاومة الإسلامية في العراق" عن الهجمات مع مقاطع فيديو يتم نشرها بأعداد أكبر مما نُشر قبل شهر آذار/مارس، وغالباً ما تكون ذات جودة عالية.
كما يتم تصوير بعض عمليات الإطلاق الفردية من زوايا مختلفة لتوفير مقاطع فيديو متعددة لاستخدامها في إعلان تبني الهجوم الواحد.
وقال المعهد، من وجهة نظر "الأضواء الكاشفة للميليشيات"، فقد توخت "المقاومة الإسلامية العراقية" الحذر نسبيا وحرصت على عدم المبالغة في إعلاناتها خلال حرب غزة، بمعنى آخر، من المحتمل أن تكون مقاطع فيديو الإطلاق هذه حقيقية وتُظهر ما ترمي إلى إظهاره.
اظهار أخبار متعلقة
الاستخدام المتزايد لصواريخ "الأرقب" المرتبطة بـ"كتائب حزب الله"
وأوضح المعهد، أن هذه الصواريخ استخدمت (اسمها الإيراني "بافيه" ويطلق عليها الحوثيون اسم "القدس") في سلسلة من الهجمات في كانون الثاني/يناير، من بينها عملية إطلاق فاشلة قام بعدها مواطنون عراقيون بتصوير صاروخ كامل.
وتابع، "بيد أن استخدام صواريخ "الأرقب" تَسارع بشكل كبير وجرى ترويجه على نطاق واسع منذ نيسان/أبريل".
ويرى التحليل، "أن سلسلة الهجمات هذه تبدو مرتبطة بشكل أساسي بمناطق إطلاق كتائب حزب الله في جنوب بغداد، مما يدعم التقييم المبدئي بأن إيران تزود حصرا كتائب حزب الله بمنظومات الأرقب".
الاستخدام المتخصص للطائرات المسيرة من نوع "كه إيه إس-04" المرتبطة بـ"كتائب حزب الله".
وأردف تحليل المعهد، أنه لم تظهر
الطائرات المسيرة البيضاء من طراز "كي إيه إس-04 في تايل" (التي يطلق عليها الحوثيون اسم "صماد") سوى في مقطعَي فيديو من أصل عشرين مقطعاً عن إطلاق الطائرات المسيرة.
في حين ظهرت الطائرات المسيرة السوداء من طراز "شاهد-101 أكس تايل" في ثمانية عشر مقطع فيديو. وكان لكل من الهجومين بطائرات "كيه إيه إس-04" جانب خاص به: فقد كان الأول (في 27 نيسان/أبريل) لمسلحين بحرينيين مقربين من "كتائب حزب الله".
بينما تم تحديد الثاني (في 13 أيار/مايو) ونُفذ بطائرة مسيرة من طراز "الأرفد"، وليس من قبيل الصدفة أن الأخيرة تشترك في الاسم مع أرفد (المعروف أيضاً باسم أبو كرار الحميداوي)، وهو الأخ المتوفى للأمين العام لـ"كتائب حزب الله"، أحمد محسن فرج الحميداوي (المعروف أيضاً باسم أبو الحسين). وكان أرفد أهم صلة وصل بين عائلة الحميداوي وبين "كتائب حزب الله" و"حزب الله اللبناني"، وقد قُتل في سوريا في عام 2013، بحسب التحليل.
اظهار أخبار متعلقة
تقييم تركيز حركة "حزب الله النجباء" على شن هجمات باستخدام الطائرات المسيرة "شاهد-101"
ويشير التحليل إلى أن حركة حزب الله النجباء تركز بشكل أساسي على شن هجمات بطائرات مسيرة أصغر حجماً من نوع "أكس تايل" في أنحاء سوريا وتجاه إسرائيل، ولا يستطيع سوى عدد قليل جداً منها قطع المسافة الطويلة عبر المجال الجوي الخاضع للمراقبة الإسرائيلية والأمريكية.
وأوضح المعهد، "ربما إسرائيل بما يكفي من الحجم الكبير لهذه الهجمات كي ترد على الحركة في سوريا، مع الإشارة إلى أن غارة جوية إسرائيلية دمرت في 8 أيار/مايو مركزا ثقافيا (وموقع تشغيل محتمل) لحركة حزب الله النجباء في منطقة "السيدة زينب في دمشق".
ومن البديهي أنه إذا ازدادت هجمات الميليشيات العراقية على إسرائيل، أو أدت إلى وقوع إصابات، أو حتى إذا استمرت في مضايقة الموانئ الحيوية، فسيرتفع خطر قيام إسرائيل بعمليات داخل العراق. وبالتالي قد تزيد الضربات الإسرائيلية من مستوى التهيّج في صفوف الميليشيات والكتل السياسية العراقية، ليس ضد إسرائيل فحسب، بل تجاه الوجود الأمريكي أيضاً.