شهدت إسطنبول أكبر تجمع انتخابي لحزب "العدالة والتنمية" بحضور
أردوغان بهدف دعم مرشحه مراد
كوروم لرئاسة بلدية المدينة، إلا أن الرئيس التركي لم يكن راضيا عن عدد الحضور، في حين أشار مراقبون إلى أن نسبة المشاركة أظهرت مدى صعوبة تمكن أردوغان من استعادة إسطنبول من كنف المعارضة.
والأحد، أشار أردوغان خلال خطابه في التجمع الانتخابي الذي حمل اسم "إسطنبول من جديد"، وتابعته "عربي21"، إلى أن عدد الحضور وصل إلى 650 ألفا، لكنه أكد أنه معتاد على حضور ما يقرب من مليون ونصف في الميدان الذي احتضن الفعالية الانتخابية بمطار أتاتورك.
ورصدت "عربي21" الميدان الذي شهد تجمع أردوغان الانتخابي، فرغم امتلائه لفترات وجيزة بالمشاركين إلا أن مساحات فارغة كبيرة كانت تبدو بوضوح بين جموع الحاضرين، فيما انسحب جزء كبير من أنصار الرئيس التركي من الساحة خلال حديثه ما أدى إلى فراغ ملحوظ في المقدمة.
ورأى الصحفي التركي فاتح ألتايلي أن حديث أردوغان عن اعتياده على أعداد أكبر في التجمعات الانتخابية الكبرى في إسطنبول، موجه إلى مراد كوروم وكادر حملته، في إشارة إلى امتعاضه من عدم قدرتهم على حشد تظاهرة مليونية في أول نزول له إلى الميدان ضمن الانتخابات المحلية في المدينة التي تحظى بأهمية عالية لدى أردوغان، حسب حديث ألتايلي عبر قناته على منصة "يوتيوب".
"خيبة أمل لأردوغان"
بدوره، قال الكاتب التركي رشوان تشاكر إن أردوغان قال بأسلوب عتاب إنه شاهد في السابق "مليونا ونصف مليون" شخص في المكان ذاته، لكن هذه المرة توقف عدد الحضور عند "650 ألفا".
وأضاف في مقال نشر بصحيفة "ميديا سكوب" المحلية، أن "هذه الأرقام هي أحد المواضيع الرئيسية للنقاش والاستقطاب بعد كل تجمع انتخابي. وأنا شخصيا لست في وضع يسمح لي بالإجابة على سؤال حول عدد الأشخاص الذين شاركوا في المسيرة، فهذا ليس مجال خبرتي، لكنني أعتقد أن العدد الذي قدمه السياسيون (أردوغان) يجب أن يقسم على اثنين على الأقل".
ولفت إلى أن "نسبة المشاركة لم تكن قليلة، ولكن من الواضح أن أردوغان، الذي جمع حشودا أكبر بكثير في نفس المكان وعلق أهمية غير عادية على إسطنبول، أصيب بخيبة أمل"، موضحا أن "النقطة اللافتة الأخرى هي أن أولئك الذين حضروا التجمع بدأوا بمغادرة المنطقة حتى قبل أن ينهي أردوغان خطابه. لدرجة أنه عندما استقبل أردوغان جميع مرشحيه لبلديات أحياء إسطنبول على المنصة، لم يبق في المنطقة سوى ربع الحشد".
واستدرك تشاكر بالقول إنه "مما لا شك فيه أن شهر رمضان له تأثير على انخفاض نسبة المشاركة، لكن هذه ليست المرة الأولى التي تجرى فيها الانتخابات في رمضان في تركيا. علاوة على ذلك، يمكن لحزب العدالة والتنمية، الذي يتمتع بمثل هذه الفرص الواسعة، أن يحول شهر رمضان من وضع سلبي إلى ميزة، ومن الواضح أنهم حاولوا ولكن ذلك لم ينجح".
وشدد على أن هذا التجمع أظهر أنه كان من الصعب جدا على أردوغان الفوز مجددا بإسطنبول بحزبه ودعم حزب الحركة القومية فقط (شريك العدالة والتنمية في تحالف الجمهور).
على ضوء ذلك، اعتبر الكاتب التركي أن كوروم يواجه صعوبة في التعامل مع مثل هذا العبء الضخم والتنافس مع منافسه المعارض، رئيس البلدية الحالي من حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو. و"لذلك يحدث ما هو متوقع ويتدخل أردوغان" في سباق الانتخابات المحلية المحتدم.
هل يعني انخفاض الحضور خسارة الانتخابات؟
أشارت الصحفية التركية غوكسال غوكسو، إلى أنها "كانت تتوقع أن يتحول التجمع الانتخابي في مطار أتاتورك إلى استعراض للقوة (عبر الحضور المليوني)، إلا أن ذلك لم يحصل بسبب نسبة المشاركة الضئيلة مقارنة بالمسيرة الحاشدة في المنطقة ذاتها التي جرت قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية في 14 أيار /مايو 2023، حيث اكتظ الميدان بمئات الآلاف، كما أغلقت الطرق المؤدية إلى المطار بسبب فيضانات المركبات والأشخاص، كما كان تجمع فلسطين الكبير الذي انعقد يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر كذلك".
وتساءلت إذا ما كان انخفاض الحضور في التجمع الحاشد يعني أن حزب العدالة والتنمية سيخسر الانتخابات، لتؤكد أنها لم تستنتج مثل هذا المعنى أبدا.
وتابعت: "لننظر للأمر بشكل معكوس، لو امتلأ الميدان هل نقول إن حزب العدالة والتنمية سيفوز بانتخابات إسطنبول؟، على الرغم من أن هذا الوضع (ارتفاع نسبة المشاركة) من شأنه أن يوفر ميزة نفسية لجناح حزب العدالة والتنمية".
وأوضحت أن النقطة الأساسية التي تود الإشارة إليها هي أن الميدان كان فارغا، لكنه لم يكن فارغا في الوقت ذاته، مشيرة إلى أن "أولئك الذين حضروا لم يكن لديهم شعور الحماس الذي طبع الساحات في السنوات الماضية، والذي يجب أن أعترف أنني كنت أشاهده أحياناً بحسد".
اظهار أخبار متعلقة
وأضافت أنه خلال التجمع الانتخابي الأحد "كان مطار أتاتورك مكانا يجتمع فيه الأفراد واحدا تلو الآخر، بصرف النظر عن أنهم متحدون في قضية واحدة"، معتبرة أن الحضور "دخلوا منطقة التجمع كما لو كانوا يزورون أقاربهم لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، ثم غادروا قبل أن ينهي المضيف كلمته".
ومن المقرر فتح صناديق الاقتراع في 81 ولاية وقضاء تركيًا أمام الناخبين، الأحد المقبل، من أجل انتخاب رؤساء البلديات الكبرى والفرعية وأعضاء المجالس المحلية، في حين تتصاعد المنافسة بشكل كبير على مدينة إسطنبول التي يرغب أردوغان في استعادتها من حزب "الشعب الجمهوري" التي انتزعها منه في الانتخابات المحلية السابقة عام 2019، لأول مرة منذ عشرين عاما.
وتحظى الانتخابات المحلية في تركيا باهتمام عال من الأحزاب السياسية؛ لكونها أولى درجات سلم الفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما يرى مراقبون أتراك.