الجملة الأكثر ترديدا الآن بين الجميع، حول ضرورة وقف الصراع
أو
وقف إطلاق النار بين حماس والعدو المحتل، هي ضرورة إيجاد حل سريع مؤقت أو دائم قبل
شهر
رمضان.
لماذا؟ هل لأن الإدارة الأمريكية وأوروبا تؤمنان أنه لا
يجوز قتل الأبرياء في رمضان؟ أم أن القتال قد يعطل الصيام؟ أم أن الغرب يحترم شعائر
المسلم بينما لا يحترم قدسية حياته وقدسية حقة في الحياة؟ أم أن الغرب يريد أن يأخذ
بركة رمضان في حل المشكلة؟ بالطبع لا.
فالعدو ظاهر، والأشهر الخمسة التي مضت كانت كفيلة بأن تحرك
قلوب من ليس لهم قلوب بالأساس، وقد حركت مشاعر الشعوب الغربية، بينما لم تزعزع أو تحرك
شعرة ضمير أو رحمة في قلوب الإدارات الغربية التي أبدت عداوة صفرية لكل ما يتعلق بالمظلومين
وخاصة
المسلمين.
وأحداث البوسنة أو الروهينجيا أو مسلمي الهند أو أفريقيا
الوسطي ليست ببعيدة، وكذلك ما قامت به الدول الغربية تجاه أوكرانيا كان واضحا للعيان..
إنه أوكراني مسيحي أبيض، حتى وصلت إلى أن يتم تفريق المعاملة بين الأوكرانيين بسبب
الاصل العرقي أو الدين.
ومرة أخرى، فقد كانت البوسنة مسرحا للظلم البين والتراخي
في إيجاد حل سريع بغض النظر عن حجم القتل اليومي والاغتصاب وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان،
مثلما يحدث في
غزة الآن.
إذن لماذا الحديث عن رمضان؟
رمضان في نظر الغرب قبل المسلمين هو شهر جهاد المسلمين،
والتاريخ يذكرهم بذلك سواء كان القديم أو الحديث، وسواء كانت الحروب على عهد سيدنا
رسول الله صل الله علية وسلم وصحابته الأبرار ضد المشركين وكفار الجزيرة بدءا من غزوة
بدر في ١٧ رمضان، وكذلك ضد الفرس والروم وبعدها على مر العصور أيام صلاح الدين وألب
أرسلان وسيف الدين قطز والظاهر بيبرس، وعلى مدى العصور.
حتى في العصر الحديث، ما يزال العدو الإسرائيلي يتذكر حرب
السادس من أكتوبر ١٩٧٣ أو كما نحب أن نسميها حرب العاشر من رمضان، فقط أبدى فيها المصريين
روح الجهاد وحب الشهادة في رمضان حتى أنهم وهم يعبرون القناة للوصول إلى خط بارليف
في سيناء على الطرف الآخر ألقوا طعامهم الذين سيفطرون به وهم صائمون، ليخففوا حمولة
القوارب التي يتوجهون بها إلى العدو أو الشهادة.
وقد توعدت المقاومة العدو بأن يرى منها في رمضان ما يصدمه
كصدمة اليوم الأول من حرب العاشر من رمضان.
الشيء الثاني والذي لا يقل أهمية عن الأول، أن الشعوب
العربية
تعاني أشد المعاناة من حكامها الذين في أغلبهم وكلاء عن الغرب ومتوافقون مع العدو الإسرائيلي..
تعاني منهم داخليا في أمور الحياة العامة والحريات وعدم الثقة في هؤلاء الحكام أو الاطمئنان
لمستقبلها ومستقبل أولادها.
فمصر مثلا تباع أصولها في المزاد، ويتم تجويع الشعب والضغط
المادي على الناس، وانتهاك الحريات وانتهاك آدمية الناس بطريقة لم يسبق لها مثيل،
أضف إلى ذلك وضوح التراخي بل التواطؤ مع الاحتلال في أي جهد لإنقاذ أهل غزة، أو الوقوف
بجواره بصورة فاضحة.
وهذا حال الدول الغربية من شرقها إلى غربها، من يمينها
إلى شمالها، ولذلك يضع الغرب في حسبانة مشاعر المسلمين في رمضان وتجمّعهم في صلوات
التراويح والتي من الممكن أن تنطلق منها شرارة الثورة والشعوب على آخرها، حتى تجد السبب
الخفي في نقل مباراة الأهلي والزمالك الي السعودية هو الخوف من تجمع الجماهير وانطلاق
شرارة الثورة من، التراس سواء من الأهلي أو الزمالك.
الحكام في رعب والغرب يخشى أن يفقد هؤلاء الحكام بسبب تداعيات
غزة وأثرها والغضب العارم المكتوم في نفوس الشعوب، وأن يكون رمضان سببا في انفجار هذه
الشعوب.