نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الأنشطة الجديدة لشركة
فاغنر العسكرية الروسية في
أفريقيا وكيفية استعادة جهاز المخابرات الروسي السيطرة عليها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ حل مجموعة فاغنر، فقد أعادت
روسيا هيكلة شبكاتها شبه العسكرية في أفريقيا، خاصة في جمهورية أفريقيا الوسطى، التي أصبحت في السنوات الأخيرة منصة لأجهزة الأمن الروسية في القارة.
وذكرت الصحيفة أن شبكات "روسافريكا"، التي أصبحت الآن رسميًا تحت سيطرة الدولة، وأصبح من السهل التعرف على خلفيات قادتها، ينتمي أفرادها في الغالب إلى وزارة الدفاع الروسية أو حتى جهاز المخابرات الخارجية.
وهذا ما يكشفه التحقيق المشترك الذي نشره الخميس 7 كانون الأول/ ديسمبر الموقع المستقل "كل العيون على فاغنر" المرتبط بإذاعة ليبرتي - وهي منبر إعلامي يموله الكونغرس الأمريكي - والذي عرض أسماء وصور بعض المسؤولين الروس الرئيسيين المسؤولين عن تنسيق التحركات الروسية في مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى.
اظهار أخبار متعلقة
تسريب
وفقا للتحقيق، فإن الرجل القوي الجديد لموسكو في بانغي هو دينيس بافلوف "الدبلوماسي" الذي تم تعيينه مؤخرا في السفارة الروسية في عاصمة أفريقيا الوسطى. وهو الذي يشرف الآن على الشراكة الأمنية مع المديرية العامة لشرطة أفريقيا الوسطى. يتحدث هذا الدبلوماسي الفرنسية بطلاقة وهو في الواقع ضابط لدى جهاز المخابرات الخارجية في روسيا. وأكد مصدر دبلوماسي أوروبي في الموقع لصحيفة لوموند: "لقد حددناه بوضوح على أنه رئيس مكتب الخدمة الخارجية الروسية في جمهورية أفريقيا الوسطى".
وتجدر الإشارة إلى أن عميل المخابرات الخارجية عمل سريا لفترة طويلة في البعثات الروسية لدى اليونيسكو في باريس (2006-2007)، والأمم المتحدة في جنيف (2011-2012)، ومؤخرا في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وهو المنصب الذي تركه في ربيع سنة 2023، إلا أنه لم يكن ضمن قائمة الـ48 جاسوسا روسيًا الذين طردتهم بلجيكا سنة 2022.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بحسب موقع "كل العيون على فاغنر"، فإن "تعيين دينيس بافلوف يثبت أن الاستخبارات الروسية تولت شؤون أفريقيا الوسطى". ولا بد من القول إن جمهورية أفريقيا الوسطى تشكل أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا التي تسيطر على مطار بانغي الذي أصبح منصة لوجستية لها في أفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مرتزقة فاغنر يتواجدون في البلاد منذ سنة 2017، وقد اخترقوا جميع الهياكل الأمنية، حيث إنهم يقومون بتدريبهم.
وبحسب التحقيق، تتمتع المجموعة بمكانة راسخة جدا في الهيكل الأمني للبلاد. ووفقًا لعدة مصادر، فإن مسؤوليها يدخلون ويخرجون من مكاتب الشرطة وكذلك منازلهم، ويحتلون نقاط التفتيش والثكنات. كما أنهم متهمون بارتكاب أعمال عنف ضد القوات المسلحة وقوات الشرطة..
كما أنهم يقودون ويشاركون في عمليات القوات المسلحة لأفريقيا الوسطى وقوات الأمن الداخلي في البلاد".
اظهار أخبار متعلقة
نصف مليار يورو
بعد مقتل يفغيني
بريغوجين، زعيم مجموعة فاغنر التي تمردت ضد الكرملين، في 23 آب/ أغسطس فإنه دُعي رجاله إلى توقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية. وكان الأمر قبل كل شيء يتعلق بضمان استمرارية مهام المجموعة، خاصة في جمهورية أفريقيا الوسطى حيث يربط عقد مربح المرتزقة الروس بالحكومة المحلية. ومنذ سنة 2017، دفعت بانغي - بحسب التقرير - ما يقارب النصف مليار يورو للروس لضمان حماية الرئيس فوستين آركانغ تواديرا والوفد المرافق له.
وأوردت الصحيفة أنه تم استدعاء المقيم الجديد لتولي الملفات التي كان يديرها سابقا فيتالي بيرفيليف، وهو قائد أجنبي سابق لمجموعة فاغنر والمدير التنفيذي الذي أدار أعمال المجموعة في جمهورية أفريقيا الوسطى، بينما كان المستشار الأمني للرئيس تواديرا. وفي الصور التي نشرها موقع "كل العيون على فاغنر"، يظهر المرتزق وجها لوجه مع رئيس شرطة أفريقيا الوسطى، بيانفينو زوكوي، أو مؤخرا، إلى جانب لاندري أولريش ديبو، مدير قوات الدرك الوطنية، خلال حفل التخرج.
منجم للمعلومات
وفي سنة 2018، تميز فريق المذكور بتنظيم عملية تسميم العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته، في مدينة سالزبوري بالمملكة المتحدة، باستخدام مادة نوفيتشوك. وقبل أربع سنوات، قامت وحدته بتنظيم تفجير في مدينة فربيتيس التشيكية، لمستودعات الذخيرة المخصصة لأوكرانيا.
وفي الصور التي نشرها موقع "كل العيون على فاغنر"، يظهر الجنرال أفريانوف إلى جانب نائب وزير الدفاع الروسي، الجنرال يونس بيك إيفكوروف، خلال الجولة التي قام بها الأخير في آب/ أغسطس الماضي إلى مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى، من أجل السيطرة على عمليات مجموعة فاغنر.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن هذه الصور، التي تم التقاطها بشكل رئيسي على حسابات "فيسبوك"، هي بمثابة منجم للمعلومات، إذ إنها تكشف هويات المسؤولين الذين يفضلون عادة الظل على الضوء، مثل الملحق العسكري بالسفارة الروسية في السودان فاليري غولوبتسوف أو حتى كونستانتين ميرزويانتس، من مجموعة ريدوت شبه العسكرية الخاصة، الحاضرة في بانغي خلال زيارة الجنرال إيفكوروف.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)