نشرت صحيفة
"إزفيستيا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن توتر العلاقات بين
فنزويلا وغيانا بسبب النزاع على منطقة غنية بالموارد الطبيعية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه عشية
الاستفتاء الذي من المقرر أن تعقده كاراكاس في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر، يتحدث كثيرون عن بداية صراع مسلح على خلفية نشر فنزويلا جنودها في جميع أنحاء البلاد.
وضع متوتر قبل الاستفتاء
على خلفية الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، قد تظهر على الخريطة بؤرة جديدة للأعمال العدائية.
وقد يدخل النزاع الإقليمي المستمر منذ مائتي عام بين
غيانا وفنزويلا مرحلة نشطة تزامنًا مع الاستفتاء القادم في فنزويلا حول مستقبل
غويانا إيسيكويبو، وفق الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن منطقة غيانا إيسيكويبو الغنية بالموارد تغطي حوالي 70 بالمئة من مساحة غيانا.
ويعود تصاعد الصراع الى وصول شركات النفط العالمية الكبرى إلى الإقليم في سنة 2015 واكتشاف 11 مليار برميل من احتياطيات النفط المؤكدة قبالة سواحل دولة يبلغ عدد سكانها 800 ألف نسمة.
نقلت الصحيفة عن إيغور ليدوفسكي، المدير العام لمركز هوغو تشافيز لأمريكا اللاتينية: "لا يوجد مواطن فينزويليّ لا يعتبر إيسيكويبو جزءًا من بلاده. هذا هو رأي الأشخاص الذين يدعمون مادورو ومعارضيه. إن إيسيكويبو تمثل بالنسبة لفنزويلا ما تمثله كوسوفو بالنسبة لصربيا".
في الاستفتاء المقرر عقده في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، سوف يكون لزاماً على الفنزويليين الإجابة على خمسة أسئلة من شأنها تحديد سياسة كاراكاس المستقبلية في التعامل مع المنطقة.
اظهار أخبار متعلقة
وبهذه الطريقة، ترغب السلطات الفنزويلية في الحصول على تفويض مطلق لبسط يدها بكل الطرق الممكنة على الأراضي التي تعتبرها تابعة لها رغم اعتراف المؤسسات القانونية الدولية بالمنطقة كجزء من غيانا.
تنظر غويانا إلى الاستفتاء المقبل في فنزويلا بحذر خاصة على ضوء إرسال فنزويلا أكثر من 300 ألف عسكري إلى مراكز التصويت. إلى جانب ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الفنزويلية إطلاق خطة "الجمهورية" التي تستخدمها السلطات تقليديا لتأمين
الانتخابات.
وفي منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، طلب ممثلو غيانا من محكمة العدل الدولية وقف التصويت في فنزويلا.
ومن المخطط الإعلان عن قرار المحكمة في الأول من كانون الأول/ ديسمبر الحالي.
العدل الدولية لا تستطيع منع الاستفتاء
نقلت الصحيفة عن ديمتري لابين الأستاذ في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية أن محكمة العدل الدولية لا تملك سلطة منع إجراء الاستفتاء، ولا يمكنها تعديل الأسئلة المطروحة على بطاقات الاقتراع.
مع ذلك، في حال قرّرت المحكمة أن فنزويلا ليس لها الحق في أراضي غيانا إيسيكويبو، فإن أي عمل عسكري سيعتبر انتهاكًا للقانون الدولي.
وفي مواجهة العلاقات الصعبة مع كاراكاس تبحث جورج تاون عن دعم خارجي.
ونزولا عند ذلك، أعلنت الولايات المتحدة عن ضرورة احترام فنزويلا السيادة الإقليمية غيانا.
وقد انتهت المفاوضات بين الممثلين العسكريين للولايات المتحدة وغيانا في 28 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، وصل الجيش الأمريكي إلى الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية وسيبقى هنا على الأقل حتى إعلان نتائج الاستفتاء الفنزويلي، بينما يُجري ممثلو بريطانيا اتصالات نشطة مع غيانا للتعبير عن دعمهم لمستعمرتهم السابقة داعين كاراكاس إلى احترام قرار محكمة التحكيم لسنة 1899.
وأوردت الصحيفة أن غيانا أبدت استعدادها لاستضافة قاعدة عسكرية أجنبية على أراضيها.
اظهار أخبار متعلقة
في هذا الصدد، قال نائب رئيس غيانا بهارات جاغديو "لم نرغب في إقامة قواعد عسكرية، لكن يتعين علينا حماية مصالحنا الوطنية. نحن ملتزمون بالحفاظ على
السلام في بلادنا وعلى حدودنا، ونعمل مع حلفائنا لوضع خطط لجميع الاحتمالات".
هل يمكن أن يتطور النزاع المسلح؟
يستبعد الخبراء احتمال استخدام فنزويلا القوة لضم أراضي غيانا إيسيكويبو إليها، زاعمين أن إجراء استفتاء تشاوري يمثل فرصة لكسب دعم الناخبين قبل الانتخابات الرئاسية المحتملة في سنة 2024 بالنسبة لنيكولاس مادورو.
على العكس من ذلك، يمثل حل القضية بشكل دبلوماسي أولوية بالنسبة لفنزويلا.
مع ذلك، يقول إيغور ليدوفسكوي إن خطر التصعيد يظل قائما ويرجع ذلك أساسًا إلى رغبة غيانا في نشر جنود أجانب على أراضيها، وإمكانية اعتبار فنزويلا نية إرسال قوات أميركية إلى غيانا على أساس دائم أو إنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي المتنازع عليها، بمثابة استفزاز.
زفي وقت سابق، وصفت كاراكاس المناقصة التي أعلنتها غيانا للحصول على مناطق نفطية في مياه منطقة الصراع بالهجوم على أراضيها.
في المقابل، يثير هذا الوضع التساؤل حول ما إذا كانت فنزويلا ستخاطر باستخدام القوة ضد غيانا، التي تتلقى دعما من طرف الولايات المتحدة.
ويقول الخبراء إنه في حالة حدوث اشتباك مباشر بين الجيش الفنزويلي و غيانا دون تدخل دول ثالثة، يمكن حل النزاع في غضون أيام قليلة - مع العلم أن قوام جيش غيانا يبلغ حوالي 3.5 ألف جندي وقوام الجيش الفنزويلي، الذي يعتبر من أقوى الجيوش في قارة أمريكا الجنوبية 123 ألف جندي.
وفي مثل هذه الحالة، يمكن للأميركيين المشاركة في الصراع بشكل غير مباشر، وفق الصحيفة.
وحسب ليدوفسكي يمكن للولايات المتحدة التصرف بمساعدة المرتزقة العسكريين من دول أمريكا اللاتينية مثل هذه الدولة "يمكن أن تكون بيرو، حيث يسيطر ممثلو الأحزاب اليمينية على السلطة".
ويرى خبير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، إيغور بشينيتشنيكوف، أن غيانا تعتمد على المساعدة العسكرية الأمريكية، التي ستراقب الوضع عن كثب للرد بشكل مناسب في حالة نشوب نزاع مسلح.
وأضاف الخبراء أن كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا قد تقف إلى جانب فنزويلا في هذا الوضع. في الوقت ذاته تحافظ دول العالم العربي على علاقات جيدة مع فنزويلا ويمكنها دعمها أو إظهار الحياد.