نشر موقع
"ماركسيست" التركي، مقال رأي للكاتب أوزديش أوزباي سلط فيه الضوء على روايات
الاحتلال الإسرائيلية حول القضيّة الفلسطينية ومعاداة الساميّة.
وقال الكاتب، في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن "الاحتلال يمارس سياسة إبادة جماعية أمام أعين العالم أجمع، ومن الواضح أن هدفها تطهير شمال غزّة، إلى جانب تدمير جميع البنية التحتية والمنازل والحقول والمدارس والمستشفيات لمنع "العودة إلى الحياة الطبيعية".
وأشار الكاتب إلى أن الاحتلال لا يعترف بجرائم
الإبادة الجماعية التي ارتكبها، ويخطط لهجوم مماثل في
الضفة الغربية.
بل إنه على العكس من ذلك، تدعي دولة الاحتلال أنها تكافح ضد منظمات إرهابية، وأن التضامن مع الفلسطينيين هو معاداة للسامية، وأنها تحمي حق دولة الاحتلال في الوجود.
لهذا السبب، فإنه لا بد من الردّ على كل من هذه الادعاءات المدعومة من قبل وسائل الإعلام الغربية، وفق الكاتب.
اظهار أخبار متعلقة
ما هو الإرهاب؟ ومن هو التنظيم الإرهابي؟
يُستخدم مصطلح الإرهاب للدلالة على الأحداث العنيفة والمرعبة التي يتم تنفيذها في الشارع أو بين قادة الدول بغرض سياسي. وكما ذكر تيري إيغلتون الأسبوع الماضي، فإنه ظهر مفهوم الإرهاب خلال الثورة الفرنسية البرجوازية في عملية ولادة الدول القومية: "في عهد دانتون وروبسبيير، قادة الثورة الفرنسية، ولد الإرهاب أصلاً من إرهاب الدولة. كان هذا الإرهاب هو العنف الذي مارسه المعارضون على أولئك الذين يعتبرونهم أعداء للدولة".
ثم استُخدم مصطلح الإرهاب فيما بعد للإشارة إلى الأعمال "الإرهابية" ضد الأسر الحاكمة والمسؤولين الحكوميين التي تكون في شكل عمليات اغتيال "ثورية". ولكن في ذلك الوقت، لم يتم ابتكار مفهوم "منظمة إرهابية" بعد.
وأوضح الكاتب أن مفهوم "منظمة إرهابية" تم اختراعه في الآونة الأخيرة نسبيًا، بهدف تجريد الحركات المناهضة للنظام أو الاحتلال من إنسانيتها وإظهارها على أنها مجموعات قائمة فقط على العنف.
وأضاف الكاتب أن أعمال العنف السياسية التي يشار إليها باسم "أعمال الإرهاب" حقيقة، لكن الدول هي التي تستخدم هذه الطريقة بشكل متكرر وأكثر قسوة. مع ذلك، فإنه لا يوجد شيء اسمه "منظمة إرهابية".
فإذا أطلقنا على المنظمات التي تلجأ إلى أعمال العنف اسم "منظمات إرهابية"، فإن جميع الدول ستقع حتماً في إطار هذا التعريف، لأن الدولة، باعتبارها أداة عنف الطبقة الحاكمة، تستخدم العنف بشكل منهجي ولأغراض سياسية لإخضاع الأغلبية. من هذه الناحية، حركة المقاومة منظمة تحرير وطني، وتستمد شرعيتها ليس فقط من مقاومتها المسلحة أو من هجماتها التي تشنها في بعض الأحيان، وإنما أيضًا من تنظيمها السياسي والاجتماعي.
هل تؤدي أنشطة التضامن مع فلسطين إلى زيادة معاداة السامية؟
في أوروبا، خرج ملايين الأشخاص في مظاهرات تضامنية مع فلسطين. في الوقت نفسه، تحدث أيضًا هجمات على المعابد اليهودية ويُنشر محتوى معاد للسامية في فرنسا وألمانيا، لكن ليس من الواضح ما إذا كان المهاجمون هم أنفسهم الذين خرجوا للمظاهرات المعارضة للحرب.
في المقابل، يربط الإعلام الغربي بين هاتين المجموعتين بشكل غير مثبت. أي أنه يتم الضغط من أجل حظر الاحتجاجات، على أساس أن معاداة السامية لم تكن موجودة من قبل، بل ازدادت بسبب احتجاجات فلسطين.
لكن الجماهير التي خرجت إلى الشوارع قد شكّلت بوضوح حركة مناهضة للعنصرية تتضامن مع بعضها البعض.
اظهار أخبار متعلقة
ويتظاهر المسلمون والعرب والمهاجرون والسود واليهود ضد الحرب ضد العدوان الإسرائيلي جنبًا إلى جنب في الشوارع. من ناحية أخرى، تدافع حركات اليمين المتطرف والفاشية في أوروبا بشكل واضح عن الاحتلال.
وذكر الكاتب أنه لطالما تم إجراء تحليلات مفادها أن المهاجرين حلّوا محل اليهود كهدف لحركة الفاشية في أوروبا.
واليوم، ليس اليهود هم العدو الأساسي للفاشية الفرنسية أو البريطانية أو الألمانية. في السابق، كانت نظرية المؤامرة القائلة إن اليهود يحكمون العالم ويسيطرون على البلدان هي النظرية الرئيسية لدعاية الفاشية المعادية للسامية.
أما اليوم، فقد أصبحت الإسلاموفوبيا أكثر نظريات المؤامرة شيوعًا حول نظرية "الاستبدال العظيم". ووفقًا لهذه النظرية، فإن المهاجرين الذين يهاجرون إلى الغرب وينجبون الكثير من الأطفال يدمرون الحضارة الغربية، وبعد بضع عقود، سيكون البيض أقلية بينما سيصبح المسلمون العرب والأفارقة الأغلبية. وبالتالي، سيتم استبدال السكان وسيصبح البيض من الدرجة الثانية في أراضيهم!
لذلك، فإن منع الهجرة العربية/ الإسلامية هو الهدف الأساسي ليمين أوروبا المتطرف والفاشية.
وبالتالي، فإنه "يجب دعم" الاحتلال كدولة حليفة تكافح ضد هذه الشعوب "المتخلفة" في الشرق الأوسط.
اظهار أخبار متعلقة
وأورد الكاتب أن المثال الأكثر وضوحًا على هذه العلاقة هو مسيرة مكافحة معاداة السامية التي أقيمت في باريس الأسبوع الماضي.
التقى رؤساء فرنسا السابقون من اليمين واليسار، وجميع الأحزاب السياسية الكبرى تقريبًا، وماري لوبين وحزبها الفاشي "الاتحاد الوطني" في هذه المسيرة. وكان إريك زمور، وهو يهودي يميني متطرف مناهض للمهاجرين، أيضًا في المسيرة.
وبيّن الكاتب أن تعاطف الفاشيين الفرنسيين واليمين المتطرّف مع الاحتلال في مسيرة "مكافحة معاداة السامية" كان بمثابة إظهار واضح لدعم الاحتلال الإسرائيلي.
وتشير هذه الأحداث إلى أن هناك تحالفًا متزايدًا بين الفاشية والعنصرية في أوروبا، وإلى أن هذا التحالف يعتمد على نظرية "الاستبدال العظيم".
حق الدولة في الوجود أم حق الشعب في تقرير مصيره؟
أشار الكاتب إلى أن شعار "من النهر إلى البحر، الحرية لفلسطين" الذي يُطلق في أنشطة التضامن مع فلسطين في جميع أنحاء العالم يُتهم بمعاداة السامية من قبل الدوائر الموالية للاحتلال.
كدليل على هذا الاتهام، يقدمون ادعائين أساسيين؛ الأول أن هذا الشعار يعني القضاء على اليهود، والثاني هو أن هذا الشعار لا يعترف بحق "إسرائيل في الوجود".
يمكن تقديم ردين قصيرين على هذه الادعاءات: الأول خاطئ، والثاني صحيح. بالنسبة للادعاء الأول، فإن أفضل ردّ جاء من الطلاب اليهود الأمريكيين: شعار "من النهر إلى البحر، الحرية لفلسطين" ليس دعوة لطرد اليهود من فلسطين أو إغراقهم في البحر، كما يُساء فهمه بشكل شائع وإنما دعوة لإنهاء القمع الذي يتعرض له جميع الفلسطينيين الذين يعيشون في
غزة والضفة الغربية وداخل الخط الأخضر. تحرير كل فلسطين يتطلب تغييرا ثوريا: ليس تدمير اليهود في هذه الأراضي، وإنما القضاء الكامل على نظام الفصل العنصري الذي يحتل هذه الأراضي ".
نعم، يدعو شعار "الحرية لفلسطين" إلى حل الدولتين، لكنه لا يدعو إلى إبادة أو طرد اليهود، بل يدعو إلى فلسطين حرة وديمقراطية وعلمانية، حيث يكون جميع المواطنين متساوين ولا يوجد تمييز عرقي.
أما بالنسبة للادعاء الثاني، فلا يمكن أن يكون هناك حق للدول في الوجود، هذا مفهوم تاريخي ومصطنع تمامًا.
وأضاف الكاتب أن الدول موجودة منذ آلاف السنين، ولم يكن هناك دولة واحدة موجودة منذ بداية التاريخ ونجحت حتى يومنا هذا.
من المستحيل أيضًا أن تصمد دولة إلى الأبد. تتغير الدول باستمرار وفقًا لبنية المجتمعات التي نشأت فيها والظروف الخارجية، وتنهار وتشهد تغييرات في النظام، وتتغير حدودها وأسماؤها، أو تتحول إلى شيء مختلف تمامًا.
وأوضح الكاتب أن حق الدول في الوجود ليس مفهومًا قانونيًا له مكانه في القانون. ومع ذلك، هناك حق آخر ينص عليه القانون الدولي وهو حق الشعوب في تقرير المصير.
وفي حالة فلسطين، يمكن تعريف هذا الحق على أنه حق الفلسطينيين في تقرير مصائرهم ضد دولة الاحتلال الإسرائيلية والقومية الصهيونية العنصرية التي هي العقيدة الرسمية للاحتلال.