هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع استمرار
العدوان الإسرائيلي البربري على قطاع غزة، لليوم الـ43 على التوالي، تتصاعد ساعة
بعد ساعة المعاناة الإنسانية لسكان القطاع، البالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون فلسطيني، نصفهم تقريبا من الأطفال. اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة
"عربي21"
ترصد معاناة لا تفي الكلمات بوصفها لشدتها وتشعبها، حيث نزوح عائلة فلسطينية من حي
الشيخ رضوان شمال مدينة غزة حتى مدينة خانيونس جنوب القطاع.
مسيرة نزوح
تلك العائلة، التي انطلقت الخميس 12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، واستمرت نحو 30
يوما، حيث تنقلت بحسب الأب المكلوم "أبو حمزة" (60 عاما)، الذي أجبر على
النزوح 8 مرات من منطقة لأخرى؛ 7 منها داخل مدينة غزة، قبل أن يقرر النزوح نحو خانيونس، حفاظا على أفراد عائلته وأسرته التي بلغ عددهم 18 فردا، بينهم 5 أطفال و9
نساء.
مقعدة وجريح
مع بدء
العدوان الإسرائيلي على غزة السبت 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث ركز في أيامه
الأولي على قصف المنازل على رؤوس ساكنيها دون إنذار مسبق، خاصة في منطقة الشيخ
رضوان، قرر "أبو حمزة" الخروج من منزله بصحبة أفراد عائلته، ومعه والدته
المقعدة البالغة من العمر (90 عاما) وابنه الجريح.
وأوضح المواطن
الفلسطيني، الذي بدت علامات الإرهاق والقلق الشديد عليه، أنه انتقل بصحبة عائلته من
منزله في حي الشيخ رضوان إلى منطقة اليرموك وسط غزة قرب برج "التاج"،
وهي المنطقة التي وقعت بها مجزرة كبيرة بعد قصف الاحتلال لها بصواريخ شديدة
التدمير، أدت لمسح مربع سكني بأكمله، ثم انتقل إلى مخيم الشاطئ، وبعد أن ركز
الاحتلال على قصف المخيم المذكور، وأصبح الوضع فيه كارثيا، نزح إلى مقر الـ"UNDP" في منطقة النصر.
المعاناة
الكبيرة لعائلة "أبو حمزة" في مقر الـ"UNDP" بسبب الازدحام وقلة الماء والغذاء،
أجبرته بحسب حديثه لمراسل "عربي21" الذي زاره في مكان نزوحه الحالي، إلى
الانتقال إلى مدرسة "سعاد" في النصر أيضا، ومن ثم إلى مدرسة
"فلسطين" الثانوية في حي الرمال وسط غزة.
وذكر أن الوضع
في مدرسة "فلسطين" كان "أفضل من غيره في الجانب الإنساني، لكن
الأمر لم يقف عن هذا الحد، لأن مدفعية الاحتلال قامت بقصف المدرسة بالعديد من
القذائف الساعة التاسعة صباحا، ما تسبب بارتقاء شهداء والعديد من الإصابات بين
النازحين، كانت هناك محاولات لإنقاذ بعض الجرحى بمواد أولية، الناس هربت مثل يوم
القيامة، الكل يريد النجاة بنفسة من القصف".
وأضاف:
"تركنا عفشنا وكل ما لديه هناك، وقررنا النزوح مجددا تحت القصف مشيا على
الأقدام، وتركنا خلفنا عددا من أفراد العائلة الذين لحقوا بنا لمدرسة "الإمام
الشافعي"، إلى الشرق والقريبة من شارع صلاح الذي يصل جنوب القطاع
بشماله.
النازح
الفلسطيني، كان في كل محطة نزوح يفقد جزءا من الاحتياجات الأساسية لعائلته
التي نقلها معه من منزله، حيث فقد معظمها عندما وصل محطته قبل الأخيرة، ليقرر
حينها "المجازفة" والنزوح نحو مدينة خانيونس التي وصلها السبت 11 تشرين
الثاني/ نوفمبر الجاري.
حرق المناطق
ولفت
الفلسطيني، إلى أن جيش الاحتلال خلال عدوانه "كان يتعمد، بحسب ما رأينا،
سياسية حرق المناطق وتدميرها، لأجل تهجير السكان الذين أصبح من الصعب عليهم توفير
الطعام والماء"، منوها إلى أن والدته التي رافقتها شقيقته الصغرى، في نزوحها إلى
الجنوب، لم تجد سوى عربة يجرها حصان كي يوصلها إلى ميدان "الكويت" على
شارع صلاح الدين، حيث تبتعد عنه دبابات الاحتلال المتوغلة مسافة قصيرة، ومن ثم
مشيا على الأقدام، قامت شقيقته بدفع الكرسي المتحرك الذي تجلس عليه أمها حتى مفترق
"نتساريم" بعد تجاوز دبابات الاحتلال على بعد نحو 2 كم، وبعدها استقلت
عربة أخرى يجرها حصان، وتمكن من إيصالهما إلى النصيرات وسط القطاع، وعندها رزقت
بسيارة من هناك إلى خانيونس.
أما بقية عائلة "أبو حمزة"، فركبت عربة حصان أخرى من مدرسة "الشافعي"
حتى منطقة عائلة السموني على شارع صلاح الدين قرب "ميدان الكويت"، على
بعد مسافة قريبة من الدبابات، وبعدها "مشينا تحت القصف وأصوات الرصاص
والاشتباكات القوية، حتى تجاوزنا بأعجوبة دبابات الاحتلال، ووصلنا إلى مفترق
"نتساريم"، ومن ثم انتقلنا عبر عربة حصان إلى مفترق البريج (وسط القطاع
إلى الشمال قليلا من النصيرات)، وبعدها "توك توك" إلى خانيونس.
وعن أهم ما
شاهده خلال نزوحه، خاصة في مدينة غزة، قال: "شاهدت العديد من جثامين مواطنين
مدنيين، ما بعد منطقة حي السموني على شارع صلاح الدين، وهي المنطقة التي تتمركز
بها الدبابات الإسرائيلية على بعد أقل من كيلومتر واحد خلف سواتر رميلة، إضافة إلى
وجود دبابات وقناصة وجنود يتمركزن في تلك المناطق".
وأضاف:
"مشاهد الدمار بسبب القصف لا تختفي، بيوت وأشجار مدمرة، وتجريف مساحات كبيرة من
الأراضي، حتى أصبحت معالمها غير معروفة، ومصانع ومخازن كبيرة مدمرة أيضا، وإطلاق النار والقذائف والقصف مستمر، في أثناء مرورنا
مشيا على الأقدام من أمام الدبابات، كنا لا ندري أين نذهب بأطفالنا وسط هذا
الرعب".
وتابع:
"عشنا أوقاتا ولحظات رعب لا توصف، كنا نترقب إطلاق نار علينا في كل لحظة،
خشينا أن يصاب أحدنا، وكيف يمكن أن نتعامل معه، لقد شاهدت سيارات محروقة قرب
"ميدان الكويت"، ورأينا أيضا شاحنة كبيرة محترقة استهدفها الاحتلال، وارتكب في حينه مجزرة بحق النازحين (نحو 70 شهيدا معظمهم نساء وأطفال)، كانت هناك
بقايا من ملابس وحقائب عليها".
وشبه
"أبو حمزة" ما حدث معهم من أحداث بمسلسل التغريبة الفلسطينية الذي وثق
نكبة عام 1948، معتبرا أن "هذه هي تغريبة 2023، نحن نعيش حرب إبادة لسكان
غزة، الذين فقدوا الماء والغذاء، نحن شهداء مع وقف التنفيذ".
ونوه النازح
الذي فقد أسرة شقيقه بالكامل في قصف إسرائيلي عقب نزوحها إلى وسط القطاع، إضافة إلى
العديد من أقاربه في قصف إسرائيلي آخر وسط مدينة غزة، أنه "في بعض الأيام كان
لا يوجد ماء صالح للشرب مع صعوبة الحصول على الغذاء والخبز"، مضيفا:
"لقد تفرقنا جميعا".
وارتفع عدد
شهداء العدوان الإسرائيلي المتواصل لأكثر من 12000 شهيد؛ بينهم 5 آلاف طفل و3300
سيدة، والجرحى لأكثر من 30 ألف إصابة بجروح مختلفة، بحسب آخر إحصائية صادرة عن
المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة وصلت "عربي21"، حيث أكد أن جرائم
الاحتلال أدت إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها، وبلغ عدد المجازر 1270 مجزرة،
إضافة إلى وجود أكثر من 3750 بلاغا عن مفقودين في مختلف مناطق القطاع.
ويشهد القطاع
الذي يمتد على مساحة 360 كلم مربع، بطول 41 كلم، وعرض يتراوح بين 6 إلى 12 كلم،
ترديا صعبا في مجمل الأوضاع الحياتية؛ وخلال الأيام الماضية من العدوان، واصلت
طائرات الاحتلال استهداف مختلف مناطق القطاع عبر تدمير ممنهج لمنازل المواطنين
بشكل متزامن، كما تواصلت الاشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال
التي تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والآليات العسكرية المقتحمة لعدد من المناطق في
القطاع.
واستهدفت
صواريخ الاحتلال شديدة التدمير الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف وأطقم
ومقرات الدفاع المدني والمساجد والصحفيين والمخابر والأسواق ومخازن المياه ومولدات
الكهرباء واللوحات الشمسية الخاصة بتوليد الكهرباء، وتدمير الطرق وشبكات المياه
والاتصالات وانقطاع خدمة الإنترنت عن مناطق واسعة في القطاع، بالتزامن مع غياب شبه
تام للكهرباء.
وفجر السبت 7
تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة
"حماس"، بدء عملية عسكرية أطلقت عليها "طوفان الأقصى" بمشاركة
فصائل فلسطينية أخرى، ردا على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين
المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، لا سيما المسجد الأقصى، وبدأت
العملية الفلسطينية ضد الاحتلال عبر "ضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات
وتحصينات عسكرية للعدو".