مع
تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتزايد حدة الاستفزازات التي يشنها
المستوطنون الإسرائيليون على سكان
الضفة الغربية، إضافة إلى عمليات الاقتحام
والمداهمات، التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مناطق واسعة في الضفة.
تتكرر قصص الاعتداءات الإسرائيلية من
قبل المستوطنين، في كل قرية تقريبا في جنوب تلال الخليل، ويستولي المستوطنون
الإسرائيليون على أرزاق السكان وماشيتهم، ويدمرون المعدات الزراعية وبساتين
الزيتون التي يعتمد عليها المزارعون الفلسطينيون في معيشتهم.
اظهار أخبار متعلقة
يضرب المستوطنون المسلحون ببنادق حربية
سكان القرى والبلدات بالعصي وقضبان الحديد أو بأعقاب بنادقهم، وتتعرض المنازل
للنهب بشكل متكرر ويتم الاستيلاء على كل ما لدى الفلسطينيين من ممتلكات.
النساء وكبار السن لا يسلمون
في قرية
شعب البطم الزراعية في الضفة
الغربية المحتلة والتي تضم 300 فلسطيني، يظهر الخوف على وجوه السكان سواء كانوا
صغارا أم كبارا وحتى النساء والشيوخ.
وبينما ترتفع حدة الجرائم الإسرائيلية
ضد سكان غزة يتابع سكان الضفة أخبار القتل والجرائم الوحشية بحق أهلهم في غزة بفعل
الغارات الجوية الإسرائيلية، وتزيد الهجمات الاستيطانية وهجمات جيش الاحتلال التي
قتلت العشرات من الفلسطينيين واعتقلت المئات منهم خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
يرصد موقع
ميدل إيست آي هجمات
المستوطنين على سكان القرى والمناطق النائية في الضفة الغربية لمعاينة ما يتعرضون
له من هجمات وحشية باتت أكثر حدة منذ العدوان على غزة.
اظهار أخبار متعلقة
يقول السكان للموقع إن الهجمات الأخيرة
كانت الأشد شراسة مما كانوا يتعرضون له من قبل، حيث اضطرت عائلة واحدة إلى الفرار
إلى بلدة مجاورة بعد أن دمر المستوطنون مباني مزارعهم وهدموا منزلهم بالجرافات.
يضيف سكان القرية أنه بدأ المستوطنون، يأتون
إلى هذه المناطق مرتدين الزي العسكري هذه المرة، يهاجمون الممتلكات ويضربون العديد
من السكان وينهبون منازلهم المبنية من الطين.
وفي حديثه لموقع ميدل إيست آي، يقول
المزارع خالد جبريل: "المستوطنون صوبوا مسدسهم نحو زوجتي وضربوني وسرقوا
هاتفي ووجهوا أسلحتهم نحو الأطفال... إذا ذكرنا الجنود للأطفال فإنهم
سوف يقفون ساكنين يرتجفون من شدة الخوف".
عتاة التطرف يقودون الهجوم
في أواخر العام الماضي، شكل رئيس وزراء
الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حكومة ائتلافية مع حزب القوة اليهودية بزعامة
إيتامار بن غفير والحزب الصهيوني الديني بزعامة بتسلئيل سموتريتش.
تأسس حزب القوة اليهودية اليميني
المتطرف الذي يتزعمه بن غفير على يد مئير كاهانا وهو حاخام يميني متطرف ونائب
سابق، وكان يقود في السابق حزب كاخ، وهي منظمة حظرتها "إسرائيل" بعد أن أطلق أحد
أتباعها النار على 29 من المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي في الخليل أثناء
صلاتهم.
وفي الوقت نفسه، تم تعيين سموتريتش،
الذي أعلن نفسه "معاديا فاشيا للمثليين"، وزيرا للمالية، كما أنه تم تسليمه
سلطة واسعة على القضايا المدنية في الضفة الغربية، ما مكنه من زيادة بناء
المستوطنات وإحباط التنمية الفلسطينية.
اظهار أخبار متعلقة
ومنذ ذلك الحين، أصبح سموتريتش مسؤولاً
عن الشؤون المدنية في الضفة الغربية المحتلة التي تعرف في المنطقة "ج"،
حيث تتمتع "إسرائيل" بسيطرة أمنية ومدنية كاملة.
والمنطقة "ج" هي أكبر جزء من
الضفة الغربية المحتلة، إذ إنها تضم نحو 60 بالمئة من الأراضي الفلسطينية ويعيش فيها
أكثر من 400 ألف مستوطن إسرائيلي غير شرعي.
وعلى الرغم من أنه كان من المفترض نقل
السيطرة على جزء من هذه المنطقة إلى السلطة الفلسطينية في عام 1999، وفقًا
لاتفاقيات أوسلو، إلا أن التسليم لم يتحقق، ما ترك مسائل الأمن والتخطيط والبناء
في أيدي "إسرائيل".
منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حاول
كل من بن غفير وسموتريتش، والعديد من العناصر الأخرى داخل الحكومة الإسرائيلية،
إثارة المزيد من التوترات مع الفلسطينيين في المنطقة "ج"، وأجزاء أخرى
من الضفة الغربية والسكان الفلسطينيين في "إسرائيل".
وبينما كان بن غفير يوزع الأسلحة بحرية
على المستوطنين في المدن الحدودية مثل سديروت، فقد تعهد سموتريتش، بصفته وزير المالية،
بتجميد التمويل للسلطة الفلسطينية بسبب دعمها المزعوم لـ"حماس".
وتقول العائلات الفلسطينية في هذه
المناطق النائية، التي تعاني بالفعل من النزوح السابق، إنها تعيش ما يمكن أن يكون
فترة أخرى من التجريد القسري من ممتلكاتها بسبب ممارسات المستوطنين التي يدعمها كل
من بن غفير وسموتريتش.
الانتقام قادم
وكان موقع "ميدل إيست آي" قد
ذكر في وقت سابق أن المستوطنين الإسرائيليين كانوا يوزعون منشورات تهديدية ويتركون
دمى ملطخة بالدماء في المدارس، ويخيرون الفلسطينيين بين المغادرة والقتل.
وقال سكان إحدى قرى الضفة الغربية إنهم
تلقوا رسائل تحذيرية نصها: "أردتم الحرب - انتظروا النكبة الكبرى"، في
إشارة إلى تهجير 750 ألف فلسطيني من وطن أجدادهم عام 1948.
وفي رسالة أخرى، أرسل للسكان صورة
لمستوطنين ملثمين يحملون عبوات بنزين وأسلحة، مع عبارة: "إلى كل الجرذان في
مجاري قرية قصرة، ننتظركم ولن نأسف عليكم يوم القيامة... الانتقام قادم".
وفي أم الخير، وهي قرية صغيرة يحيط بها
المستوطنون الإسرائيليون من جميع الجهات، طُلب من الفلسطينيين رفع الأعلام
الإسرائيلية خارج منازلهم بحلول الساعة السابعة مساءً بالتوقيت المحلي أو مواجهة
العواقب.
وبعد إحراق منزل أحد المزارعين، قال السكان
إنهم اتصلوا بالشرطة الإسرائيلية طلبا للمساعدة، على أمل أن تأتي وتعتقل الجناة وبدلا
من ذلك، فقد اتهمت الشرطة الضحايا بأنهم "كاذبون" وهددتهم بالسجن.
يقول الموقع إنه تواصل مع الشرطة
الإسرائيلية للتعليق، لكنه لم يتلق أي رد.
اظهار أخبار متعلقة
خلال الأسبوع الماضي قرر جميع سكان
خربة زنوتا الفرار من منازلهم بسبب تصاعد عنف المستوطنين، حيث توجه العديد منهم
إلى مناطق يسكنها فلسطينيون.
ونتيجة لذلك، تفقد التلال والوديان
الوعرة في الضفة الغربية المحتلة المزارعين والرعاة والقبائل البدوية التي عاشت
هنا منذ قرون. وفي قرية تواني المجاورة، تحدث السكان عن مضايقات مستمرة.
وقال بطريرك القرية، حافظ الحسيني
لموقع "ميدل إست آي" إنه على الرغم من استسلام العديد من المزارعين لضغوط
المستوطنين، إلا أنه لم يستطع تحمل الفرار من منزله كما فعل العديد من الفلسطينيين
عندما تأسست "إسرائيل" عام 1948.
وقال بشكل قاطع: "لا، أبداً. لا
شيء سيجعلني أغادر منزلي".
ولكن عند تلقيه تهديدات واضحة لأطفاله
- تحذيرات من احتمال استهدافهم أو حتى قتلهم - فقد يضطر هو أيضاً إلى مغادرة منزل
أجداده.