تزداد مخاوف مئات العائلات الفلسطينية من
غزة على مصير أبنائهم من
العمال المفقودين، الذين كانوا يعملون في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 قبيل العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، حيث فقد الاتصال بالعديد منهم.
وعقب بدء كتائب عز الدين القسام، عملية "طوفان الأقصى" قامت سلطات الاحتلال باعتقال العديد من العمال الفلسطينيين من سكان غزة، وقامت بإرسال بعضهم لمدن الضفة الغربية المحتلة، فيما اختطفت أعدادا كبيرة ومنهم ولا معلومات رسمية حول مصيرهم.
معاناة مركبة
الأم الفلسطينية "مريم" مثل كثيرين من الفلسطينيات؛ تعيش وأسرتها وفق ما أكدته لـ"عربي21"، أصعب أوقات حياتها لعدم معرفتها بمصير زوجها وابنها الذين كانوا يعملون في الداخل المحتل، موضحة أن "الاتصال بهما انقطع منذ بدء العدوان على غزة".
اظهار أخبار متعلقة
"مريم"؛ تعيش معاناة مركبة؛ حيث مراره الفقدان ولهيب العدوان الإسرائيلي ضد كل ما هو فلسطيني في القطاع المحاصر منذ 17 عاما، وتتنظر بفارغ الصبر أن تطمئن على أفراد عائلتها.
وعن أوضاع وأعداد المعتقلين من عمال غزة من قبل الاحتلال، أوضح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدورة فارس، أنه "لا تتوفر أي معلومات عن المعتقلين من غزة ومن بينهم العمال، لأن إسرائيل لا تتعاون مع أي جهة، ولا تعطي أي معلومات لا للصليب الأحمر ولا للأمم المتحدة ولا حتى لغيرهم".
وأكد في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "الاحتلال اعتقل العديد من عمال غزة من الداخل وبعضهم أعتقل من داخل الضفة"، منوها أنه "لا توجد أي جهة رسمية يمكن أن تفيدنا بعدد العمال المعتقلين وأوضاعهم".
ولفت فارس، إلى أن "إسرائيل في النهاية، ستكون ملزمة بأن تفصح عما لديها من الأسرى"، مشددا على أهمية "توثيق أسماء المواطنين الذين فقد الاتصال بهم".
الاحتلال يتكتم
ونبه فارس إلى أن "إسرائيل تدير ظهرها للجميع ولا تتعاون مع أحد"، محذرا من خطورة إخفاء الاحتلال للمعلومات والأعداد الحقيقة التي تخص المعتقلين من غزة، والذين تم اعتقالهم عقب بدء عملية "طوفان الأقصى"؛ سواء كانوا العمال أو غيرهم.
ورأى أن "إسرائيل لا تفصح عما لديها من معتقلين (من غزة) وأماكن وجودهم وعددهم وأسمائهم وأوضاعهم الصحية، كي تتيح لنفسها أن تتصرف كيفما تريد في أي وقت".
بدوره، قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، هشام مهنا: "نحن على اتصال مباشر مع السلطات الإسرائيلية والسلطات في قطاع غزة، بخصوص معرفة مصير المفقودين والرهائن، وتم تخصيص رقم مباشر لاستقبال طلبات البحث عن مفقودين من قبل الأهالي في القطاع، ونحن نقوم بنقل هذه المعلومات للجانب الإسرائيلي للحصول على معلومات، وفور وصول أي معلومات لدينا من الجانب الإسرائيلي، نقوم بمشاركتها مباشرة مع أهالي المفقودين في القطاع بشكل مباشر".
وعن تعاون الاحتلال في هذا الجانب، أضاف في تصريح خاص لـ"عربي21": "نحن نأمل أن يكون هناك معلومات يمكن أن نشاركها، نجحنا في الحصول على معلومات تتعلق بمصير بعض المفقودين في الجانب الإسرائيلي، وقمنا بنقل هذه المعلومات لأسرهم بشكل مباشر في القطاع".
اظهار أخبار متعلقة
ونوه مهنا، أنه "لا يستطيع الإفصاح عن عدد أو أسماء، لأن هذا ملف غير معلن، وهذا الأمر يتم في إطار حوار مباشر بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبين السلطات المعنية، والحديث في هذا الجانب يبقى خلف الأبواب المغلقة، نظرا لطبيعة عمل الصليب الأحمر في هذا الملف الحساس".
وذكر أن "هذا الملف يشمل جميع من نتلقى منهم اتصالات في قطاع غزة؛ سواء كانوا عمال أو غيرهم"، مضيفا: "أي عائلة تبلغ عن فقدان أحد أفرادها، نأخذ المعلومات المتوفرة ونبدأ ببحث الأمر مع السلطات في الطرف الآخر (الإسرائيلية) بهدف الحصول على معلومات، ومن ثم نشاركها مباشرة مع العائلة".
ويشهد القطاع الذي يمتد على مساحة 360 كلم مربع، بطول 41 كلم، وعرض يتراوح بين 6 إلى 12 كلم، ترديا صعبا في مجمل الأوضاع الحياتية؛ الإنسانية والاقتصادية والمعيشية والصحية، نتيجة العدوان والحصار الإسرائيلي المشدد؛ البري والجوي والبحري.
وخلال الأيام والليالي الماضية الـ25، واصلت طائرات الاحتلال استهداف مختلف مناطق القطاع عبر تدمير ممنهج لمنازل المواطنين بشكل مكثف ومتزامن، واستهداف الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف وأطقم ومقرات الدفاع المدني والمساجد والصحفيين.
فضلا عن تدمير الطرق وشبكات المياه والاتصالات وانقطاع خدمة الإنترنت عن مناطق واسعة في القطاع بالتزامن مع غياب شبه تام للكهرباء، في سلوك يتنافى مع كافة القوانين والأعراف الدولية، والذي يرتقي بحسب مراقبين إلى "جرائم حرب" يعاقب عليها القانون الدولي.