قضايا وآراء

عن الحرب الدينية والكراهية والعنصرية في خطاب بايدن

ماهر حجازي
الأناضول
الأناضول
"نحن نقف مع إسرائيل في حقها بالدفاع عن نفسها ضد هجمات المنظمات الفلسطينية ونقدم كل الدعم السياسي والعسكري والاستخباراتي لأصدقائنا في إسرائيل".. هذا هو الموقف الأمريكي المعلن رسميا مع تعاقب الرئاسات الأمريكية المختلفة سواء الجمهورية أو الديمقراطية، فالموقف الأمريكي الرسمي للولايات المتحدة الأمريكية واحد في الدعم السياسي والعسكري والأمني والدولي غير المحدود للكيان الإسرائيلي على حساب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

وذهب الرئيس الأمريكي جو بايدن أبعد من ذلك في خطابه حول تصاعد الأحداث في الأراضي الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة المحاصر، مع عدوان الاحتلال الإسرائيلي على البشر والحجر والذي راح ضحيته حتى اللحظة أكثر من 1055 شهيدا غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 5185 جريحا، والأعداد مرشحة إلى التصاعد في ظل القصف الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة.

لم يستطع بايدن أن يخفي حقيقة موقفه في الدعم غير المحدود للاحتلال الإسرائيلي، حيث تبنى بايدن بشكل تام الرواية الإسرائيلية بأن الصراع بين الشعب الفلسطيني والكيان الإسرائيلي هو صراع ديني وليس نضال شعب يخضع لأقدم احتلال في التاريخ منذ نكبة 1948، حيث يكافح الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه ونيل حريته.

لم تخلُ جملة واحدة من حديث بايدن من كلمة اليهود ويريدون قتل اليهود، وهو يريد أن يقول إن صراعنا نحن الفلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي صراع ديني بين المسلمين واليهود، وهذا توصيف خطير جدا وله تداعيات خطيرة ليس على مستوى القضية الفلسطينية وإنما في أبعاد دولية

لم تخلُ جملة واحدة من حديث بايدن من كلمة اليهود ويريدون قتل اليهود، وهو يريد أن يقول إن صراعنا نحن الفلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي صراع ديني بين المسلمين واليهود، وهذا توصيف خطير جدا وله تداعيات خطيرة ليس على مستوى القضية الفلسطينية وإنما في أبعاد دولية.

بالتالي، كلام الرئيس بايدن هي دعوة لتغذية الصراعات الدينية حول العالم، وتمزيق مكونات المجتمع والطوائف الدينية المختلفة في الدول، وهي تخدم حالة الاحتقان الموجودة أساسا في بعض الحالات بين مختلف الديانات.

إذ أقل ما يمكن به وصف هذه الجزئية في كلام بايدن بأنها إذكاء للحروب الدينية، وتبرر للاحتلال الإسرائيلي قتل الفلسطينيين كونهم فلسطينيين مسلمين، وهذا الأمر خطير جدا ويتحمل الرئيس الأمريكي مسؤولية مباشرة عن تداعيات هذه المقامرة غير المسؤولة في إذكاء الصراع الديني في العالم.

كما أن قول بايدن بشكل مباشر بأنه قد طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن يكون رد إسرائيل حاسما ضد حركة حماس في قطاع غزة، هو بمثابة ضوء أخضر وشيك أمريكي سياسي ومالي وعسكري مفتوح لإسرائيل في تدمير قطاع غزة، وهذا ما يحدث فعلا من خلال إطباق الحصار بشكل كامل وقطع المياه والكهرباء ومنع دخول المساعدات، واستهداف البنى التحتية والمشافي والمباني، وقتل المدنيين من أطفال ونساء ضمن عائلات بأكملها راحت ضحية هذا العدوان.

إذا الولايات المتحدة الأمريكية شريك مباشر في جريمة الحرب التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، وهذه الجرائم التي وصفتها الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بجرائم الحرب.

لذلك بايدن والإدارة الأمريكية جزء مباشر ورئيس في هذا العدوان، ويتحملان مسؤولية قانونية وسياسية وعسكرية فيما يرتكبه الاحتلال من مجازر مروعة بحق المدنيين والبنى التحتية، وحتى بايدن وإدارته شركاء في استهداف الاحتلال للمراكز الأممية في القطاع من مؤسسات ومدارس الأونروا، أيضا شركاء في قتل 11 موظفا تابعين للأمم المتحدة حتى الآن.

وفي هذا الإطار يأتي أيضا إرسال حاملة الطائرات الأمريكية إلى المنطقة، ووصول دفعات من السلاح والذخيرة من أمريكا إلى الجيش الإسرائيلي، بالتالي في هذه الأثناء يُقتل الشعب الفلسطيني بالصواريخ الأمريكية، وهنا نتحدث عن جريمة مكتملة الأركان بالدعم السياسي والعسكري والمالي.

عنصرية مقيته لدى بايدن وإدارته في التعامل مع من يحملون الجنسية الأمريكية، فالإسرائيلي الأمريكي محل اهتمام وتقدير، بينما الفلسطيني الأمريكي فهو خارج حسابات هذه الإدارة العنصرية فقط لأنه من أصول فلسطينية، وهذا يذكرنا بالعنصرية الأمريكية تجاه الأمريكان من ذوي البشرة السوداء

كما أن بايدن في خطابه لم ينس الحديث عن الإسرائيليين الذين يحملون الجنسية الأمريكية؛ الذين قُتلوا في الأحداث الجارية في المستوطنات الإسرائيلية وعبّر عن تضامنه مع المفقودين منهم، وكان يزبد ويرعد بالتهديد والوعيد لمن يحتجزهم، لكنه تناسى وأغمض عينيه عن جريمة قتل الاحتلال الإسرائيلي للزميلة الصحفية شيرين أبو عاقلة الفلسطينية التي تحمل الجنسية الإسرائيلية، وهناك الكثير من الحالات للعنصرية الأمريكية في التمييز بين الإسرائيليين والفلسطينيين ممن يحملون الجنسية الأمريكية.

عنصرية مقيته لدى بايدن وإدارته في التعامل مع من يحملون الجنسية الأمريكية، فالإسرائيلي الأمريكي محل اهتمام وتقدير، بينما الفلسطيني الأمريكي فهو خارج حسابات هذه الإدارة العنصرية فقط لأنه من أصول فلسطينية، وهذا يذكرنا بالعنصرية الأمريكية تجاه الأمريكان من ذوي البشرة السوداء.

الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن في أي مرحلة من المراحل إلى جانب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، واليوم تزداد القناعة بأن أمريكا ليست إلا دولة حامية ومدافعة عن الاحتلال، وعلى المشككين في ذلك مراجعة أنفسهم وقراءة خطاب بايدن من جديد ليلمسوا العداء لقضايا أمتنا، إلى جانب الكراهية والعنصرية.
التعليقات (3)