نشرت مخابرات دولة
الاحتلال، كتابا يتضمن وثائق تاريخية وصورة يقول إنها لأشرف مروان، السياسي ورجل الأعمال المصري وصهر الرئيس الأسبق، جمال عبد الناصر، مع مشغله الإسرائيلي "دوبي"، مؤكدا أنه كان "الجاسوس الأهم ورقم واحد".
وطوال سنوات تضاربت الروايات لدى الاحتلال حول طبيعة تجسس
أشرف مروان، إذ يعتبره جهاز "
الموساد" أهم جاسوس في العالم العربي، في حين يعتبره جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" عميلا مزدوجا، وكُشف عن اسمه في أحد التحقيقات الصحفية والكتب عام 2003، في حين كان لا يزال على قيد الحياة ويسكن في العاصمة البريطانية لندن.
ويأتي هذا الكتاب والكشف عن هذه المعلومات بعد مرور 50 عاما على اندلاع
حرب أكتوبر 1973، وتضمن أن مروان أبلغ الاحتلال بموعد الحرب، قائلا: "هناك احتمال بنسبة 99% أن تبدأ الحرب غدا السبت"، بحسب ما كشفت صحيفة "
يديعوت أحرونوت".
وقالت الصحيفة: "هذه المرة الأولى التي ينشر فيها الجهاز بشكل استباقي ورسمي أبحاثا ووثائق تاريخية ظلت محفوظة في أرشيف الموساد، والتي لم يتم الكشف عن معظمها للعامة حتى الآن، ويعرض الموساد لأول مرة وثائق واقتباسات من العديد من المصادر والعملاء الذين قامت شعبة عملاء الموساد بتجنيدهم وتشغيلهم في الدول العربية، والذين خدموا في مناصب مختلفة في القيادة العسكرية والسياسية في الدول المعادية".
وأضافت أن "مروان كان صهر الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، وأحد المستشارين المقربين من خليفته أنور السادات، وفي الستينيات، تزوج من ابنة عبد ناصر الثالثة، مما أوصله إلى الدائرة الداخلية للرئيس، ثم حصل على مكانة سفير متنقل، وذهب في مهمات دبلوماسية حساسة حول العالم".
اظهار أخبار متعلقة
حرب أكتوبر
وكشفت الصحيفة أنه في ليلة 5 تشرين الأول/ أكتوبر 1973تلقى الموساد رسالة مفادها أن مروان يريد اللقاء في أقرب وقت ممكن، لتسليم معلومات مهمة للغاية، فيما يتعلق بقائمة المواد الكيميائية التي بحوزته.
وكانت المواد الكيميائية، بحسب إعلان الموساد، بمثابة رمز التحذير للحرب المتفق عليه بين الجاسوس الذي لقبوه بـ "الملاك" والموساد، وحينها جرى اللقاء في لندن.
وتحتوي الوثائق على تفاصيل اللقاء بالكامل وبدء الاجتماع الساعة 11:45 مساءً واستمراره حتى الساعة 2:00 صباحا، وسؤال رئيس الموساد حينها، تسفي زمير، عن الهجوم الذي تم إحباطه قبل شهر بالضبط في روما، ثم قال دعنا نتحدث عن الحرب، فأجاب مروان هناك احتمال بنسبة 99٪ أن تبدأ الحرب غدًا، يوم السبت. تقرر ذلك لأنه يوم عطلة بالنسبة لكم، الحرب ستبدأ في وقت واحد على كلا الجانبين – المصري والسوري.
وتضمنت الوثائق أن مروان نقل المعلومات بالتفصيل: "تم التخطيط للتحرك منذ حوالي ستة أشهر. وكان الجيش بأكمله في الجبهة باستثناء فرقتين، وتم نقلهما إلى الجبهة الأسبوع الماضي. قرر السادات يوم 25 سبتمبر موعدا للتحرك، ولكنه لم يخبر أحدا وطلب تجهيز مقره في القصر ومن هنا شعرت أنه جدي وفي 29 أيلول/ سبتمبر دعا السادات أعضاء مجلس الأمن القومي لاجتماع سري وأبلغهم قراره ببدء الحرب قريبا، ولم يذكر التاريخ الذي حدده، وقبل يومين أبلغ السادات السوفييت بنيته خرق وقف إطلاق النار قريبا، ولم يحدد لهم الموعد أيضا".
وقال مروان إن "الحرب ستبدأ في المساء، لكنها اندلعت عمليا حوالي الساعة الثانية بعد الظهر. وسئل أيضا عن القوة العسكرية التي عبرت إلى سيناء، فأجاب سيعبر الجيش المصري القناة، ويتمركز الجيش بالكامل تقريبا الآن أمام القناة باستثناء لواء مدرع واحد موجود في مكان آخر ولواء الحرس الجمهوري الموجود في القاهرة وحوالي أربعة ألوية أخرى في منطقة القاهرة، سوف يعبرون القناة، جرى بناء 7 كباري وسيعبرون من خلال 4 أو 5 أو 6 فقط".
وثيقة لمحضر اللقاء الذي جرى قبل حرب أكتوبر
وكشف الموساد أيضا في وثائقه الجديدة عن "المعلومة الذهبية" التي نقلها عميل للجهاز في الجيش المصري في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وبحسب "المعلومة" الموثقة باللغة الإنجليزية، "يخطط الجيش المصري لشن هجوم في 13 أو 14 أكتوبر، يشمل إنزال ثلاثة ألوية مظلية بالإضافة إلى هجوم بري واستخدام صواريخ بروغ".
وتلقى زامير المعلومة خلال مشاركته في جلسة لدى رئيسة الحكومة الإسرائيلية، غولدا مئير، أقر خلالها القادة العسكريون خطة لاختراق قناة السويس ومهاجمة القوات المصرية المتمركزة على الطرف الآخر للقناة والسيطرة على المنطقة.
وعقب تلقي المعلومة اقترح زامير على مجلس الوزراء تأجيل الخطة لمدة يومين "للسماح للقوات المصرية بالتوغل في سيناء والوقوع في فخ الجيش الإسرائيلي"، حيث تم قبول اقتراح زامير.
وبحسب الموساد فإن "المعلومة حالت دون سقوط محتمل، وأدت إلى تحول وانتصار في معركة حاسمة على الجبهة مع مصر، وفي 14 أكتوبر دمر الجيش الإسرائيلي حوالي مئة دبابة تابعة للجيش المصري شرق القناة، وفي اليوم التالي بدأ الجيش الإسرائيلي في عبورها".
اللحظة الأخيرة
تتضمن الوثائق توجيه انتقادات شديدة اللهجة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وقيادات الجيش عموما وتقييمهم الاستخباراتي، الذي أشار "حتى اللحظة الأخيرة" إلى أن احتمالات اندلاع الحرب "منخفضة".
وشدد الموساد على أن "الصورة الشاملة والمفصلة والتحذيرية، التي تم رسمها في أكتوبر 1973 من مصادر الموساد ومصادر الاستخبارات العسكرية معا، كان ينبغي أن تؤدي إلى تغيير في التقييم الاستخباراتي للجيش في ما يتعلق باحتمال الحرب".
علاقات واسعة
وجاء في الوثائق الإشارة إلى "قدرة مروان غير العادية في الوصول إلى القيادة المصرية والاطلاع على قراراتها واستعداده لإرسال رسائل تحذير حول نوايا مصر لبدء حرب ضدنا".
كما جاء فيها أن كل البريد الموجه للرئيس المصري حينها يمر عبر مكتب مروان "قبل أن يصل إلى السادات، وأنه مسؤول عن نقل تعليمات رئيس الجمهورية إلى جميع الأجهزة الحكومية، وتقديم المعلومات التي تجمعها كافة الأجهزة الاستخبارية إلى رئيس الجمهورية".
وكتب مشغل مروان "دوبي" هذا في تقريره أن مروان كان حاضرًا في جميع مؤتمرات رؤساء الدول العربية التي عقدت في القاهرة وفي جميع الاجتماعات التي يعقدها رئيس الوزراء المصري، وأنه "يحتفظ بعلاقات شخصية في جميع قطاعات الجيش المصري.
في حين تطرق تقرير آخر قدمه "دوبي" إلى تفاصيل شخصية عن مروان، بما في ذلك "علامات خاصة" على جسده، تشمل "ندبة على ظهر كف يده". ولأول مرة، نشر الموساد صورتين لمروان مع "دوبي"، علما بأنه لم يسمح بعد بالكشف عن هوية "دوبي" الحقيقية.