في وقت ينشغل به
الاحتلال خلال الأشهر السبعة الماضية، بشكل كبير، بالأزمة الداخلية غير المسبوقة، يتم الترويج لتحركات استيطانية في
الضفة الغربية، تعمل على تغيير التركيبة الجغرافية والديمغرافية للاحتلال، بما يجسّد تحديت وجوديا خطيرا، من حيث تسريع الخطوات التي تؤدي لمحو الخط الأخضر، وتغيير الواقع الديموغرافي في المنطقة، وانصهار الاقتصاد الفلسطيني في نظيره "الإسرائيلي".
واستعرض
مقال في صحيفة يديعوت أحرنوت لمايكل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بجامعة تل أبيب، والباحث بجامعة رايخمان، مخاوف بعض القوى السياسية في الاحتلال من تسارع في تطبيق خطة وزير المالية المتطرف "سموتريتش" لضم الضفة الغربية وخطورة ذلك على "إسرائيل".
اظهار أخبار متعلقة
وقال ميلشتاين في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن "التوجه الاسرائيلي نحو نموذج الدولة الواحدة يتجسد بالموافقة على بناء 12 ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية، وتقصير عملية الموافقة على البناء
الاستيطاني بعد خضوع جزء من الإدارة المدنية لوزير المالية اليميني بيتسلئيل سموتريتش، بالتزامن مع تقليص مسؤولية وزير الحرب يوآف غالانت عن الاستيطان في الضفة، وتشريع بناء عشر بؤر استيطانية، وإلغاء قانون الانفصال عن شمال الضفة الغربية".
وأضاف، " أننا أمام تطبيق تدريجي، لرؤية سموتريتش بعيدة المدى، التي تركز على السيطرة اليهودية في الضفة الغربية، ومضاعفة الاستيطان، والتوحيد الإداري للمستوطنات في الضفة مع الموجودة في إسرائيل، واختفاء السلطة الفلسطينية، بالإضافة لإنفاق المزيد من الأموال على البناء الاستيطاني، ما يجعلنا بالفعل، على المسار السريع لنموذج الدولة الواحدة".
وأشار ميلشتاين إلى أن "إسرائيل تجد نفسها في واقع يتم إنشاؤه بدون تخطيط استراتيجي منظم، أو إعلانات أو مناقشة عامة، ولكن من خلال روتين يومي من البيروقراطية، وتعبيد الطرق، وإصدار التصاريح".
وأردف، "لكن في خلفية ما يجري يظهر التميز المفرط في تعزيز السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين على أساس المفهوم القائل بأن تحسين حياتهم سيضمن الاستقرار الأمني، وعندما يتسارع ذوبان الكيانين، ويتم إجراء مناقشة حول القضية الفلسطينية بالفعل في إسرائيل، سيتم إجراؤها على أساس النماذج السابقة بين رؤية الدولتين لمواصلة إدارة الصراع".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أنه "من الناحية العملية، تتزايد مسؤولية إسرائيل عن ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية، وبهذه الطريقة، يقترب المجتمعان من نقطة اللاعودة جغرافيا وسياسيا واقتصاديا، الأمر الذي لن يسمح بفصل مادي بينهما، وستنشأ تحت رعايتها واقع بلقاني متضارب".
وأكد ميلشتاين، "أن ذلك يجري بالتزامن مع استنزاف الأزمة الداخلية المجتمع الاسرائيلي، حيث سيكون من الصعب عليه خوض مواجهة مصيرية أخرى في الأمور الجوهرية، رغم أنه من المحتمل أن تتجنب إسرائيل، التوّاقة للتعافي، التعامل مع القضايا المتنازع عليها بشدة، ومن شأنها أن تثير مرة أخرى دعوات لاضطراب مدني، أو تنعكس سلبا على استقرار النظام العسكري".
ورأى أن "إسرائيل مدعوة لإجراء مناقشة تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين، بحيث تكون مصحوبة بتغييرات إقليمية في الضفة الغربية، لأن عدم مناقشة القضية الفلسطينية يجعلها تزداد تعقيدا".
اظهار أخبار متعلقة
وختم الكاتب، "أن السنوات الخمس التي ضاعت في صراع إسرائيلي داخلي، واستمرار تجاهل القضايا الوجودية مع الفلسطينيين، بما فيها التهديد الإيراني، يؤكد أنه إذا خرجت إسرائيل من الانقسام، فستبدو مختلفة عما كانت عليه اجتماعياً وسياسياً وجغرافياً، وقد تقف شبه منهكة أمام تحديات وجودية تفوق ما تواجهها حاليًا".
تؤكد هذه القراءة "الإسرائيلية" ما يمكن اعتبارها صرخة وجودية على نتنياهو استيعابها، الذي يبدو مطالبا بتنحية قضاياه الشخصية وتعديلاته القانونية، والتركيز على القضايا الجوهرية التي سيكون لها تأثير كلير على الاحتلال، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي برهنت في الماضي استحالة الهروب من النقاش فيها، والبتّ في مآلاتها.