أعاد الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، مسألة إحياء مفاوضات عضوية بلاده إلى
الاتحاد الأوروبي بعد توقفها لسنوات، في مناورته بشأن انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي "
الناتو"، في خطوة تثير التساؤلات حول تحول أنقرة إلى
الغرب.
وفي اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي جو بايدن، قبل انعقاد قمة الناتو، طالب أردوغان بتمهيد الطريق لعضوية
تركيا في الاتحاد الأوروبي أولا، من أجل تمهيد الطريق لعضوية السويد في الناتو.
دعم أمريكي وغربي بشأن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي
وقال البيت الأبيض، إنه يدعم دائما تطلعات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وما زالت على موقفها.
وأكد أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ، دعمه للطلب التركي، فيما قالت السويد إنها ستدعم "بقوة" مسار عضوية أنقرة للاتحاد الأوروبي، ومساعي تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرات.
أما المستشار الألماني أولاف شولتس، أكد أن تركيا شريكة هامة للاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أنه في القمة الأخيرة لقادة الاتحاد تم اتخاذ قرارات بشأن كيفية تطوير العلاقات مع تركيا بشكل أكبر.
اظهار أخبار متعلقة
وبحث أردوغان مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، فرص إحياء العلاقات بين الطرفين من جديد.
وأضاف: "مجلس الاتحاد الأوروبي طلب من المفوضية والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، إعداد تقرير استراتيجي وتطلعي حول العلاقات مع تركيا".
توتر مع روسيا
وتأتي المناورة التركية بالتزامن مع توتر مع موسكو، عندما سلمت أنقرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خمسة قادة أوكرانيين كانوا محتجزين في تركيا بموجب شروط اتفاق لتبادل الأسرى.
وذكر الكرملين أن على تركيا ألا تتوهم أنه سيسمح لها ذات يوم بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكنه أكد على أن موسكو لديها رغبة بعلاقة قوية مع أنقرة.
وقال دمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، إن تركيا تستطيع أن تتجه نحو الغرب، "فنحن نعلم أنه في تاريخ جمهورية تركيا كانت هناك فترات من التوجه المكثف نحو الغرب، وكانت هناك فترات أقل كثافة.. لكننا نعلم أيضا أنه لا أحد يريد رؤية تركيا في أوروبا، أعني الأوروبيين. وهنا يجب ألا يضع شركاؤنا الأتراك نظارات وردية أيضا".
مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.. متى توقفت؟
وجمدت مفاوضات العضوية بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 20 شباط/ فبراير 2019، وفي نهاية العام 2021 قرر مجلس الاتحاد الأوروبي أن تظل العملية مجمدة.
وقد فتحت مفاوضات الانضمام في عام 2005، ومنذ ذلك الوقت حتى الآن فتح "16" فصلا من أصل "35" من فصول شروط الانضمام، وأغلق واحد مؤقتا.
اظهار أخبار متعلقة
وتوصلت تركيا والاتحاد الأوروبي، في 18 أذار/ مارس 2016، إلى ثلاث اتفاقيات مرتبطة ببعضها البعض حول الهجرة، وإعادة قبول طالبي اللجوء، وإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك.
والتزمت أنقرة بما يتوجب عليها بخصوص الاتفاقين الأولين، في حين لم تقم بروكسل بما يتوجب عليها بخصوص إلغاء تأشيرة الدخول للأتراك وبنود أخرى.
وتسعى أنقرة لتحديث الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ في 1 كانون الثاني/ يناير 1996.
ومع تطبيق الاتحاد الجمركي، اختفت الرسوم الجمركية وقيود الكمية والتدابير ذات التأثير المماثل في تجارة المنتجات الصناعية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ومع ذلك فإنه يعاني من العديد من المشاكل البنيوية مع تطور هيكلية التجارة الحالية والتي اختلفت بشكل كبير في السنوات الـ28 الماضية.
ولا تعد تركيا طرفا مباشرا في اتفاقيات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى، وغياب المفاوضات بهذا الشأن يتسبب بمشاكل. وتعمد الاتحاد الأوروبي بشكل مستمر تأجيل عملية تحديث الاتحاد الجمركي لدواع سياسية.
أردوغان يرغب بنقل العلاقات مع الغرب إلى مستوى جديد
رئيس مركز دراسات "سيتا" برهان الدين دوران، في مقال على صحيفة "
صباح"، ذكر أنه يمكن اعتبار طلب أنقرة إحياء مفاوضات العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، ردا على ربط واشنطن بيع طائرات "أف16" لتركيا، بعضوية السويد إلى الناتو.
ورأى أن أردوغان في ذات الوقت يظهر رغبته في نقل العلاقات مع الغرب إلى مستوى جديد، حيث يريد تنشيط العلاقات مع الناتو والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد حصوله على تفويض من الناخب التركي لخمس سنوات.
ويرغب أردوغان في كسر الحواجز أمام تركيا ورفع كافة العقوبات المفروضة عليها، ويذكر الحلفاء الغربيين بمخاوف بلاده الأمنية واحتياجاتها الدفاعية بالتزامن مع مسالة عضوية السويد في الناتو.
وأضاف دوران أنه في الوقت الذي تحاول فيه الجهات الفاعلة في النظام الدولي التكيف مع التعددية القطبية، فإنه يجب تقييم حديث أردوغان عن العضوية في الاتحاد الأوروبي بشكل صحيح من حلفائه الغربيين، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى الانتقال إلى نموذج جديد في واشنطن وبروكسل فيما يتعلق بأنقرة.
وتابع: إن إعادة تقييم مكانة أنقرة في التحالف الغربي، على أساس قواعد التحالف والمصالح الجيوسياسية المتبادلة ستنتج مكاسب استراتيجية لكل من تركيا و"الناتو" والاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن استضافة أردوغان للرئيس الأوكراني، وحديثه عن أن كييف تستحق عضوية الناتو، وتأكيده على التعاون الدفاعي بين البلدين، وتسليمه قادة كتيبة آزوف إلى زيلينسكي، تأتي في إطار خطوات جديدة في سياسة التوازن التي وضعها بين الغرب وروسيا.
هل أدارت تركيا ظهرها لروسيا؟
الكاتبة هاندا فرات في مقال على صحيفة "
حرييت"، نقلت عن مصادر أن البطاقة التي عمل عليها أردوغان وفريق عمله الجديد، أن تركيا تنتظر منذ سنوات طويلة بشأن عضويتها في الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي لم تحتمل فيه دول الاتحاد التي هي أعضاء في الناتو، عدم انضمام السويد إلى الحلف ثلاثة أشهر.
وترى تركيا، أنه من المهم طرح خارطة طريق لاستئناف المفاوضات مع الاتحاد والعمل على تحرير التأشيرات. ولهذا السبب، كان من المهم تضمين هذه العناوين في البيان المنشور على الصفحة الرسمية لحلف الناتو في قمته.
وشددت الكاتبة فرات على أن التصور الذي تجري محاولة خلقه أن "تركيا تدير ظهرها لروسيا وتحول اتجاهها بالكامل إلى الغرب" ليس صحيحا، مؤكدة أن أنقرة ستواصل الحفاظ على سياستها القائمة على التوازن كقوة دولية وإقليمية.
وأوضحت أنه في الوقت الذي تستمر فيه العلاقات مع الغرب وأوروبا في التحسن، ستستمر "المفاوضات الشفافة" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.