عبرت صحيفة عبرية عن قلقها إزاء تصاعد
المقاومة والتوتر في
الضفة الغربية المحتلة بالتزامن مع ضعف
السلطة الفلسطينية، مما يدفع "إسرائيل" إلى مستقبل يتعزز فيه واقع "الدولة الواحدة".
وأوضحت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في افتتاحيتها التي كتبها الخبير ميخائيل ميلشتاين، أن التصعيد الحالي في الضفة الغربية يثير صدى واسعا في "إسرائيل"، ومع ذلك، النقاش في المسألة يتم من زاوية ضيقة، أمنية في أساسها، وهو يتركز على التهديدات الناشئة (العبوات وتجارب الصواريخ في شمال الضفة)، على أساليب العمل التي تتخذها إسرائيل، وبالطبع على الرد القاطع وفي مركزه الدعوة لحملات على هذا النطاق أو ذاك، بما في ذلك "السور الواقي2".
وقالت: "يكاد النقاش الإسرائيلي لا يلمس التحديات الاستراتيجية التي تقف من خلف التهديدات الجارية، وعلى رأسها الضعف المتزايد للسلطة إلى جانب تعزز قوة "حماس" التي تعمل بقوة استراتيجية مرتبة، وتفحص كيف ومتى يكون من الصواب تثبيت سيطرة لها في المناطق".
وحذرت الصحيفة من أن أفول السلطة الفلسطينية من شأنه أن يخلق فراغا سلطويا، يضع "إسرائيل" أمام خيارين سيئين، هما: أن تملأ حماس هذا الفراغ، أو انجذاب ذاتي، معناه أخذ المسؤولية عن 2.85 مليون مواطن فلسطيني في الضفة الغربية.
ونبهت إلى أن "عدم الاعتراف والاهتمام الإسرائيليين بالموضوع الفلسطيني، ينبعان من خليط من التركيز على الأزمة الداخلية، الاعتياد على التوتر الدائم، هروب معظم السياسيين من الاهتمام بالمسألة التي تفترض أقوالا واضحة وهروبا عاما يسود في الجمهور".
إظهار أخبار متعلقة
وأضافت "يديعوت": "عندما تطل تهديدات أمنية، يتركز معظم النقاش على حلول عسكرية، وعند الهدوء يدفع إلى الأمام بالسلام الاقتصادي؛ "التوأم التكتيكي" للرد العسكري المعد، هو أيضا للسماح برد عديم النظرة بعيدة المدى، الذي يدمج بشكل متصاعد بين إسرائيل والضفة وتعزيز حكم حماس في غزة".
وبينت بأن "إسرائيل اختارت عمليا ألا تجري النقاش الوجودي على مستقبل العلاقات بينها وبين الفلسطينيين، وبدلا من هذا، أن تتخذ انتظارا عديم التخطيط أو المبادرات، وفي الوسط يتغير الواقع في ضوء توسيع الاستيطان في الضفة وتعميق صهر البنى التحتية، القضائية والإدارية بين المنطقتين، وكل ذلك دون أن يجرى تحليل إلى أين تريد إسرائيل أن تصل".
وأشارت إلى أن "حفظ الوضع القائم، سيناريو تتضاءل احتمالاته، إلى جانب وجود السلطة؛ حفظ خيار الانفصال (الذي هو أيضا آخذ في الذوبان)؛ أم ربما دولة واحدة - فكرة يخيل أنها تصبح الواقع حتى دون إرادة أو وعي من أغلبية الجمهور -، ويحتمل أن يكون مفضلا من أجزاء في الحكومة تكفر بوجود الشعب الفلسطيني".
ورأت الصحيفة، أن "التصعيد في شمال الضفة، يجب أن يشكل إشارة إيقاظ للجمهور، من أجل نقاش ثاقب حول المستقبل، وهذا ليس فقط بسبب تعاظم المقاومة الذي يثير القلق من تكرار مشاهد الانتفاضة الثانية، بل بالذات بسبب الصور الجديدة لتعاظم الاحتكاكات العنيفة بين
المستوطنين والفلسطينيين، التي ستصبح عادة يومية إذا ما تشكلت دولة واحدة".
وتابعت: "بعد ثلاثة أشهر، ستحل الذكرى الثلاثين لاتفاق أوسلو الذي تشوش في سياق الطريق، وأصبح واقعا معقدا ومتوترا، وهذه فرصة طيبة، سواء للقيادة أم للجمهور بإجراء تمرين خيالي جماعي، موجه حول المستقبل الذي لا يرتبط بالمعركة القضائية أو النووي الإيراني".
وتساءلت: "كيف سيكون الواقع الإسرائيلي-الفلسطيني بدون السلطة أو حين تكون هذه قائمة ولا تؤدي مهامها؟؛ كيف ستكون الحياة بدون فاصل مادي بين جماعتين سكانيتين ومجتمعين معاديين الواحد للآخر، يحملان أحلاما وأهدافا وروايات متضاربة؟ وإذا كان لا؛ فما هي البدائل؟".
ولفتت "يديعوت" إلى أن "هذا الحوار الوجودي، يجب أن يتم انطلاقا من الإحساس بضيق الوقت، إلى جانب الفهم بأن "القرار بعدم القرار"؛ كما وصل يغئال ألون، سياسة إسرائيل في الموضوع الفلسطيني منذ 1967، لا يمكنه أن يستمر إلى الأبد وسينتهي بأفضل الأحوال بأزمة، وبما هو معقول أكثر؛ بمصيبة وطنية".