تواصل دولة
الاحتلال افتعال أزمات دبلوماسية وسياسية مع مختلف دول العالم، على خلفيات عديدة،
آخرها هذه المرة بسبب الدعم المالي والرعاية المعنوية التي تحصل عليها منظمات حقوق
الإنسان من الدول الأوروبية، زاعمة أن هذه المنظمات تساند المسلّحين الفلسطينيين.
ووصلت ذروة
الاحتجاج
الإسرائيلي على
فرنسا التي منحت "وسام الشرف" من قنصلها في تل
أبيب للمدير التنفيذي لمركز حماية الفرد، بسبب التزامه بالحقوق المدنية، مما دفع
أعضاء كنيست من الليكود لمطالبة الحكومة بفحص سياستها ضد ما وصفه
"التدخل" الفرنسي في دعم المنظمات المعادية.
عاكيفا بيبغمان
مراسل
القناة 14 اليمينية، ذكر أن "القنصل الفرنسي في إسرائيل رينيه تروكاز
منح وسام الاستحقاق الوطني نيابة عن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إلى جيسيكا
مونتال المديرة التنفيذية لمنظمة مركز حماية الفرد- هموكيد، خلال احتفال مهيب في
القنصلية بالقدس المحتلة؛ تقديرا لـ"التزامها الراسخ بحقوق الإنسان"،
مما دفع عضو الكنيست أرييل كيلنر رئيس اللوبي من أجل محاربة معاداة السامية ونزع
الشرعية في إسرائيل، لمطالبة الكنيست أن تجري نقاشا عاجلا حول هذا الموضوع، بزعم
أن المركز في السنوات الأخيرة مثّل الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم لدى المحاكم
الإسرائيلية".
ونقل في تقرير
ترجمته "عربي21" عن كيلنر تساؤله: "هل يتخيل أحد أن سفير إسرائيل
في فرنسا يعطي علامة شرف للمنظمة التي تمثل الإرهابيين، الذين نفذوا الهجوم الخطير
في تشارلي إيبدو في فرنسا، كيف يمكن لدولة يفترض أنها صديقة لنا، أن تدفع ما لا يقل
عن مئات التكريمات لمنظمة تمثل قتلة أطفالنا؟ كل ذلك يستدعي إجراء مناقشة في لجنة
الشؤون الخارجية والأمن التابعة للكنيست".
شاي غليك الرئيس
التنفيذي لشركة "بيتسلمو"، اتصل بالسفير الفرنسي في إسرائيل لمنع منح
الجائزة، بزعم أنها طعنة في ظهر دولة صديقة، ويجب على إسرائيل أن توضح لفرنسا أنها
تجاوزت خطوطا حمراء، ولا بد من إلغاء الجائزة.
وتصاعدت الضجة
الإسرائيلية ضد منظمة حقوقية تأسست عام 1988، من أجل رعاية حقوق الفلسطينيين في
الضفة الغربية، ومن مجالات عملها المركزية مساعدة الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم،
وتوفير المعلومات عن المعتقلين الإداريين، وتقديم التماسات ضد هدم المنازل، وتنظيم
زيارات عائلية للمعتقلين.
أريئيل فليكسين
الكاتب في صحيفة
إسرائيل اليوم، زعم أن "الدعم الذي تحظى به المنظمات
الحقوقية في اسرائيل، خاصة منظمة "كسر الصمت"، يعتبر مشكلة عميقة
للسياسة الخارجية الإسرائيلية، وأساليب العمل والثقافة الدبلوماسية التي تقودها
وزارة الخارجية؛ لأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي يدخل فيها الدبلوماسيون الضيوف
الأجانب إلى غرفة المعيشة، دون أن يطرقوا الباب، ويرمون أحذيتهم في أحد الزوايا،
والجوارب في الحوض، ويجلسون أمام التلفزيون مع وضع قدم واحدة على الطاولة".
إظهار أخبار متعلقة
وأضاف في مقال
ترجمته "عربي21"، أن "كل السفراء والدبلوماسيين الأجانب في إسرائيل
يفعلون ما يشاؤون، من الإعراب عن القلق إلى المشاركة المادية والتشجيعية مع جمعيات
ما بعد الصهيونية والراديكالية، لذلك فبينما يتم طرد منظمة "كسر الصمت"
من كل مكان في إسرائيل، فإنها تجد العزاء والعناوين الرئيسية من قبل الدبلوماسيين
الأجانب".
وزعم أن "كل
ذلك يستدعي الحدّ من تأثير أموال الحكومة الأجنبية على ما يحدث في إسرائيل، من خلال
تحويل التمويل للجمعيات المحلية، مما يؤكد أن التمويل الغربي للجمعيات الحقوقية هو
بالضبط الوقود الذي يعمل عليه محرك التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لإسرائيل".
وتتزامن الضجة
الإسرائيلية تجاه
المنظمات الحقوقية، والدعم الأوروبي لها، مع توجه لسنّ مشروع
قانون لمنع حصول الجمعيات الأهلية على هذا التمويل، مما دفع السفراء الأوروبيين
للإعراب عن قلقهم منه، مؤكدين مواصلة إثارة القضية مع الاحتلال، مع أن مشروع
القانون يسعى لفرض ضرائب على التبرعات، التي تأتي من الحكومات الأجنبية للمنظمات
المدنية في دولة الاحتلال، مما يقلّص مشاركة الحكومات الأجنبية فيما يحدث فيها،
ومنع التبرعات للمنظمات اليسارية، مما دفع برئيس الوزراء لتأجيل القرار بشأن مشروع
القانون بضعة أسابيع.