تواصل حكومات
الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة، تعميق
الاستيطان ونهب الأراضي الفلسطينية المحتلة بطرق شتى وعبر أذرعها المختلفة، بالتزامن مع طرد أصحاب تلك الأراضي منها، وتهجيرهم من ديارهم بالقوة.
وأوضحت صحيفة "
هآرتس" العبرية، في تقرير نشرته للكاتبة المختصة بالشؤون العربية عميرة هاس، أن السلطات الإسرائيلية سمحت بإقامة 6
مزارع أغنام استيطانية للعمل في "
مسافر يطا" جنوب جبل الخليل، وهي منطقة أعلن عنها كمنطقة تدريب عسكري، حيث "صادق قضاة المحكمة العليا على طرد سكانها
الفلسطينيين منها".
مزارع استيطانية بدعم الجيش
ولفتت إلى أن البؤر الاستيطانية الست العشوائية التي يطلق عليها "مزارع"، أقيمت قرب البؤر الاستيطانية "متسبيه يئير" و"آفي غيل" و"حفات معون"، علما أن مزرعتين من هذه المزارع الاستيطانية في المنطقة أقيمتا قبل قرار المحكمة العليا في 2022، وثلاثة على الأقل منها أقيمت بعد ذلك، موضحة أن "منسق أعمال الحكومة في المناطق، سبق وأن أصدر أوامر إنفاذ قانونية إدارية ضد المباني في المزارع، وتم تفكيك واحدة في السابق، لكنها عادت وبنيت".
وأكدت وجود "نشاطات محمومة ومتواصلة حول المزارع من قبل المستوطنين، رغم إصدار أوامر وقف أعمال الهدم، حيث يظهر من بعيد تراكم الحظائر القديمة والجديدة".
وأشارت إلى "وجود جنود من الجيش الإسرائيلي في بعض الأحيان قرب المستوطنين الرعاة في منطقة التدريب، بل يرافقونهم"، موضحة أن "3 مزارع أقيمت شرق "متسبيه يئير" التي يسميها الفلسطينيون "وادي الجت" (وادي القط)، المزرعة الأولى، أقيمت قبل عامين تقريبا، والثانية إلى الجنوب منها بقليل أقيمت قبل سنة، واستولت على مغر للسكن استخدمها الفلسطينيون منذ عشرات السنين، الثالثة أقيمت قبل بضعة أسابيع، وهي أكثر عمقا في منطقة التدريب".
اظهار أخبار متعلقة
أما المزرعة الاستيطانية الرابعة، أقيمت في شرق البؤرة الاستيطانية "آفي غيل" بعد فترة قصيرة على قرار المحكمة العليا، والمزارع الأخرى بنيت في جبل "مشخة" شرقي البؤرة الاستيطانية "حفات معون"، في موقعها السابق الذي أخليت منه في 2004.
وأضافت: "مستوطنون؛ شبان وكبار، بعضهم معروف للجيش، يعيشون في البؤر الاستيطانية الأقدم، منهم من هو المسؤول المباشر عن تشغيل مزارع الماشية؛ أغنام وأبقار وجمال"، منوهة أن "ظاهرة هذه المزارع الاستيطانية الإسرائيلية، اتسعت وترسخت بشكل خاص في العقد الأخير، وفقط في منطقة جنوب جبل الخليل، يوجد الآن 23 مزرعة، ضمنها الست مزارع المذكورة".
وتابعت: "مثلما يحدث في مناطق أخرى في الضفة، أيضا في "مسافر يطا"، شهادات تدل على أن المستوطنين الرعاة يبعدون بالتخويف والعنف الفلسطينيين الرعاة من سكان المنطقة عن مناطق الرعي التي استخدموها لعشرات السنين، ويبعدونهم عن آبار المياه التي حفروها بأنفسهم أو أجدادهم قبل فترة طويلة، كما أن رعاة الأغنام الإسرائيليين يرسلون قطعانهم إلى الحقول المزروعة بالشعير التابعة للفلسطينيين، وإلى حقول أشجارهم، للقضاء على المحاصيل، وهذا تسبب بمواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين".
وقف تمدد القرى الفلسطينية
المحامي روني بلي من جمعية حقوق المواطن، وهي جمعية مثلت السكان الفلسطينيين مع المحامي شلومو ليكر منذ 1999، قال للصحيفة: "الوثائق التاريخية تدل على أنه منذ 40 عاما، الإعلان عن منطقة تدريب استهدف طرد السكان الفلسطينيين من المنطقة، وبعد قرار المحكمة، الجيش يثقل يده ويحول حياة سكان القرى إلى حياة لا تطاق، مؤخرا أقيمت في المنطقة بؤر استيطانية، زاد عنف المستوطنين، وسكان "مسافر يطا" متروكون لمصيرهم والجيش لا يفعل أي شيء للدفاع عن حياتهم وممتلكاتهم، مثلما يحدث في باقي مناطق الضفة".
وأضاف: "الفرق بينهم وبين أماكن أخرى؛ أنه لا أحد يخفي نية طردهم من المنطقة، وجميع الجهود التي تبذل في سبيل ذلك هي مباحة، يجب التذكير بأن طرد السكان المحميين هو محظور ويمكن أن يشكل جريمة حرب، حتى عندما يتم القيام به عن طريق تحويل حياة السكان لواقع غير محتمل".
اظهار أخبار متعلقة
في "مسافر يطا"، يوجد منذ القرن التاسع عشر قرى "مغر" لرعاة الأغنام الفلسطينيين، الذين أقاموا في المنطقة مع القطعان في معظم أشهر السنة، وزرعوا فيها القمح والشعير والخضراوات من أجل الاستهلاك، وقرى "المغر" مثل قرى فلسطينية صغيرة أخرى في أرجاء البلاد، أقيمت في البداية كامتداد طبيعي ومعروف لقرى قائمة عندما زاد عدد سكانها أو عندما كانت هناك حاجة لتوسيع منطقة الرعي أو من خلال البحث عن مصادر المياه، ومع مرور الوقت ترسخت كبلدات ثابتة، تم الحفاظ على العلاقات العائلية، الاقتصادية والثقافية بين الجميع.
في قرية "جنبا"، بنيت أيضا منازل حجرية في بداية القرن العشرين، قام الجيش بتفجير معظمها في 1966، في بداية الثمانينيات أعلن جيش الاحتلال عن منطقة بمساحة 30 ألف دونم في "مسافر يطا" كمنطقة التدريب "918"، بعد توصية من أريئيل شارون لجهاز الأمن، كوسيلة لوقف ترسخ وتمدد القرى الفلسطينية الموجودة في المنطقة، ورغم الإعلان، إلا أن السكان في 12 قرية صغيرة واصلوا العيش فيها، في "المغر" وفي الخيام التي أقيمت مع مرور الوقت بجانبها، وعندما كان يتم إجراء تدريبات بشكل عام، كان ينفذ في منطقة محددة، ومع ذلك السلطات الإسرائيلية منعت الفلسطينيين من إقامة مبان ثابتة والارتباط بالبنى التحتية للمياه والكهرباء"، بحسب "هآرتس".
في 1999؛ ذروة عملية أوسلو، وفي وقت ولاية ايهود باراك، كرئيس للحكومة ووزير الأمن، طرد جيش الاحتلال نحو 700 فلسطيني من سكان القرى الصغيرة، وقام بهدم بيوتهم وآبارهم، وفي أعقاب التماسات قدمها السكان للمحكمة العليا، قامت المحكمة بإصدار أمر مؤقت وسمحت بعودتهم، لكن دون السماح لهم بإعادة إعمار المباني وآبار المياه التي هدمت، ولا حتى شق طرق تربط بينها، لكن العديد من المباني تم إعمارها بدون تراخيص، اعتبرت من قبل الإدارة المدنية مباني غير قانونية.
ونبهت "هآرتس" بأن "إسرائيل ترى السكان، غزاة لمنطقة تدريب، وهم بدورهم واصلوا نضالهم القانوني ضد طردهم وهدم قراهم. وفي أيار/مايو 2022 رفض القضاة الالتماس ضد وجود منطقة تدريب، وأجبرت الملتمسين، وهم من الطبقة الفقيرة الفلسطينية، على دفع 40 ألف شيكل (دولار=3.7 شيكل) كنفقات للمحكمة، ومنذ صدور القرار، قامت إسرائيل بخطوات تنغص على السكان الفلسطينيين حياتهم منها؛ هدم مستعجل لمدرسة، مصادرة السيارات، زيادة الحواجز العسكرية وتوقيف طويل لرعاة الأغنام".