نشرت صحيفة "
الغارديان" تقريرا قالت فيه؛ إن مزارع المستوطنات تزدهر في قرى
الضفة الغربية المحتلة، بينما لا يملك الفلسطينيون في كثير من الأحيان ما يكفي من المياه للشرب.
وقالت الصحيفة؛ إن "الإسرائيليين، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المستوطنات، يستخدمون ثلاثة أضعاف كمية المياه التي يستخدمها فلسطينيو الضفة الغربية، وفي العديد من الأماكن، يصعب على المزارعين الفلسطينيين زراعة محاصيل مثل القمح والعدس والحمص، مشيرة إلى أن انخفاض الوصول إلى الأراضي والمياه بسبب التوسع الاستيطاني، يعني أن الزراعة تساهم بنسبة 2.6% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للأراضي المحتلة اليوم.
وتعتبر المياه من أغلى الموارد في
دولة الاحتلال، والأخيرة رائدة في إدارة وتكنولوجيا المياه: في العام الماضي، بدأ مشروع فريد من نوعه في ضخ مياه البحر المحلاة من البحر الأبيض المتوسط شمالا، لتجديد بحيرة طبريا المتقلصة.
ومع ذلك، تؤكد الجماعات الحقوقية أن هذه النجاحات تلحق الضرر بالفلسطينيين. وتسيطر "إسرائيل" على حوالي 80% من احتياطي المياه في الضفة الغربية، لكن كلا من الضفة الغربية وقطاع غزة يواجهان إجهادا مائيا شديدا وجفافا.
إظهار أخبار متعلقة
ونظريا، لا يمكن لأي شخص يعيش أو يعمل في المنطقة ج، 60% من الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، الاتصال بخطوط أنابيب تابعة لشركة المياه الإسرائيلية دون إثبات ملكية الأرض أو الحصول على تصريح إسرائيلي، لكن من الناحية العملية، يعد الوصول إلى الموارد المائية سلاحا فعالا تسيطر عليه دولة الاحتلال وتدعم به الاستيطان، مما يسمح بازدهار مزارع الكروم وبساتين الزيتون والماشية ومزارع التمور في المستوطنات.
واستقر حوالي 450000 مستوطن في ما يعرف الآن بالمنطقة ج منذ بدء الاحتلال في عام 1967 ولديهم دوافع مختلفة: يرى البعض أن استعادة أرض إسرائيل التوراتية مهمة دينية أو قومية، في حين أن البعض الآخر ينجذب إلى التكلفة الأرخص للمعيشة أو فرص عمل. بشكل عام، ينظر المجتمع الدولي إلى وجودهم على أنه غير قانوني، ويشكل عقبة رئيسية أمام السلام.
أصبحت حفنة قليلة غنية من خلال زراعة آلاف الدونمات من الأراضي المحتلة، وإنشاء مصانع نبيذ مربحة وتمور عالية الجودة وعلامات زيت الزيتون للتصدير. وواحدة من أكبر الشركات الزراعية في المستوطنات اليوم هي ميشك أشيا، التي تأسست في عام 2003 بالقرب من مستوطنة شيلو المهمة من الناحية التوراتية، وهي منطقة تشتهر بشكل خاص بالاستيلاء على الأراضي وعنف المستوطنين.
وتقول عائلات محلية؛ إن مشك أشية نمت بعد الاستيلاء على مساحات شاسعة من أراضيها خلال الانتفاضة الثانية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما تم حظر وصول الفلسطينيين في المنطقة.
إظهار أخبار متعلقة
قال جمال ديب، أحد سكان قريوت، القرية المجاورة لجالود حيث استولت شركة مشك أشية أيضا على الأراضي التي تطالب بها العديد من العائلات المحلية: "لو كان لدينا المزيد من المياه، لكانت القرية تزرع أكثر من الفول والزعتر. ولكن في بعض الأحيان في الصيف ليس لدينا حتى مياه الشرب".
وقال الرجل البالغ من العمر 55 عاما: "عائلتي في وضع جيد لأن لدينا كواشين ويمكننا إثبات ملكيتنا لها، لكننا ما زلنا نكافح منذ عقود. إطالة معارك المحكمة هو جزء من الاستراتيجية. لا أعتقد أنني سأرى أشجارنا على ذلك الجانب من الوادي مرة أخرى".
سيكون نجاح مشك أشية مستحيلا بدون الحصول على كميات كبيرة بشكل متزايد من المياه التي يحتاجها المزارعون في المناطق المعرضة للجفاف. ومع ذلك، على الرغم من وجود خمسة أوامر إخلاء معلقة على بعض الأراضي التي تسيطر عليها الشركة، التي أيدتها المحكمة العليا الإسرائيلية، لا تزال العملية بأكملها مرتبطة بإمدادات وكالة المياه الإسرائيلية.
في عام 2017، أي العام الأخير قبل توقف سلطة المياه عن نشر البيانات التفصيلية لتخصيصات المياه الزراعية في الضفة الغربية، تلقت مشك أشية حوالي 100 ألف متر مكعب من المياه، أي ما يعادل 274 مترا مكعبا يوميا (المتر المكعب = 1000 لتر). يستخدم الفلسطينيون الذين يعيشون في المنطقة (ج) حوالي 20 لترا من المياه يوميا، أي خُمس الحد الأدنى يوميا التي حددتها منظمة الصحة العالمية، التي تبلغ 100 لتر.
قال درور إتكس، الخبير في بناء المستوطنات الإسرائيلية والبنية التحتية ومؤسس المنظمة غير الحكومية كيرم نافوت؛ إن القصة تكرر نفسها في جميع أنحاء الضفة الغربية.
تظهر أبحاثه المنظمة أنه في نفس العام، خصصت سلطة المياه 17000 متر مكعب لعائلة المستوطنين التي تدير معمل بساغوت الشهير للنبيذ، بالقرب من رام الله، حيث يوجد أمر هدم ضد فيلا الرئيس التنفيذي ومسبحه. نفى بساغوت أي نشاط غير قانوني في رد بالبريد الإلكتروني. وذهبت 12 ألف متر مكعب أخرى إلى موظف مشك أشية الذي بدأ مزرعة الكروم الخاصة به.
في غضون ذلك، تقول الأمم المتحدة؛ إن أكثر من 270 من مرافق المياه والصرف الصحي التي يستخدمها الفلسطينيون في المنطقة (ج)، قد تم هدمها في السنوات الخمس الماضية؛ على أساس أن البنية التحتية غير قانونية.