نشر "
معهد واشنطن" مقالا لمدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة، سايمون هندرسون، سلط فيه الضوء على تأثير الاتفاق
النفطي بين
بغداد والأكراد في شمال العراق على دولة الاحتلال
الإسرائيلي.
وقال الخبير الأمريكي؛ إنه على مدى العقد الماضي، كان العراق أحد المصادر الرئيسية لإسرائيل لاستيراد النفط الخام. ومع أن حكومة بغداد لا تعترف دبلوماسيا بتل أبيب، بالإضافة إلى سنوات من التوتر مع أنقرة، كانت "إسرائيل" من كبار مشتري إمدادات النفط التي يضخّها "إقليم كردستان العراق" عبر جنوب
تركيا إلى ميناء جيهان على البحر المتوسط. وفي المقابل، ساعد إنتاج وبيع هذا النفط "إقليم كردستان" في الحفاظ على استقلالية جزئية عن الحكومة الاتحادية العراقية.
وأوضح أن الخلافات في مجال الطاقة المستمرة منذ فترة طويلة بين بغداد و"حكومة إقليم كردستان"، بلغت أوجها في الشهر الماضي عندما حكمت محكمة دولية لصالح العراق في خلافها مع تركيا.
وتركزت القضية موضع البحث على ادعاء بغداد -الذي تم الآن التحقق من صحته-، بأن أنقرة انتهكت اتفاقية ثنائية من خلال سماحها بمرور النفط من "إقليم كردستان" إلى جيهان.
ولقد نجحت تجارة النفط الإسرائيلية مع "حكومة إقليم كردستان" إلى حد كبير بسبب الأسعار المواتية. فقد باع
الأكراد نفطهم بسعر أدنى من الأسعار السائدة للنفط العراقي، مما مكن التجار المعنيين من الحفاظ على هوامش ربح كبيرة. وبينما كانت هذه الإمدادات تلبي في الماضي جزءا كبيرا من احتياجات "إسرائيل" من الطاقة المحلية، إلّا أن هذا الوضع تغير عندما بدأت البلاد في تطوير احتياطياتها البحرية من الغاز الطبيعي، الذي تستخدمه لتوليد الكهرباء وتصديره إلى مصر والأردن على حد سواء.
إظهار أخبار متعلقة
ونتيجةً لذلك، أعادت "إسرائيل" تصدير بعض خام "حكومة إقليم كردستان" إلى الخارج. وبعد شحن هذه الإمدادات من ميناء جيهان، تتم معالجة بعضها في مصافي التكرير في حيفا وأشدود، بينما يتم تفريغ البعض الآخر جنوب عسقلان على البحر الأبيض المتوسط، وضخها عبر خط أنابيب يمتد عبر البلاد إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر. ومن هناك، يتم شحنها إلى العملاء في آسيا، من بينهم أولئك الذين لديهم مصاف في الصين وتايوان. (يعود تاريخ خط الأنابيب هذا إلى ما قبل الثورة الإيرانية عام 1979، عندما زوّد الشاه إسرائيل بالنفط؛ ومنذ ذلك الحين تم عكس اتجاه تدفق النفط فيه، ويتم الآن تشغيله من قبل "شركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية"، أو EAPC).
وعلى الرغم من أن القيود الإسرائيلية على التقارير تمنع الكشف عن حصيلة نهائية لهذه المعاملات وعمليات خطوط الأنابيب، إلا أن نشرة "أم إي إي أس" (MEES) الإخبارية للطاقة، قدّرت في كانون الثاني/ يناير أن الواردات الإسرائيلية من النفط الخام الكردي وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 194 ألف برميل في اليوم، بناء على معلومات من شركة استخبارات البيانات "كبلر".
وفي الشهر ذاته، أفادت التقارير أن إجمالي صادرات النفط الخام من إيلات بلغت 195 ألف برميل في اليوم. غير أن هذه الأرقام المرتفعة قد تكون حالة استثنائية، إذ تشير تقارير أخرى إلى أن المتوسط لعام 2022 بلغ 70 ألف برميل في اليوم. ومع ذلك، فحتى الرقم الأدنى يمثل حوالي 16 في المائة من إجمالي الصادرات الكردية.
ويمكن لقرار التحكيم أن يضعف هذه التجارة بطرق متعددة. والحصيلة الفورية هي أن الإمدادات النفطية من "إقليم كردستان" إلى تركيا لم تُستأنف بعد. وفي 11 نيسان/ أبريل، قدمت بغداد عريضة إلى المحكمة الفيدرالية الأمريكية في واشنطن، طلبت فيها تنفيذ قرار التحكيم ضد تركيا، الذي بلغت قيمته 1.5 مليار دولار مع الفوائد. ومع ذلك، يُقال إن أنقرة تعتبر هذا الالتزام المالي يقع على عاتق "إقليم كردستان".
فضلا عن ذلك، توصّل الأكراد إلى اتفاق مبدئي يسمح لشركة تسويق النفط العراقية ("سومو") بتسويق نفطهم. وفي 7 نيسان/ أبريل، وصفت "أم إي إي أس" إسرائيل بأنها "خاسر مؤكد" إذا تمكنت "سومو" من ضمان سيطرة طويلة الأجل على صادرات النفط العراقية، بما أن بغداد تعتبر التجارة مع إسرائيل غير قانونية، وهو موقف راسخ يعززه قانون جديد لمكافحة التطبيع تم تمريره قبل عام.
ونظرا إلى توفر إمدادات بديلة من النفط الخام في متناول "إسرائيل"، فلن تواجه أزمة طاقة بسبب هذا الحكم -إذ تُفيد بعض التقارير أنها تستورد النفط من أذربيجان وروسيا-، بالإضافة لـ "إقليم كردستان العراق"؛ لتلبية الطلب المحلي الحالي البالغ حوالي 210,000 برميل في اليوم، ومع ذلك، قد تضع الفجوة والتغيرات التسويقية المحتملة حدّا للعلاقة التجارية التي كانت ركيزة علاقة هادئة، بل مهمة بين أكراد العراق و"إسرائيل".