نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لمحرر شؤون الدفاع والأمن،
دان صباغ، قال فيه؛ إن حرب
العراق كانت قد بدأت في جدل شديد وشوهت خلالها السمعة
الأخلاقية للمخابرات البريطانية والقوات المسلحة لجيل كامل، بعد فترة طويلة من
توقف القتال الأخير.
قبل إطلاق رصاصة في العراق من قبل التحالف الذي تقوده الولايات
المتحدة، قدمت المخابرات البريطانية، بقيادة MI6،
أدلة معيبة حول أسلحة الدمار الشامل المزعومة لصدام حسين، التي تم تبسيطها
وتضخيمها من قبل رئيس الوزراء آنذاك توني بلير، في مقدمته لملف العراق
سيئ السمعة الصادر في أيلول/ سبتمبر 2002. لكن هذا لم يكن صحيحا، وثبت أنه لم يكن
كذلك بعد انتهاء الغزو الأولي.
خلص السير جون تشيلكوت، في تحقيقه لعام 2016، إلى أن بلير لم يبتعد
كثيرا فحسب، لكن مجتمع الاستخبارات لم يفعل شيئا يذكر لإيقاف الحكومة. أصبحت
المخابرات مسيسة، وتعكس اعتقادا راسخا بأن الديكتاتور العراقي لا بد أنه كان يخفي
شيئا ما.
إظهار أخبار متعلقة
بقيت الإخفاقات الاستخباراتية طويلة في الذاكرة، مما أثار شكوكا
واسعة النطاق بشأن تنبؤات الوكالة التي تمت في الفترة التي سبقت الحرب في
أوكرانيا، ولا سيما أن فلاديمير بوتين سيأمر، دون شك، بغزو. لكن آخرين يجادلون بأن
التأثير كان أكثر عمقا من ذلك.
دان جارفيس، الذي شغل منصب رائد في فوج المظلات في العراق وهو الآن
نائب عن حزب العمال، قال: "بدلا من التلاشي، أصبح الضرر الذي لحق بثقة
الجمهور في عام 2003 أكثر وضوحا بمرور الوقت. عند العودة إلى الوراء، ربما كان ذلك
مجرد علامة فارقة في تراجع أوسع، لكن له أصداء في كل شيء من مناقشة خروج
بريطانيا
من الاتحاد الأوروبي إلى الاستجابة لكوفيد - والإفلات الكارثي لبوريس جونسون من
العقاب".
هُزم نظام صدام في أكثر من ثلاثة أسابيع بقليل من الحرب العسكرية
التقليدية، وكان التحالف في كثير من الأحيان موضع ترحيب من المدنيين العراقيين
المحررين من دكتاتورية قمعية. لكن لم يمض وقت طويل قبل ظهور قصص سوء المعاملة
والتعذيب، وجرائم الحرب، التي مهما كانت معزولة، لا يمكن رفضها بسهولة.
بهاء موسى، 26 عاما، عراقي كان يعمل في فندق كموظف استقبال، اعتقل من
قبل جنود بريطانيين من الكتيبة الأولى كتيبة لانكشاير في البصرة في أيلول/ سبتمبر
2003. وأصبحت القضية مشهورة بسمعة سيئة.
بعد ستة وثلاثين ساعة، عُثر عليه ميتا مع 93 إصابة خارجية، ووجهه
ملطخ بالدماء ومشوه، وفي جذعه مساحات من الكدمات و "خط خانق حول رقبته"،
وفقا لـ AT Williams،
الذي كتب كتابا عن الحدث المروع.
إظهار أخبار متعلقة
ولم تكن حادثة منعزلة. قال تحقيق أجراه السير ويليام غيج في عام 2011
في وفاة موسى؛ إن الجنود البريطانيين شنوا اعتداءات "عنيفة وجبانة" على
المدنيين العراقيين، وعرضوهم للركل والضرب "غير المبرر"، وأنه كان هناك
جهل واسع النطاق بما هو مسموح به في التعامل مع أسرى الحرب.
كانت هناك حوادث متكررة من تغطية الرأس، حيث يتم تلبيس رأس المحتجز
كيسا. تم حظر هذه الممارسة في عام 1972 من قبل تيد هيث، عندما كان رئيسا للوزراء،
لكن بعض الجنود البريطانيين اعترفوا بأنهم لم يكونوا على علم بالأمر، مما يشير إلى
فشل في تطبيق المعايير من الأعلى.
ومثل هذه الاتهامات كانت باهتة إلى حد ما، مقارنة بما حدث في سجن أبو
غريب الذي تديره الولايات المتحدة في نيسان/ أبريل 2004، حيث تم الكشف عن قائمة
غير عادية ومخزية من الانتهاكات.
كان المعتقلون يتعرضون للتعذيب والإذلال، في كثير من الأحيان جنسيا
كما تم الكشف عن مجموعة صور غريبة. في إحداها، قيل لسجين عراقي مقنع، مع أسلاك
متصلة بذراعيه، إنه سيتعرض للصعق بالكهرباء إذا نزل من الصندوق الذي كان يقف عليه.
وأظهرت صور أخرى سجناء عراة أجبروا على محاكاة أفعال جنسية، وفي إحدى الحالات، تم
تصوير جندي أمريكي خلف هرم ربما لسبعة عراقيين عراة.
كان أبو غريب جزءا من الفساد الأخلاقي الذي ظهر مع استمرار الحرب على
الإرهاب. تجاوزت بعض القضايا التي تم تسليط الضوء عليها حدود العراق، كما يتضح من
تقرير صادر عن لجنة المخابرات والأمن بالبرلمان البريطاني، الذي نُشر في 2018،
والذي خلص إلى أن ضباط MI6 كانوا في مناسبتين طرفا في إساءة معاملة السجناء، وشهدوا ذلك في 13 مناسبة،
واستفادوا من معلومات استخبارية من أشخاص يشتبه في تعرضهم للتعذيب قرابة 200 مرة.
قالت لجنة كل الأحزاب؛ إن "المملكة المتحدة تعتبر نفسها هي
الشريك الأضعف بالشراكة مع الولايات المتحدة"، و"كانت غير مرتاحة بشكل
واضح بخصوص تقديم شكوى". في حالات أخرى، تورط جهاز MI6 في عمليات اختطاف أدت إلى تعذيب متطرفين مشتبه بهم، وكان هناك اشمئزاز من هذا، لدرجة أن إليزا مانينغهام بولر، رئيسة MI5 آنذاك، اشتكت إلى بلير
من سلوك MI6 وجمدت العلاقات بين الوكالتين بشكل عميق.
كانت المؤسسة تترنح، لكن الاتهامات ذهبت أبعد من اللازم عند نقطة
مهمة. الادعاءات القائلة بأن الجنود البريطانيين قتلوا مسلحين وشوهوا جثثهم، بعد
معركة بالأسلحة النارية في العراق في أيار/ مايو 2004، تم رفضها بعد 10 سنوات من
خلال تحقيق رسمي آخر، وهو تحقيق السويدي. دفع محام بريطاني في مجال حقوق الإنسان
إلى وسيط وجد أشخاصا على استعداد لتقديم تصريحات كاذبة.
أدى الفشل الذريع إلى رد فعل دراماتيكي من قبل الوزراء المحافظين.
تبع ذلك إغلاق الوحدة العسكرية التي تحقق في مزاعم الانتهاكات التي ارتكبتها
القوات البريطانية في العراق في عام 2017. وقال وزير الدفاع مايكل فالون:
"سيكون هذا مصدر ارتياح لجنودنا الذين كانوا يعيشون في ظل مزاعم ضدهم لفترة
طويلة جدا".
تبع ذلك جهد لإدخال عفو فعال للجنود البريطانيين المتهمين بارتكاب
جرائم حرب في أثناء خدمتهم في العراق، ولكن في النهاية كان لا بد من تعديل قانون
العمليات الخارجية لضمان استثناء التعذيب. لكن على الرغم من كل الجهود المبذولة
لكنس الفضائح تحت السجادة، كانت وزارة الدفاع لا تزال تدفع التعويضات بهدوء،
ودفعت عدة ملايين لتسوية 417 مطالبة في العام حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.
قال مارتين داي، الشريك الرئيسي في شركة المحاماة لي داي، التي رفعت
العديد من الدعاوى، "كان من المحزن أن نرى مدى انتشار الإساءة من قبل بعض
القوات البريطانية بطريقة عرضية جدا للعراقيين العاديين"، واتهم حكومة المملكة
المتحدة بـ "التطلع إلى التعتيم على ما حدث"، من خلال إلقاء اللوم على
"العراقيين الساعين للحصول على تعويضات" و"المحامين الذين يطاردون
الدبابات".