سياسة عربية

رصاص الاحتلال والمستوطنين يلاحق طواقم الإسعاف في الضفة الغربية (شاهد)

المسعفون منعوا من الوصول إلى الجرحى في اقتحام حوارة- جيتي
المسعفون منعوا من الوصول إلى الجرحى في اقتحام حوارة- جيتي
يعد العمل في قطاع الإسعاف بالضفة الغربية، واحدا من الأعمال الأكثر خطورة فيها، بسبب استهداف الاحتلال سيارات الإسعاف، والطواقم الطبية، في العديد من مناطق التصعيد.

وخلال العدوان الأخير على مدينة نابلس يوم الأربعاء الماضي سُجلت عدة حالات للاعتداء على مسعفين تابعين لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وطواقم الإغاثة الطبية الفلسطينية، ما أدى لإصابة بعضهم بحالات اختناق والحيلولة دون وصول المسعفين للجرحى للقيام بعملهم، ما رفع عدد الشهداء إلى 11 في ظل عدم القدرة على نقلهم بشكل سريع إلى المستشفيات.

المسعف عبد الرحمن سعيد من مدينة نابلس قال لـ"عربي21" إنه شارك في محاولة إسعاف الجرحى خلال العدوان عليها، ولكنهم فوجئوا بحجم الاستهداف الإسرائيلي لهم والذي كان واضحا منذ بداية العملية العسكرية.

ويعد الاستهداف بشكل مباشر بالرصاص الحي والمطاطي والغاز السام للمسعفين وتحديدا الميدانيين حتى يمنع الجنود وصولهم للمصابين، واستهداف مركبات الإسعاف وإعاقة حركتها؛ أبرز أشكال العراقيل التي يتعرض لها أفراد الطواقم الطبية في الضفة.

اظهار أخبار متعلقة



ويوضح سعيد بأنه خلال العدوان على مدينة نابلس كان يركض بين زملائه المسعفين بين رصاصات الجنود، حيث يتركز الهدف على محاولة الوصول إلى الجرحى وإيصالهم للمستشفى وفي الوقت ذاته الحفاظ على حياة المسعفين.

وأضاف: "مشاهد قاسية مرت علينا خلال هذا العدوان، من بينها كان مشهد إصابة مسن بالرصاص وعدم مقدرتنا على الوصول إليه في أزقة البلدة القديمة، رأيناه أمامنا يحتضر حتى الاستشهاد ولم نستطع إنقاذ حياته".

التعامل مع المشاهد اليومية القاسية هو جزء من عمل المسعفين، فالوصول إلى الشهداء الذين فقدوا أجزاء من أجسادهم أو أولئك الذين تحولت أطرافهم إلى أشلاء يزيد من قسوة ما يمرون به، ولكنها ضريبة العمل تحت الاحتلال، بحسب سعيد.

ويتابع: "حين تأتينا الإشارة بالنزول لمكان مواجهات لمحاولة إنقاذ المصابين تودعنا عائلاتنا بخوف شديد، فالمعروف لدينا أن الاحتلال لا يفرق بين مسعف أو صحفي أو مقاوم أو تاجر، كل فلسطيني هو مستهدف".

الهدف القتل

ويحظر القانون الإنساني الدولي استهداف المهام الطبية من أفراد ومركبات ومنشآت، والتي تؤدي مهام إنسانية، حظراً باتاً، ويؤكد وجوب حمايتها وعدم التعرض لهم بأي شكل من الأشكال، أو التدخل في عملهم.

وبحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني فإن عدد الانتهاكات التي ارتكبت في عام 2021 بحق طواقمها ومركباتها في الأرض الفلسطينية المحتلة بلغ 103 انتهاكات توزعت على النحو التالي: 32 انتهاكاً بحق مركبات الإسعاف التابعة للجمعية، و20 حالة إعاقة لمركبات الإسعاف ومنعها من الوصول إلى وجهتها، و11 حالة عرقلة لمهام طواقم الجمعية، و35 انتهاكاً بحق موظفي الجمعية ومتطوعيها، و5 انتهاكات تعرضت لها مرافق الجمعية ومبانيها، وحالة اعتقال واحدة.

وقال أحمد جبريل مدير دائرة الإسعاف والطوارئ في فرع الهلال الأحمر الفلسطيني بمدينة نابلس إن الطواقم الطبية في الضفة الغربية تتعرض لانتهاكات عديدة من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين؛ والتي تقسم لعدة أشكال.

اظهار أخبار متعلقة



وأوضح لـ"عربي21" أن هذه الأشكال تبدأ بمنع مركبات الإسعاف من الوصول إلى الإصابات إما على الحواجز العسكرية أو أثناء إطلاق النار على مواطنين على تلك الحواجز بدعوى تنفيذ عمليات فدائية، أو أثناء الاقتحامات للمناطق.

وتصل الاعتداءات إلى استهداف مركبات الإسعاف إما بالرصاص الحي أو المطاطي وبقنابل الغاز، كما استخدم الاحتلال طائرات مسيرة في الاعتداء عليها بحسب جبريل.

وأشار إلى أن جنود الاحتلال يقومون بالاعتداء على طواقم الإسعاف بعدة أشكال إما بالضرب المبرح كما حدث على حاجز بيت فوريك شرق نابلس سابقا أو بالرصاص المطاطي، وسجلت عدة إصابات لضباط إسعاف ومتطوعين كما حدث في بلدات بيتا وبرقة وغيرها من الأماكن.

أما استخدام الرصاص الحي فحدث في جنين والخليل أثناء تأدية المسعفين لمهامهم الإنسانية، وكان آخرها ما حصل في جنين من اعتداء على طواقم الهلال الأحمر في المخيم وإصابة ثلاثة من ضباط الإسعاف أثناء محاولة إنقاذ أحد الشهداء.

ولكن الأخطر في اعتداءات الاحتلال على المسعفين هو استهداف المستوطنين لهم تحت حماية الجنود كما حدث عدة مرات في بلدة حوارة جنوب نابلس ومسافر يطا جنوب الخليل من إعطاب إطارات مركبة الإسعاف أثناء نقل أحد الجرحى.

وأضاف جبريل: "في ظل الهجمة الشرسة على طواقم الهلال الأحمر والإسعافات الشريكة نحاول جاهدين أداء مهامنا في تغطية الأحداث، وذلك بأخذ الاحتياطات اللازمة رغم أنها لا تمنع قوات الاحتلال والمستوطنين من ممارسة اعتداءاتهم على السيارات، ولكن هذا لن يثنينا عن أداء مهامنا الإنسانية".

وخلال العدوان الأخير على مدينة نابلس تم تشكيل فرق متطوعين ميدانيين من أجل محاولة الوصول إلى الإصابات، حيث نجحوا بإخراج بعض الإصابات عن طريق الفرق الميدانية في البلدة القديمة.

اظهار أخبار متعلقة



وبحسب جبريل فإن المسعفين حاولوا التغلب على هذه العقبات بإنشاء نقط عمل طبية في عدة بلدات بينها بيتا جنوبا لتخفيف نقل الإصابات إلى مستشفيات مدينة نابلس.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي تشرين أول/أكتوبر الماضي قام الاحتلال باعتقال ضابط الإسعاف فواز البيطار أثناء مروره على حاجز زعترة جنوب مدينة نابلس، وقبل يومين تم الحكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر وغرامة مالية.

وبحسب المسعفين فإن هذا الاعتقال يشكل ناقوس خطر آخر على حرية العمل لهم في الضفة المحتلة، حيث يحاول الاحتلال عرقلتها بكل الطرق وتلفيق التهم لهم رغم أنهم يقومون بعملهم على أكمل وجه.

محاولات مستميتة

وبالتزامن مع الهجوم العنيف للمستوطنين، على بلدة حوارة، مع تحرك طواقم المسعفين من مدينة نابلس وبلداتها للمشاركة في إخلاء الإصابات التي وصلت إلى أكثر من مئة، لكن جنود الاحتلال والمستوطنين وقفوا أمام الطواقم الطبية ومنعوها من الوصول إلى المنازل والأماكن التي تتواجد فيها الإصابات.

وقال أحمد ضميدي أحد سكان البلدة لـ"عربي21" إن المستوطنين أحرقوا كل شيء وتسببوا بإصابات بالاختناق في كثير من المنازل، وفوق ذلك منعوا طواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين وإخلائهم إلى المستشفيات.

وسط إطلاق النار الكثيف أجبر المسعفون على العودة قليلا إلى الوراء قبل أن يعيدوا المحاولة من جديد، ولكنهم تعرضوا لاعتداء متعمد من قبل المستوطنين أوقع إصابات في صفوفهم، كما أدت عرقلة وصولهم إلى منازل حوارة إلى تدهور حالة أحد المصابين بالرأس.

وأضاف الضميدي: "هذه ليست المرة الأولى التي يمنع فيها الاحتلال طواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين في البلدة، فعادة يترافق هذا التصرف العنصري مع أي اعتداء على بلدتنا التي تعيش على خط النار وغيرها من المناطق التي تتعرض لهجمات مستمرة".



Image1_2202327141751183777207.jpg
التعليقات (0)