قالت صحيفة
الغارديان في افتتاحيتها الجمعة، إن
البشر يخدعون أنفسهم من خلال الاعتماد المفرط على "الآلات الذكية"، ويقوضون الممارسات التي يعتمد عليها فهمهم.
ونقلت الصحيفة عن عالم الإدراك دانيال دينيت قوله إن "التوسع الأكثر بروزاً للقوى العقلية البشرية مع صعود الحضارة من خلال الفن والزراعة، كان فورياً تقريباً من منظور تطوري".
ويجري الآن اختبار هذه التنشئة الاجتماعية للفكر التشابكي من خلال نوع مختلف من تبادل المعلومات وهو: قدرة الذكاء الاصطناعي على الرد على أي سؤال بلغة تبدو وكأنها لغة بشرية، وفيها نوع من النية وحتى الإحساس، إلا أن ذلك، وفق الغارديان، مجرد سراب.
وفسرت ذلك بالقول إن أجهزة الكمبيوتر أصبحت أكثر تطوراً ولكنها تفتقر إلى الفهم الحقيقي، الذي تمت تغذيته في البشر من خلال التطور كأفراد مستقلين مدمجين في شبكة من الممارسات الاجتماعية.
اظهار أخبار متعلقة
وتقول الصحيفة إنه يمكن لـ"
شات جي بي تي"، أكثر منتحلي الشخصيات شبهاً بالبشر، أن يكتب نثراً جميلا، إلا أنه يخطئ بالأمور الأساسية، ويمكن أن يكون عنصرياً ومتحيزاً. كما لا يوجد لدى "تشات جي بي تي" أي حنين أو مخططات أو أفكار. فلماذا كل هذه الضجة؟ والجواب، بحسب الغارديان وباختصار، هو المال.
وتشير إلى أنه عندما أخطأت أداة بحث غوغل الجديدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، "بارد"، هذا الأسبوع في مقطع فيديو ترويجي لها، قضى الخطأ على أكثر من 150 مليار دولار من سعر سهم الشركة الأم "ألفابيت".
وتساءل العالم غاري ماركوس: لماذا نُظر إلى محرك بحث "بينغ" من مايكروسوفت، والمدعوم من "تشات جي بي تي"، والذي تم الكشف عنه في نفس اليوم الذي تم فيه الكشف عن "بارد"، على أنه "ثورة" على الرغم من تقديم خدمة مليئة بالأخطاء؟
وجاء الجواب، بحسب الصحيفة، أن هناك احتمالا أن تكون البشرية تستخدم "بينغ" بدلاً من "غوغل" في ذلك اليوم على الويب، وهذا لا يبدو غير معقول: إذ أبهرت خدمة "تشات جي بي تي" ملايين الأشخاص منذ أن تم الكشف عنها في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني.
وتعتبر الغارديان أن المشكلة هي أن روبوتات الدردشة تبدو أكثر موثوقية، على الرغم من أن معلوماتها ليست أكثر واقعية.
ويشير البروفيسور ماركوس إلى أنه: "نظراً لأن أياً من الشركتين لم تخضع منتجاتهما بعد لمراجعة علمية كاملة، فمن المستحيل تحديد أيهما أكثر جدارة بالثقة". وأضاف: "قد يتضح بعد ذلك أن منتج غوغل الجديد أكثر موثوقية".
وتقول الصحيفة إن جميع الشركات الضخمة اكتسبت ثروة من المعلومات في شكل يمكن استغلاله من دون الحاجة إلى فهمها.
وتشير إلى أن الصحفيين والسياسيين والشعراء قد يشعرون بالقلق البالغ بسبب ذلك.
لكنها تعتبر أن مهندسي الذكاء الاصطناعي الذين ينظرون إلى المعلومات الواردة في رسالة ما من الآلة، كمقياس لاضطراب نظامها، ليسوا كذلك.
ولهذا السبب يخاطر الذكاء الاصطناعي "بخلق فئة جديدة من الأسلحة في الحرب على الحقيقة" بحسب الصحيفة.
اظهار أخبار متعلقة
وتقول الغارديان إن البشر يتمتعون بسجل طويل "من التفكير الرغبي والتقليل من مخاطر الاختراعات الجديدة".
وتعتبر أن المصالح التجارية "تدفع التكنولوجيا كدين جديد يتمثل أساس إيمانه في أن المزيد من التكنولوجيا هو الأفضل دائماً".
وتشير الصحيفة إلى أن عمالقة الويب يرغبون في إبهار المستخدمين بالمبالغة في تقدير فائدة أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم، مما يشجع البشرية على التخلي قبل الأوان عن السلطة لهم بما يتجاوز نطاق اختصاصهم.
وتقول إن موقف ريادة الأعمال والفضول العلمي أنتج العديد من التطورات في العصر الحديث. لكن "التقدم ليس مبدأ أخلاقياً". والخطر المستجد "لا يكمن في معاملة الآلات مثل البشر، بل يكمن في معاملة البشر مثل الآلات".