قضايا وآراء

صيادلة مصر ينتفضون دفاعا عن حريتهم النقابية

أحمد رامي
عربي21
عربي21
رغم أن "دستور 2014" يحصن النقابات من فرض الحراسة القضائية، حيث تنص المادة 77 على "ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقاً لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة. ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية في شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها".. إلا أن هذا النص لم يمنع السلطات من اصدار قرار في صورة حكم قضائي بفرض الحراسة على نقابة تضم ما يقارب من 300 ألف عضو.

ومنذ قرار فرض الحراسة لا يمر وقت طويل إلا ويستشعر الصيادلة مدى الضرر الواقع عليهم من غياب تنظيم نقابي يعبر عنهم ويدافع عن حقوقهم ويسعون من خلالها لتحقيق مصالحهم، ففي ظل فرض الحراسة مر الصيادلة بعدة أزمات منها:

- الضرر المترتب علي ممارسات سلاسل الصيدليات سواء من خلال المنافسة غير الشريفة، أو حينما أعلنت إحدى السلاسل إفلاسها مع تعرض حقوق الصيادلة العاملين فيها للضياع، وكذلك الصيادلة التي بين تلك السلسلة وبينهم عقود استئجار لصيدلياتهم.

- حبس صيادلة نتيجة ممارسات مهنية، مثل ضرب الحقن في الصيدلية وما ترتب عليه من حالات وفيات يرى الصيادلة أن السبب فيها عدم مأمونية الأدوية، وهو ما لا ذنب لهم فيه، بل نتيجة ممارسات المصانع مع ضعف الرقابة عليها.

- تغوّل جهات الرقابة على الصيادلة بعد إنشاء هيئة الدواء، مع وجود تنازع اختصاص ورغبة غير رشيدة في إثبات الهيئة أنها تؤدي دورها الرقابي علي الصيدليات بشكل أفضل مما كانت تؤديه وزارة الصحة، تطبيقا للمثل المصري "الغربال الجديد له شدة".

- صعوبات اقتصادية نتيجة سياسات شركات التوزيع والإنتاج الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

- سياسات وممارسات ضريبية تثقل كاهل الصيادلة.

- إصدار قوانين تتصل بالمهنة في غياب ممثل شرعي منتخب عن الصيادلة يعبر عم مصالحهم.

كل ما سبق واجهه الصيادلة وهم يجدون أنفسهم أمامه لأول مرة في تاريخهم.

لذلك بدأ الصيادلة ماراثون الدفاع عن نقابتهم عبر مسارين:

الأول: مسار قضائي لإلغاء الحكم بفرض الحراسة على النقابة، وهو الحكم الذي أصدرته محكمة غير مختصة وبالمخالفة لدستور 2014.

الثاني: الحراك النقابي، والذي توجه إليه الصيادلة باستكمال جمع التوقيعات المنصوص عليها قانونا لعقد جمعية عمومية ومن المقرر لها أن تنعقد في دار الحكمة في 10 شباط/ فبراير، لتناقش بندا واحدا ألا وهو إنهاء فرض الحراسة على النقابة.

لم يستسلم الحارس النقابي لهذا التحرك وتقدم بطعن على قرار الدعوة للجمعية العمومية الذي يبدو أن جهات ما في الدولة لا تمانعه، ومؤشرات ذلك: موافقة نقابة الأطباء على استضافة الجمعية بدار الحكمة، وسماح الجرائد بنشر إعلان بالدعوة للجمعية العمومية وهو إجراء واجب لاستيفاء الشكل القانوني للانعقاد، وقرار المحكمة برفض الشق العاجل من طلب الحارس القضائي بإلغاء قرار الدعوة للجمعية وتحديد جلسة يوم 12 شباط/ فبرابر (بعد انعقاد الجمعية العمومية بيومين).

إلا أن قرار إلغاء الحراسة يبقي قرارا أمنيا وسياسيا بالدرجة الأولى، فينص قانون النقابة على أن على الجمعية العمومية أن ترسل قراراتها لوزير الصحة حتى تستوفي الشكل اللازم للتطبيق، أي أن الصيادلة في نهاية المطاف سينتظرون قرارا سياسيا بالدرجة الأولى.

والغريب أن كل هذا الحراك يحدث في ظل رئاسة نقيب الصحفيين لما يسمى الحوار الوطني، ذلك الجنين الذي ما زال في رحم الغيب دون أن يستشعر كنقابي أن يتحدث عن الحريات في ظل انتهاك حق 300 ألف نقابي في وجود نقابة تمثلهم.

إلا أنه ورغم كل ذلك فالفرصة مواتية للنظام لاتخاذ خطوة شكلية لن تضره إذا ما أعلن عن إلغاء قرار فرض الحراسة، إلا إذا كان المنتفعون من استمرار الحراسة أقوى من النظام نفسه أو هم أفراد نافذون في مؤسساتها السيادية لهم مصالح، سواء مباشرة أو غير مباشرة في استمرار منع 300 ألف صيدلي من حقهم الطبيعي.
التعليقات (1)
احمد رامي
الثلاثاء، 07-02-2023 08:46 ص
لغضب 300 الف صيدلي اسباب لا يمكن تجاهلها و مع انطلاق الدعوة لعقد جمعيتهم العمومية ألقت السلطات القبض علي المتحدث بأسم النقابة قبل أن تعيد إطلاق سراحه مجددا https://youtu.be/jBx_eyfYxb4