أكد الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العلامة المقاصدي
الدكتور أحمد الريسوني، أن الشعوب
العربية التي خرجت قبل اثني عشرة سنة
للمطالبة بإنهاء الظلم والنهب والاستبداد، تعيش اليوم جحيم مواجهة
الثورات المضادة،
المدعومة من "الصهيونية ودهاقنة الغرب".
وانتقد الريسوني في تدوينة له نشرها اليوم الجمعة على صفحته الرسمية
على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" منطق الموازنة بين إيجابيات
وسلبيات الربيع العربي، على اعتبار أن الربيع العربي هو صرخة شعبية في وجه الظلم
والنهب والاستبداد ليس إلا.
وقال: "حين يقال في بعض الخطابات أو المقالات: "الربيع
العربي ما له وما عليه"، يقصدون الموازنة بين الكفتين، وإثبات ما للربيع
العربي من حسنات فتحسب له وتشكر له، ومن سيئات تنسب إليه وتُـنكَر على أصحابه".
وتساءل الريسوني: "لكن مهلا؛ "من هو" هذا الربيع
العربي حتى يحاسب ويدان، وربما يعاقب ماديا ومعنويا؟".
وأجاب قائلا: "الربيع العربي كان عبارة عن ألوف من الشباب
العربي، المظلوم المهضوم، الذين خرجوا إلى الشوارع والساحات، ليقولوا ويكرروا:
كفاية، كفاية.. اللهم إن هذا منكر، كفى من الظلم، كفى من النهب، كفى من الاستبداد،
نريد شيئا من حقوقنا، نريد كرامتنا، نريد حريتنا.. تماما مثلما يخرج الناس إلى
المصلَّيات إذا اشتد عليهم القحط، ليسألوا الله تعالى الغيث، ويأتيهم الإمام ليقول
لهم: كفى من المعاصي والمنكرات، كفى من تعطيل الزكوات، وغيرها من الواجبات..
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ} [النور: 31]".
وأضاف: "الشعوب العربية، وخاصة شبابها، خرجوا لينكروا المنكرات،
ويشتكوا من المظالم، لكن بصوت مرتفع، عسى أن يسمعه الذين لا يسمعون..وربنا عز وجل يقول: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ
مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء:
148].فمن ظُلم مرة واحدة، جاز له أن يرفع صوته بالتظلم، وأن يصف
ظالميه بأوصافهم القبيحة، وأن يُغلظ لهم القول في شأن ما هم عليه من غصب ونهب وظلم..والذين خرجوا أيام الربيع العربي، ورفعوا أصواتهم بالشكوى، لا شك
أنهم مظلومون محرومون، ليس لمرة واحدة، أو لعام واحد، وليس لجيل واحد، بل لأجيال
متعاقبة. وأخيرا: قاموا يقولون لظالميهم وجلاديهم: كفاية كفاية.. كفوا عنا..
ارحلوا عنا..".
وأكد الريسوني أن الربيع العربي انتهى هنا، وقال: "العجب ليس من
كونهم خرجوا ورفعوا أصواتهم، وعبروا عن بعض ما تُـكِـنُّ صدورهم، بل من كونهم
استكانوا وسكتوا كل هذه الفترات الطويلة، وتحملوا كل تلك المظالم المتلاطمة اللامحدودة"!!
وأشار إلى أنه بعد هذه المرحلة "هرب من هرب، وتنحى من تنحى،
وتولى من تولى.. وقاتل من قاتل، من الرؤساء وبطائنهم، ثم بدأت مرحلة ما بعد الربيع
العربي".
وقال: "جاءنا الجحيم العربي. انتقلنا من ربيع الشعوب وربيع
الشباب، إلى جحيم الأنظمة، وجحيم ما سمي بالثورة المضادة: عساكر مصر وأجهزتها،
وكتائب القذافي، وشبيحة الأسد، وتدخل إيران وحزب الله وروسيا، والانقلاب السيسي
الخليجي، وتسمين الحوثي، وصناعة حفتر، وتلميع سيف الإسلام، وتجنيد الذباب
الإلكتروني، وجيوش من المرتزقة عبر العالم.. أما الصهيونية ودهاقنة
الغرب، فمن وراء حجاب، وبقفازات ناعمة وكمامات واقية".
وأنهى الريسوني كلامه قائلا: "ما لا ينتهي عجبي منه هو أن بعض "أهل
الكلام"، من الشيوخ والخبراء والمحللين والإسلامولوجيين، يسجلون ويحسبون كل
هذه الشرور على الربيع العربي، المظلوم حيا وميتا، بينما هي صادرة من ضده ونقيضه
وعدوُّه. ولكي يَظهروا بمظهر التوازن والإنصاف
والموضوعية يقولون عادة: "ما له وما عليه"!! بينما كل “الذي عليه”،
إنما هو على أعدائه".
وتأتي تدوينة الريسوني بمناسبة الذكرى السنوية 12 لانطلاق ثورات
الربيع العربي التي دشنتها تونس نهاية العام 2010 وتوجتها بهروب رأس النظام
الرئيس الراحل زين العابدين بن علي إلى السعودية قبل أن تمتد نيران الغضب الشعبي
إلى مختلف الأقطار العربية، وأزالت أنظمة عربية قوية في ليبيا ومصر واليمن
والسودان..