سياسة دولية

النظام السوري يعرقل التقارب مع تركيا.. هل تقبل أنقرة شروط الأسد؟

النظام السوري يشترط انسحاب القوات التركية من سوريا قبل تطبيع العلاقات- جيتي
النظام السوري يشترط انسحاب القوات التركية من سوريا قبل تطبيع العلاقات- جيتي
اصطدمت خطوات التقارب بين تركيا والنظام السوري، بشروط أعلن عنها رئيس النظام بشار الأسد خلال لقائه مع مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، وأعاد تأكيدها خلال لقائه مع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان.

وقال الأسد في بيان صادر عن الرئاسة، إثر لقائه لافرنتييف، إن اللقاءات مع تركيا "يجب أن تبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا؛ من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها دمشق من هذه اللقاءات، انطلاقاً من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب، المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب".

ويبدو أن شروط النظام نجحت في عرقلة عقد لقاء بين وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو مع نظيره السوري فيصل المقداد، والتي كانت مقررة منتصف شهر كانون الثاني/ يناير الجاري.

وأعلن تشاووش أوغلو عن تأجيل موعد اللقاء إلى مطلع شهر شباط/ فبراير المقبل، لكن احتمالية التأجيل لا تزال قائمة، خاصة أن النظام السوري يتمسك بشرط الانسحاب التركي من جميع الأراضي السورية قبل الوصول إلى تطبيع العلاقات دبلوماسيا.

وبالتزامن مع عرقلة عقد الاجتماع على المستوى السياسي، فقد أعادت تركيا التلويح بإمكانية شن عملية عسكرية في شمال سوريا، ما قد يعيد التفاهمات إلى نقطة الصفر بين الطرفين.

المحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو، قال في حديث لـ"عربي21"، إنه يستبعد أن يكون النظام في وضع يسمح له بفرض شروط على تركيا، خاصة أن دمشق هي التي طلبت التقارب مع أنقرة برعاية موسكو.

وأشار إلى أن التقارب التركي مع النظام، هو تقارب مصالح بما تمليه الضرورات والأولويات التركية وعلى رأسها الأمن القومي التركي، وتحييد التهديدات الإرهابية وتأمين مناطق آمنة في الشمال السوري للمدنيين.

وأكد أن تركيا لا يمكن أن تنسحب من الأراضي السورية، بما يتيح لقوات قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني التوسع على شريطها الحدودي.

ورجح أن يتم تأجيل اللقاء بين تشاووش أوغلو والمقداد مجددا أو عدم انعقاد اللقاء بسبب تعنت النظام السوري في مسألة مكان انعقاد اللقاء، مؤكدا أن تصريحات النظام بأن تركيا دولة احتلال وداعمة للإرهاب، تدل على عدم وجود نوايا حسنة أو إيجابية للوصول إلى اتفاق معين وإذابة العوائق لحل المشاكل العالقة والشائكة بين الطرفين.

من جهته، أكد الكاتب والصحفي فراس علاوي، أن شروط النظام تعقد التقارب بين أنقرة ودمشق، لكن لا تمنعه، مشيرا إلى أن الأطراف خلال الجلسات التفاوضية دائما ما تضع شروطا تتماشى مع مصالحها.

وقال لـ"عربي21"، إن النظام السوري يرفع سقف الشروط بعملية التفاوض لتحصيل ما يستطيع من مكاسب.

اظهار أخبار متعلقة


لكن المحلل التركي، رأى أن عملية التفاوض تسير نحو تعديل اتفاقية أضنة لعام 1998، التي تتيح لتركيا التدخل ضد أي تهديدات على حدودها، لتصبح القوات التركية قادرة على الدخول مسافة 50 كيلومترا في عمق الأراضي السورية، بموافقة من النظام السوري المعترف به لدى الأمم المتحدة.

ولفت إلى أن التصريحات الجوفاء بضرورة انسحاب تركيا من الشمال السوري ستقابلها أنقرة بالتجاهل، معتبرا أن عدم وجود تقارب بين أنقرة ودمشق يعني أن العملية العسكرية التركية قادمة لا محالة.

وأضاف أنه لا يمكن الحديث عن مصالحة مع النظام إلا بعد إيجاد حل سياسي شامل وفق تطلعات الشعب السوري وقرارات الأمم المتحدة 2254.. هذه هي الرؤية التركية.

سيناريوهات التطبيع


وطرح التقارب التركي مع النظام السوري جملة من التساؤلات حول مصير فصائل الجيش الوطني المدعومة من أنقرة، وكيفية حل مسألة اللاجئين السوريين في الأراضي التركية، ما أثار مخاوف لدى شريحة واسعة من السوريين.

لكن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، أكد في أكثر من مناسبة أن بلاده لا يمكن أن تقوم بأي خطوات تضر بالسوريين في تركيا أو في الداخل السوري.

وقال كاتب أوغلو، إن المتوقع تجاه تقارب أنقرة ودمشق لا يمكن اعتباره تطبيعا، وإنما لقاءات ومباحثات وتفاهمات تحقق مطالب الطرفين، مشيرا إلى أن تركيا لا تراهن على أحد في استعادة العلاقات مع الأسد، لأن العلاقات تتغير وفق المصالح والمنافع المتبادلة، وبالتالي فإن يدا على الطاولة ويدا على الزناد.

بدوره، رأى علاوي أن تركيا تراهن على ثلاثة أمور رئيسية في مسألة التقارب مع النظام، تتعلق بالاقتصاد والانتخابات الرئاسية المقبلة والعملية العسكرية في الشمال السوري.

اظهار أخبار متعلقة


واعتبر أن تركيا تريد فتح طريق "إم فور" الدولي في سوريا، ما يتيح لبضائعها الوصول إلى دول الخليج برا، كما أنها تسعى لتخفيف الاحتقان الشعبي تجاه اللاجئين السوريين في أراضيها قبيل الانتخابات، إضافة إلى تجنب شن عملية عسكرية من خلال التوصل إلى تفاهمات سياسية.

وأضاف: "المراهنة التركية مرتبطة بالعلاقات مع الولايات المتحدة ودول الخليج وأيضا مع روسيا والحرب الأوكرانية، كل ذلك يحدد مستوى وكيفية التقارب".

ولفت إلى أن نهاية المفاوضات ستكون بتطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، مؤكدا أن أنقرة ذاهبة باتجاه التقارب حتى وإن كانت الخطوات بطيئة بعض الشيء.
التعليقات (0)