ملفات وتقارير

"وراءها واشنطن".. هل تطيح أزمة الدولار بالحكومة في العراق؟

واشنطن تريد وضع حد لعمليات التهريب الكبيرة للدولار من العراق باتجاه دول الجوار، لا سيما إيران وسوريا- جيتي
واشنطن تريد وضع حد لعمليات التهريب الكبيرة للدولار من العراق باتجاه دول الجوار، لا سيما إيران وسوريا- جيتي
لا تزال أزمة تراجع الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي تأخذ المساحة الأوسع من اهتمام الأوساط الشعبية والسياسية في البلاد، الأمر الذي أثار تساؤلات عن مدى انعكاس ذلك على حكومة محمد شياع السوداني، التي لم يمض على تشكيلها سوى شهرين.

ووصل سعر الصرف إلى 1600 دينار مقابل الدولار الأمريكي الواحد، قبل أن يتراجع الخميس إلى 1550 دينارا للدولار، بعدما كان قبل شهر مستقرا عند 1480 دينارا، وذلك نتيجة إجراءات فرضها البنك الفيدرالي الأمريكي على البنك المركزي العراقي.

"إيقاف التهريب"

وتعليقا على ذلك، قال رئيس تحرير صحيفة "الصباح" الرسمية السابق، فلاح المشعل، في حديث لـ"عربي21"، إن "الولايات المتحدة الأمريكية قامت بإجراء من خلال البنك الفيدرالي، بعد تحذيرات عدة وجهتها وزارة الخزانة الأمريكية إلى حكومة مصطفى الكاظمي ثم حكومة شياع السوداني".

وأوضح المشعل أنه "منذ شهرين أكد الجانب الأمريكي أن أموالا كبيرة تتسرب من العراق إلى جهات خارجية من دول وأشخاص، وأن التهريب بهذه الطريقة محظور تماما كونها قد تستخدم لأغراض مشبوهة، أو لفك الحصار الاقتصادي على إيران وغيرها".

اظهار أخبار متعلقة


وتابع: "لذلك اتخذت الولايات المتحدة هذه الخطوات، والتي أدت إلى غلق أربعة مصارف أهلية عراقية يملكها علي غلام (رجل أعمال)، وقبل ذلك سبقتها بإجراءات تسببت أيضا بإغلاق عدد من المصارف الأهلية المتورطة بتهريب العملة وغسيل الأموال".

ورأى المشعل أن "الإجراءات هذه في مداها البعيد تخدم الحكومة والمال العراقي لمنع تهريبه إلى جهات خارجية، لكن القراءة العراقية عادة ما تقترن بالمصلحة الشخصية المتعلقة بالأحزاب، فقوى الإطار التنسيقي تشعر أن دورها يخدم الخارج أكثر مما يخدم مصلحة العراقيين، لذلك هم يفسرونها على أنها بداية حصار على حكومة السوداني وإسقاط لها".

وأكد الخبير العراقي أن "هناك ضغوطات كبيرة على حكومة السوداني، ولعلها تأتي من الأحزاب التي دفعته إلى رئاسة الحكومة، وواضح أنها من ضمن الصراع على المواقع والعقود، وغيرها من المنافع".

وأشار المشعل إلى أن "الموضوع سياسي في جوهره، وليس ماليا فقط، فالجهات الأمريكية عملت على إنشاء منصة مشتركة بين الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي العراقي، والتي تكشف مسار كل الحوالات المالية الخارجة من العراق، ولن تمر دون وثائق حقيقية للمواد المستوردة".

وبحسب الخبير العراقي، فإن "المعلومات تفيد بأن الإجراءات الأمريكية جاءت بعد كشف ما يعرف بـ"سرقة القرن"، التي تجاوزت الـ2.5 مليار دولار، المسروقة من أموال الضرائب، ولكن ثمة معلومات غير مؤكدة تشير إلى أن عمليات تهريب الدولار من العراق وصلت إلى روسيا".

وأردف: "هذا الأمر في عمقه سياسي، وبالنتيجة ليس توقيته مع قدوم السوداني، وإنما في الأيام الأخيرة خرجت مبالغ كبيرة جدا من العراق، الأمر الذي دفع الفيدرالي الأمريكي أن يتحرك ضدها، لأن الحديث جرى عن أن أحدهم أخرج 6 مليارات دولار، ومثل هذه الأرقام مرعبة".

"إسقاط الحكومة"

وفي السياق ذاته، رأى الباحث في الشأن السياسي عدي العزاوي أن "الولايات المتحدة تريد وضع حد لعمليات التهريب الكبيرة للدولار من العراق، والتي يذهب معظمها بالفعل إلى دول الجوار، لا سيما إيران وسوريا، وكذلك لبنان، وأن التدهور الحاصل اليوم في عملتهم المحلية خير دليل على ذلك، كونه جاء بالتزامن مع شح العملة الصعبة في العراق".

اظهار أخبار متعلقة


وأشار الباحث في حديث لـ"عربي21" إلى أن "الإطار التنسيقي الشيعي الحليف لإيران يريد أن يرمي تهمة ارتفاع أسعار الدولار وتداعياتها على الولايات المتحدة، بالقول إنها تحارب حكومة محمد شياع السوداني، وتريد إسقاطها بعد أقل من شهرين على تشكيلها، لكنهم لا يتطرقون إلى عمليات تهريب الدولار إلى إيران كونهم هم من يقف وراءها".

وشدد العزاوي على ضرورة أن "تستمر الولايات المتحدة في تضييق الخناق على عمليات تهريب الأموال خارج العراق، لأن في ذلك مصلحة العراقيين، فهم أولى بها لإعمار البلد وجلب الاستثمارات، وهذا يتطلب أيضا إنهاء حالات الفساد، إذا كانت الحكومة جادة بالفعل في ذلك".

ولفت إلى أن "التحذيرات الأمريكية بخصوص تهريب الأموال من العراق سبقت تشكيل حكومة السوداني، لذلك لا أعتقد أن توقيتها يتعلق باستهداف هذه الحكومة، التي سبق أن باركت واشنطن تشكيلها، وأجرت السفيرة الأمريكية، ألينا رومانوسكي، زيارات عدة للسوداني خلال مدة قصيرة بشكل فاق المعقول".

وحذر النائب المستقل في البرلمان العراقي، مصطفى سند، الحكومة العراقية، في تسريب صوتي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين، من تبعات ارتفاع سعر الدولار أمام انخفاض قيمة الدينار العراقي، بأن "شهر العسل لن يدوم طويلاً"، مرجحا مواصلة صعود سعر الدولار الأمريكي.

وقال سند المتحالف مع الإطار التنسيقي الشيعي: "نحن اتهمنا الآخرين بأنهم السبب في ارتفاع سعر الدولار سابقا، وبالتالي وقعنا اليوم أمام امتحان بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار حاليا"، في إشارة إلى اتهام التيار الصدري وحكومة الكاظمي برفع سعر الصرف في عام 2021.

اظهار أخبار متعلقة


وذكر سند أن "الناس صابرة، ولا تزال تتفاءل بك (السوداني) خيرا"، مستدركا بأن "شهر العسل لن يدوم طويلا"، مؤكدا أنهم "محرجون أمام الشارع"، وأنهم لم يعودوا يملكون "إجابة" للرد بهذا الصدد.

من جهته، قال النائب في البرلمان العراقي، عقيل الفتلاوي، عن ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، خلال مقابلة تلفزيونية، الثلاثاء، إن "الولايات المتحدة قادرة على إسقاط حكومة محمد شياع السوداني من خلال قضية الدولار، وما يحصل اليوم هو إشارات على ذلك".

وأشار إلى أن "المباركة الأمريكية ليست بالضرورة اقتناعا كاملا بحكومة محمد شياع السوداني، فهذه مسالة بروتوكولية"، مؤكدا أن "أزمة الدولار هي رسائل للسوداني ألا يذهب بعيدا عنها".

وعلى ضوء أزمة الدولار، أعلنت حركة "امتداد" وكتلتها البرلمانية، الأربعاء، أنها ستباشر بجمع التواقيع لاستجواب رئيس الحكومة محمد شياع السوداني في البرلمان "أمام مرأى ومسمع الشعب المظلوم"، وذلك على خلفية انخفاض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي.
التعليقات (0)

خبر عاجل