هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني؛ إن البحرين خسرت فرصة اقتصادية سانحة في دورة كأس العالم 2022 التي تنظمها قطر.
وأوضح الموقع البريطاني في تقرير ترجمته "عربي21"، أن الشحناء المستمرة منذ وقت طويل بين قطر والبحرين، تعني أن الحالة المزاجية لأول كأس عالم يقام في منطقة الشرق الأوسط، ستكون خافتة في البحرين.
وفيما يلي نص التقرير:
تكتنف حمى كرة القدم معظم منطقة الشرق الأوسط، إلا أن بلدا عربيا واحدا في منطقة الخليج لا يبدو مبتهجا بكأس العالم الذي يوشك أن ينطلق في قطر.
كل أربع سنوات، يأسر كأس العالم مشجعي كرة القدم والمؤسسات التجارية في المنطقة على مدى ما يقرب من أربعة أسابيع، وذلك إما بفضل حضور بلد عربي ما، أو بسبب ما تساعد الدورة على توليده من إيرادات للمؤسسات التجارية المحلية.
ومع بقاء أيام معدودة لانطلاق الدورة، تتطلع البلدان التي كانت حتى وقت قريب على خلاف مع قطر إلى جني الأرباح من هذا الحدث الرياضي.
أنفقت قطر الغنية بثروة الغاز، ما يقرب من 220 مليار دولار على إنشاء بنية تحتية من الطراز الأول، بما في ذلك الطرق الجديدة ووسائل المواصلات العامة والمرافق الرياضية، وإن كانت ما تزال تعاني من نقص كبير في الفنادق.
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: تنظيم كأس العالم في قطر هو انتصار للعولمة
تتوقع إمارة دبي، التي تبعد 45 دقيقة جوا، ارتفاعا في عدد الحجوزات في اللحظة الأخيرة؛ نظرا لأن ما يزيد من 1.2 مليون شخص يستعدون للتوجه إلى قطر.
تقدم فنادق دبي عروضا خاصة لمشجعي كرة القدم، وأعدت الإمارة مناطق للمشجعين في الحدائق وعلى الشواطئ وفي المركز المالي للمدينة.
أما المملكة العربية السعودية في الجوار، التي كانت قد عزلت نفسها إلى حد بعيد عن عالم السياحة، إلى أن بدأت بإصدار تأشيرات سياحية في عام 2019، فهي تعرض على من يحملون بطاقات هيا فرصة زيارة المملكة لمدة ستين يوما.
ولكن على بعد بضعة أميال بحرية عن قطر، لا يبدو أن ثمة ابتهاجا في مملكة البحرين بأول كأس عالم يقام في منطقة الشرق الأوسط.
لا توجد رحلات جوية مباشرة ولا مناطق للمشجعين، والقليل من الإعلانات الترويجية للدورة التي ستقام على بعد مسافة قصيرة من شواطئها.
يقول كريستيان كوتس أولريخسون، زميل الشرق الأوسط في معهد بيكر التابع لجامعة رايس: "يبدو أن البحرين ضيعت على نفسها فرصة كأس العالم، خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار أن فيها قطاع خدمات سياحية ودود".
مصالحة بطيئة
ما فتئ التوتر يسود العلاقات بين البحرين وقطر خلال السنوات الأخيرة، وتخلل ذلك قطيعة تامة بين البلدين في حزيران/يونيو 2017 على إثر أزمة الخليج الدبلوماسية، حينما انضمت البحرين إلى كل من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في قطع العلاقات مع قطر، وفرض حصار على جارتها بسبب مزاعم بأنها تدعم الإرهاب، وبأنها على علاقات وطيدة مع إيران. رفضت الدوحة تلك التهم وقالت؛ إن الغاية من الحصار والمقاطعة كانت تقويض استقلالها.
منذ القمة التاريخية لمجلس التعاون الخليجي في العام الماضي، التي عقدت في منطقة العلا بالمملكة العربية السعودية وشهدت إنهاء حالة القطيعة، تحسنت كثيرا علاقات قطر مع كل من مصر والمملكة العربية السعودية وبدرجة أقل مع الإمارات العربية المتحدة. ولكن رغم ذلك التطور، لم تشهد العلاقات بين الدوحة والمنامة كثيرا من التحسن.
فبعد أسبوعين من قمة العلا، اتهم وزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني قطر بعدم أخذ المبادرة لحل النزاع بينها وبين المملكة.
وعن ذلك يقول أولريخسون: "من المؤكد أن العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البحرين وقطر لم تزل الأبطأ تحسنا".
اقرأ أيضا: نواب أردنيون يتضامنون مع قطر في وجه "محاولات التشويه"
يقول أكاديمي بحريني مقيم في بريطانيا، طلب عدم الإفصاح عن هويته بسبب حساسية الموضوع؛ إنه ما كان ليعدّ سلوك البحرين ناجما عن انعدام الحماس.
ويضيف؛ "إنه كأس العالم في نهاية المطاف. فقط يبدو أن عملية المصالحة تمضي بشكل بطيء جدا، الأمر الذي سيحرم رجال الأعمال البحرينيين من فرصة تحقيق أي مكاسب من كأس العالم".
تحدث عدة أشخاص مع موقع ميدل إيست آي، واشترطوا عدم الإفصاح عن هوياتهم، قائلين؛ إن المزاج تجاه كأس العالم في المنامة خافت إلى حد كبير، وقالوا إن المقيمين مازالوا يتلمسون موقف الحكومة تجاه الحدث.
وقال مدير في إحدى الصحف في حديث مع موقع ميدل إيست آي؛ إن ثمة توجيهات من الحكومة البحرينية بتقليص تغطية الأحداث في كأس العالم.
تواصل موقع ميدل إيست آي مع السفارة البحرينية في لندن للحصول على تعليق منها على الأمر، ولكنه لم يتلق ردا حتى موعد نشر هذا التقرير.
وطبقا لهذا المدير، يلتزم رعاة كأس العالم، الذين لديهم مصالح تجارية داخل المملكة، الحذر إزاء نشر أي إعلانات أو إطلاق أي حملات دعائية في الأماكن العامة؛ بسبب عدم تيقنهم من الرد المحتمل للحكومة على ذلك.
تواصل موقع ميدل إيست آي مع خمسة من كبار رعاة كأس العالم، ولكنه لم يتلق ردا من أي منهم حتى موعد نشر هذا التقرير.
وأضاف مدير الصحيفة قائلا؛ إن شركته استأجرت ملعبا في أثناء دورة كأس العالم في إسطنبول عام 2018، ونصبت شاشات تلفزيونية عملاقة لتمكين المشجعين من المتابعة، ولكن لم يتم التخطيط لأي شيء مشابه في دورة هذا العام.
وقال: "كانت مجمعات التسوق البحرينية تضج بالبهجة والإثارة كلما انطلقت دورة كأس العالم في أماكن أخرى. لكن الآن – على الرغم من أن الحدث يقام في الجوار –، لا توجد طقوس تجارية معتادة مثل بيع أجهزة التلفزيون بأسعار مخفضة".
اقرأ أيضا: تفاعل مع وسم "أنا عربي وأدعم قطر" مع قرب المونديال (شاهد)
المشاهدة من البيت
تاريخيا، تنازعت البحرين وقطر السيادة على جزر حوار وجنان وكذلك على بلدة زباره، واختلفا بشأن تغطية الجزيرة لأحداث انتفاضات الربيع العربي في عام 2011، وحول قرار قطر منح الجنسية للمسلمين السنة المنحدرين من المملكة ذات الأغلبية الشيعية.
وقال وكيل سفريات مقره المنامة؛ إن النزاع المستمر منذ وقت طويل، يعني أن فرص تنظيم رحلات جوية مباشرة بين البلدين ضئيلة جدا.
وبحسب ما يقوله كمال محيي الدين، وهو سمسار عقارات هندي يعمل في المنامة، فإن قضية سفر المشجعين البحرينيين إلى قطر، لم تكن المتضرر الوحيد من غياب رحلات الطيران المباشرة بين البلدين.
وقال؛ إن الرحلات الجوية المكوكية من الدوحة إلى المنامة، المعروفة بأنها أكثر مدن المنطقة تسامحا، التي يوجد فيها ما يقرب من عشرين ألف غرفة فندقية، كان يمكن أن تعود بالفائدة على الجميع.
وقال محيي الدين: "كان الاقتصاد البحريني سيتفيد كثيرا من إتاحة الفرصة لاستضافة مشجعي كأس العالم، ومازال الأمل معقودا على حدوث ذلك".
وفي إشارة إلى تقرير يزعم بأن نسبة السياح الذين وصلوا إلى البحرين في الربع الأول من هذا العام بعد رفع القيود التي فرضت بسبب جائحة كوفيد، شهدت ارتفاعا قدره 984 بالمائة، قال محيي الدين: "تستهدف ميزانية البحرين لهذا العام أن يكون 20 بالمائة من إيراداتها من السياحة، ولقد حققت حتى الآن ما نسبته 18 بالمائة".
تقول وزارة التراث والسياحة في سلطنة عُمان؛ إن كأس العالم يتوقع له أن "يزيد من وتيرة السفر إلى الوجهات الإقليمية"، وأن الطفرة المالية المرتبطة بالحدث قد تستمر إلى ما بعد انتهاء الدورة.
في الربع الأول من هذا العام، دخل 1.483 مليون سائح إلى البحرين عبر جسر الملك فهد، الذي يربط بين البحرين والمملكة العربية السعودية، مقارنة بما يقرب من 84 ألف سائح دخلوا في العام الماضي، وهذا يمثل نموا كبيرا، مرجعه إلى رفع القيود على السفر في زمن جائحة كوفيد 19.
ونتيجة لذلك، عاد القطريون هم أيضا إلى البحرين. في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال صاحب أحد محلات البقالة: "أرى كثيرا من سيارات نيسان باترول {وهي السيارة المفضلة لدى المواطنين القطريين} هنا بلوحات أرقامها قطرية".
وزعم أن ذلك حدث بعد لقاء جمع بين أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، على هامش قمة جدة في شهر تموز/يوليو الماضي.
وقال صاحب محل البقالة؛ إنه شاهد خبر الاجتماع عبر صورة مأخوذة من موقع بحريني معارض اسمه مرآة البحرين، الذي ذكر أيضا أن المنامة أزالت قطر من قائمة البلدان التي يحظر على البحرينيين زيارتها.
وقال صاحب البقالة: "كلما رأينا صور زعماء قطر والبحرين وهم يتصافحون ويتبادلون الابتسامات، ولكن بدون رحلات طيران بين البلدين، يتبادر إلى ذهننا أنهم ربما نسوا تارة أخرى مناقشة الموضوع".
ومع ذلك، قال بعض المشجعين؛ إنهم على استعداد للسفر بالسيارة مسافة خمس ساعات لمشاهدة المباريات حضوريا، بينما قال آخرون؛ إنهم سيحتفلون بأول كأس عالم ينظم في العالم العربي وهم مرتاحون داخل بيوتهم.
وقال عمار أحمدي، البحريني الذي يعمل مستشار أعمال: "بعضنا معشر البحرينيين، قد لا نتمكن من التوجه إلى قطر، ولكننا سنتفرج على المباريات من خلال التلفزيون".
وأضاف: "نحن مشجعون متحمسون لكرة القدم، وهي رياضة كبيرة هنا. وددت أن أحضر جميع المباريات التي تلعب فيها البرازيل، ولكني لم أحصل على تذكرة".