قالت صحيفة
الأخبار اللبنانية، إن
خطة سرية وضعت لتقويض
إيران، قامت فيها كل دول الجزيرة
العربية، بتنصيب نفسها، في موقع العداء لإيران، بصورة مماثلة لما قامت به إبان حكم
نظام صدام حسين، في حربه على طهران.
وقالت الصحيفة:
"خلال العقد الأخير، تصرف الغرب، ومعه حلفاؤه في
المنطقة من إسرائيل إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى، على أساس
أن هؤلاء أمام استحقاق داهم بضرورة تدمير النظام الإيراني. ورُسمت كثير من الخطط،
وصولاً إلى ما سمي خطة تقويض إيران من الداخل، وهو برنامج تحمست له السعودية
وإسرائيل، بمشاركة إماراتية، وبدعم ورعاية كبيرين من البريطانيين والفرنسيين والألمان..
وهذا كله، طبعاً، تحت إشراف الولايات المتحدة".
وأضافت: "عكست الحرب التي شنها التحالف الأمريكي السعودي الإسرائيلي الإماراتي
على اليمن أحد وجوه الحرب ضد المحور الذي تقوده إيران. ولم تقف طهران مكتوفة
اليدين، بل دعمت صراحة كل خصوم المحور المعادي. وكما دعمت المقاومة في لبنان
وفلسطين، فإنها قدمت كل الدعم الممكن في سوريا والعراق لإلحاق الهزيمة بالخيار التكفيري
أو بديله الأمريكي".
وأضافت: "في اليمن، وقفت إلى جانب أنصار
الله، أقوى حركة معارضة في التاريخ الحديث للجزيرة العربية، ومكن الدعم الإيراني
هذه المجموعة الوليدة من الصمود والتطور حتى أصبحت، في حد ذاتها عنوانَ خطر حقيقي،
بل وجودي، على نظام آل سعود وبقية إمارات القهر في الجزيرة العربية"، وفق وصف
الصحيفة.
وأشارت إلى أنه في فترة معينة، "راهن
الأوروبيون والأمريكيون على أن إبرام اتفاق النووي مع إيران ورفع الحصار عنها من
شأنهما دفعها ليس إلى سياسات جديدة، بل إلى سلوك اقتصادي واستهلاكي مختلف سيبعدها
تدريجا عن المحور الذي تدعمه في المنطقة. ومع التأكد من فشل هذا الرهان، فقد سارع
الغرب إلى نقض هذا الاتفاق، وانتقل إلى الخطة الأكثر وضوحا".
وأوضحت أن الخطة كانت تقضي بـ"إدخال
النظام في إيران في مواجهة داخلية مع شعبه. لذلك، قامت المعركة المستمرة منذ توقيع
اتفاق النووي، والتي تعززت بعد إعلان أمريكا الخروج منه، على إثارة اضطرابات
داخلية تقوض النظام بعد إنهاكه بمواجهات داخلية متنوعة، يقوم بعضها على عناوين
الحريات الفردية والسلوكيات الخاصة وحقوق المرأة وغيرها، وبعضها الآخر على إحياء
الحساسيات القومية التي ترفض العيش في ظل نظام إسلامي على الطريقة الخمينية. لذلك،
فإنه لم ينحصر تركيز هذا البرنامج على الحركات الشبابية، بل شمل القوميين من الأكراد
ومن أهل بلوشستان، وجهزت ماكينات إعلامية وأمنية ورصدت موارد مالية هائلة لإدارة
هذه المعركة".
ولفتت الصحيفة إلى أنه في نهاية عام 2015، بدا أن
كل أعداء إيران يريدون التسريع في خوض هذه المعركة، خلال عامي 2016 و2017، وبدأوا
بتجارب على مجموعة من العناوين التي أخذت طابعاً إعلامياً ودعائياً، وترافقت مع عمل
أمني حثيث لبناء شبكات إرهابية في كل أنحاء إيران، وتعاون على ذلك الأمريكيون
والإسرائيليون مع كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية والإمارات والبحرين،
ومع جهود غير رسمية لأجهزة من دول أخرى، إضافة إلى جماعات ضغط فاعلة في العالم".
وأشارت إلى أنها ركزت على الجاليات الإيرانية بوصفها
"رافداً رئيسياً ليس لدعم حركات الاعتراض داخل ايران، بل لشرح آليات التفكير
المناسبة، والمشاركة في تأهيل المجموعات داخل إيران. وقد تبين أن مزدوجي الجنسية
من الإيرانيين ممن يقيمون في الغرب ويزورون بلدهم، لعبوا دوراً محورياً في توجيه
الاضطرابات الأخيرة، فيما كانت أجهزة أمنية تدير العمليات الإرهابية في مناطق أخرى
من البلاد".
وقالت الصحيفة: "رغم أن النقاش في إيران
يجب أن يكون حول ما يجب أن تقوم به الحكومة في شأن قضايا ومطالب محقة للناس، لكن
ما خبرناه من تجارب سوريا ومصر وتونس وليبيا، أن الركون إلى هذه الشعارات ليس سوى
انخراط في أو صمت عن مذبحة قادمة كالتي شهدناها في دول كثيرة، والتي كان لبنان
والعراق مرشحين لأن يشهدا مثلها منذ تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، بمعزل عن أي
نقاش آخر حول النظام والحكام والفاسدين".
وشددت الصحيفة
على أنه "ليس هناك أي التباس، بأننا أمام
فصل جديد من المواجهة المفتوحة بين المحور الذي تقوده إيران وبين محور صار أكثر
وضوحاً من السابق، وهي مواجهة تأكدنا سابقا أن الأعداء فيها لا يهتمون لأمر أحد،
وأنهم مستعدون لإحراق كل شيء لتحقيق هدفهم. وهذا يعني أنه علينا الاستعداد
لمواجهتهم، ليس بأسلحتهم كما يفضلون، بل بما يتناسب وطبيعة المعركة. وإذا كان
الغرب فالحاً في الحروب الناعمة، فإن يدنا الخشنة تنفع في الردع، كما في العقاب".