هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تنافس البورصة المصرية على أسوأ أداء لها مقارنة بالأسواق العربية منذ مطلع العام الجاري على خلفية الأزمة الاقتصادية العالمية، بحسب بيانات رسمية، وهو ما يهدد خطط الحكومة المصرية بطرح شركات تابعة للدولة بالبورصة خلال الأسابيع القليلة المقبلة ضمن محاولاتها لإنعاش الاقتصاد.
وبات شحّ السيولة التحدي الأول أمام البورصة المصرية، بحسب ما ذكره رامي الدكاني، رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية في تصريحات صحفية، وسط مخاوف من عزوف المستثمرين عن الإقبال على شراء حصص في الشركات التي سوف تطرح بالبورصة، وآمال بتعزيز السيولة وزيادة حجم التداول والقيمة السوقية بعد طرحها.
وتستهدف الحكومة المصرية جمع 40 مليار دولار على مدار 5 سنوات من خلال إطلاق برنامج واسع لطرح حصص 10 شركات حكومية في البورصة قبل نهاية حزيران/ يونيو المقبل، في سياق التزام الدولة بتنظيم ملكيتها في عدد من القطاعات بما يتيح فرصة أكبر للقطاع الخاص في بعض المشروعات، بحسب تصريحات هالة السعيد وزيرة التخطيط المصرية.
خسائر قياسية
وارتفعت خسائر البورصة منذ بداية العام إلى 18.6% مطلع الأسبوع الجاري بعد جلسة دامية من الخسائر فقدت خلالها ما يزيد عن 18 مليار جنيه لتتفاقم خسائر الأسهم في 4 جلسات إلى 40 مليار جنيه قبل أن تقلص خسائرها إلى 16.25% يوم الثلاثاء. (الدولار يساوي 19.45 جنيها).
وتصدرت البورصة المصرية الأسوأ أداءً بين البورصات العربية، بحسب تقرير هيئة الرقابة المالية (حكومي) عن أداء البورصات العربية خلال الربع الأول من العام الحالي في حين تصدرت أسواق أبو ظبي والسعودية ودبي والبحرين قائمة الأكثر نموا.
وفي مطلع تموز/ يوليو الماضي، واصلت البورصة المصرية أداءها السيئ بعد أن تراجع مؤشرها الرئيسي بنحو 23 في المئة منذ بداية 2022؛ نتيجة عدة عوامل على رأسها خروج المستثمرين الأجانب، وهبوط الجنيه أمام الدولار، وطرح شهادات ادخارية بالبنوك المحلية بعائد مرتفع.
وتواصل البورصة المصرية أداءها السيئ ومعاناتها من ضعف السيولة بالتزامن مع اعتزام الحكومة تهيئة بعض الشركات وطرح حصة بها للمستثمرين بهدف الإسراع في تنفيذ خطة الدولة في مزيد من مشاركة القطاع الخاص في تملك وإدارة الشركات المختلفة.
وكشفت وزيرة التخطيط، قبل أيام، أنه ستيم طرح عدد من الشركات في البورصة المصرية، بقيم تصل إلى 6 مليارات دولار، وخلال الأسابيع القليلة المقبلة سيتم طرح بعضها على دفعتين تتراوح قيمتها ما بين 2.5 مليار دولار إلى 3 مليارات دولار لكل مرحلة، مشيرة إلى أن نسب الطروحات من 20 إلى 30% ولكنها لم تذكر هوية تلك الشركات أو القطاعات المستهدفة.
اقرأ أيضا: تراجع كبير للبورصة المصرية وصدمة بسوق الأسهم.. تفاصيل
طرح في وقت خاطئ
وحول خطورة هذه الخطوة في الوقت الراهن، حذر رئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة، أحمد خزيم، من المضي قدما في المخطط الحكومي، قائلا: "إن طرح شركات الدولة في البورصة المصرية في هذا التوقيت الحرج لا يهدد فقط برنامج الطروحات بالفشل إنما يهدد بإهدار أصول الدولة من خلال بيعها بسعر أقل من قيمتها".
وبشأن أداء البورصة المصرية، أوضح الخبير الاقتصادي لـ"عربي21": "البورصة في دول العالم هي مرآة للاقتصاد وتعكس مدى قوته أو ضعفه، وفي مصر هناك عدة أزمات مثل سوء إدارة السوق من خلال اتخاذ قرارات طاردة، وبالتالي ضعف السيولة، واستمرار هبوط الجنيه، واستمرار أزمة السيولة الدولارية، والتصريحات المتضاربة لرموز السلطة المالية من قبل الوزارات المعنية والبنك المركزي وغيرهم".
وأكد خزيم أن "هذا المخطط الحكومي الذي يأتي بطلب من صندوق النقد الدولي إلى جانب تنفيذ خطوات أخرى مثل خفض قيمة الجنيه والذي يسير بشكل واضح نحو خفضه على عدة مراحل وما سوف ينتج عنه من غلاء كبير في الأسعار قد ينعكس على الاستقرار المجتمعي والسياسي بالبلاد".
ورأى أن الأفضل للحكومة المصرية "أن تؤجل برنامج الطروحات لأنه لن ينعش البورصة المصرية إلا بشكل مؤقت، وفي حال فشله يعني ذلك خسارة أصول لا يمكن تعويضها، كما على الدولة التفكير في حلول داخلية وليست مستوردة من صندوق الدولي".
الطروحات بين البورصة وصندوق النقد
وفي المقابل، رأى الوكيل السابق لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية المصرية، عبد النبي عبد المطلب، أن برنامج الحكومة لطرح حصص من شركات الدولة سوف يحسن أداء البورصة.
وقال عبد المطلب: "إن العالم كله يعاني من أزمة اقتصادية وكان لها تأثيراتها على مصر، وأكثر شكل من أشكال التأثير هو خروج الأموال الساخنة".
ولكنه أوضح من خلال حديثه لـ"عربي21": "أن الأداء السيئ للبورصة بسبب افتقارها لعوامل الجذب، ومشاكل عدم وضوح الرؤية واتخاذ بعض القرارات غير المناسبة للسوق المصري فضلا عن التغييرات في القيادات الإدارية، وترقب المستثمرين لبرنامج الطروحات المتأخر، وتقييد الاستيراد وما نتج عنه من تأثيرات سلبية على دورة رأس المال، فضلا عن أن جزءا من المستثمرين المحليين فضلوا توزيع جزء من استثماراتهم وتنويعها في عدد من الأنشطة التجارية، وزيادة التدفقات باتجاه أسواق الخليج".
وكانت الحكومة كشفت في آذار/ مارس 2018 عن عزمها طرح حصص أقلّية في 23 شركة بالبورصة، في إطار برنامج لجمع 80 مليار جنيه في غضون 24 إلى 30 شهراً، ولكنها لم تلتزم بما تعهدت به ما تسبب في حالة من عدم اليقين في تنفيذ خططها في هذا الشأن.
وأكد عبد المطلب أن "تنفيذ برنامج الطروحات بشكل جاد وواضح سوف ينشط سوق المال بشكل كبير، ويشجع على دخول مستثمرين جدد للسوق يريدون الاستثمار في شركات كبيرة تحقق أرباحا سنوية ومدعومة من الدولة، ولكن الهدف الرئيس ليس إنعاش البورصة بقدر ما هو استجابة لشروط صندوق النقد الدولي وفي حال فشلت المفاوضات لن تمرر الحكومة البرنامج".