هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع اندلاع العدوان على قطاع غزة، ترصد المحافل الإسرائيلية جملة من التأثيرات السياسية والحزبية على وضع الأحزاب المتنافسة، وما قد تلقيه من ظلال وتأثيرات على الانتخابات المقبلة، في ضوء القناعات الإسرائيلية المتزايدة بأن هذه الحرب ذات أهداف داخلية بالدرجة الأولى.
مع العلم أن إطلاق الاحتلال لعدوانه على غزة قبل 88 يوما من ذهاب الإسرائيليين لانتخاباتهم الخامسة والعشرين، يجعل أجندة الانتخابات في حالة تغير مرات عديدة إلى حين يوم التصويت في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، في ضوء صدور جملة من ردود فعل أعضاء الكنيست في الأحزاب العربية على بدء العدوان.
وذكرت دفنا ليئيل المراسلة الحزبية في القناة 12، في مقال ترجمته "عربي21"، أن "السؤال الذي يطرح نفسه اليوم حول كيفية تأثير العدوان على غزة على قدرة رئيس الحكومة يائير لابيد على تشكيل حكومته المقبلة، أو الحصول على تفويض جديد".
اقرأ أيضا: عدوان الاحتلال يتواصل على غزة.. والمقاومة ترد (متابعة)
ودعت عضوة الكنيست عايدة توما سليمان إلى إنهاء الهجوم على غزة، "لأن عمليات الاغتيال والقصف لن تؤدي إلا لمزيد من المعاناة والدمار في غزة، ولن تجلب أي أمن للمستوطنين، لأن لابيد يحاول إثبات أنه رجل الأمن بإحداث فوضى في غزة، ووضع الإسرائيليين في الملاجئ، ما يستدعي وقف إطلاق النار الآن"، وفق قولها.
ونقلت عن "عضو الكنيست عوفر كسيف من القائمة المشتركة أن "هذه حرب اختيارية بدافع النوايا الحزبية، أي أن لابيد يؤسس لصفقة انتخابية عنوانها: الدم مقابل الأصوات، وبالتالي فإن مساره العنيف يأتي على أمل حصوله على مزيد من التفويضات في الانتخابات، لكن الحقيقة أنه لن يؤدي إلا إلى بحر من الدموع والدم في غزة وإسرائيل، الأمر الذي سيجبر جميع المعنيين على إعادة حساب المسار في التحالف مع لابيد من عدمه في الانتخابات القادمة".
وأضاف أن ذلك "ما قد تكشف عنه في الأيام القليلة القادمة نتائج استطلاعات الرأي بين الإسرائيليين، لأنه إذا استمرت الحرب فترة طويلة، فقد يكون ذلك على حسابه".
وذكر كذلك عاميت سيغال خبير الشؤون الحزبية في تقريره على القناة 12، ترجمته "عربي21"، أن "هذه أول حرب تخوضها دولة الاحتلال في عهد لابيد الذي تولى رئاسة الوزراء منذ 5 أسابيع فقط، ما يجعلها حربا غير عادية لأسباب عدة".
ذكر أولها أنها "تجري في ظل حملة انتخابية حامية"، وثانيها أن "من يقودها سياسي بحاجة الى أن يثبت أنه رجل الأمن لافتقاره الى الماضي العسكري"، وثالثها لأنها "الحرب الأولى في السنوات الـ13 الماضية التي يكون فيها الليكود في المعارضة"، ورابعها أنها "الحرب الأولى التي يوجد فيها حزب عربي في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي".
وأضاف أن "مفارقات الأقدار تشير إلى أنه في 2021 خلال حرب غزة الأخيرة، تبنى لابيد ورفاقه سياسة غير مناسبة عندما اتهموا حكومة بنيامين نتنياهو بأنها افتعلت الحرب لاعتبارات حزبية، ولذلك فقد يكون من المناسب أن تقدم المعارضة الحالية ذات الادعاءات المماثلة ضد حكومة لابيد".
ومن الواضح أن العدوان القائم ضد غزة يتخلله توتر بين رئيس الوزراء لابيد ووزير حربه بيني غانتس، وعداوة ذات أبعاد غير عادية، يدركها الإسرائيليون جيدا، ولعله وضع مشابه لم يمنع إيهود أولمرت وإيهود باراك في 2008-2009 من شن العدوان على غزة في حينه.
اقرأ أيضا: منظمة حقوقية: الهجوم الوحشي على غزة مثال لدموية الاحتلال
لكن لابيد وغانتس اليوم يتنافسان مع بعضهما في معركة ماذا سيفقد كل واحد منهما، خاصة بعد أن تحدث كبار الوزراء في الحكومة في الأيام الأخيرة عن تصعيد غير ضروري في الجبهتين الشمالية والجنوبية.
في الوقت ذاته، لا يخفي الإسرائيليون أن رئيس حكومتهم يفتقر لقلة خبرته السياسية والعسكرية، ما يحمل في طياته أنه قد تنتهي هذه الحرب في الأيام القادمة، لكن لا يعرف الإسرائيليون كيف ستنتهي الانتخابات، مع شعور سيئ بعدم وجود قرار إسرائيلي.
والتقدير الإسرائيلي السائد أن لابيد في حال أنهى العدوان على غزة في غضون يومين إلى ثلاثة أيام قد يجعله يخرج بأقل الخسائر، لكنه قد يخسر الكثير إذا تعقّدت يوميات الحرب، وبالتالي فقد تمثل له هذه الحرب نهاية مريرة ومبكرة، لعهد السياسي الذي لم يدم أكثر من خمسة أسابيع فقط.