هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تدعو أحزاب سياسية، وشخصيات أردنية مستقلة؛ لعقد مؤتمر وطني "لإنقاذ البلاد من المأزق السياسي والاقتصادي"، ويهدف لـ"إنقاذ مقدرات الوطن".
جاء ذلك في اجتماع تحضيري لهم، مساء السبت، عقد في عقد مقر حزب "الشراكة الإنقاذ" الأردني، داعين إلى أن يكون "الشعب مصدرا للسلطات".
وشكلت الأحزاب لجنة تحضيرية لترتيب عقد المؤتمر الوطني، بحيث يضم شخصيات أردنية من تيارات مختلفة، للمطالبة بـ"إصلاح حقيقي، ووقف الاعتداء على إرادة المواطن، ووقف نهب مقدرات البلاد"، بحسب ما أعلنه المشاركون.
وشارك في الاجتماع الأولي كل من أحزاب: جبهة العمل الإسلامي، الشراكة والإنقاذ، أردن أقوى، إلى جانب حراكيين، ومستقلين، ونواب سابقين.
وطالب المشاركون في بيان لهم بـ"استعادة مقدّرات الوطن المنهوبة ومؤسساته الاقتصادية، وكفّ يد الفاسدين عن إدارة شؤون الدولة، ومحاسبة المتورطين أمام القضاء الأردني".
وأتى الاجتماع في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في الأردن، من ارتفاع لمعدلات الفقر والبطالة والمديونية، وتردي الخدمات والبنية التحتية، إلى جانب تراجع في مؤشرات الحريات العامة، وانتشار الجرائم والعنف.
وقال أمين عام حزب الشراكة والإنقاذ سالم الفلاحات، لـ"عربي21": "الهدف من الاجتماع هو البحث عن علاج لما يغرق فيه الأردن من ضيق اقتصادي، وغياب الحريات العامة، وتراجع الخدمات الصحية والتعليمة، وانتشار الفساد المالي والإداري، وسرقة المقدرات، والتغول الخارجي على الأردن، وتغييب العمل الحزبي، رغم الشعارات التي تطرح".
وبحسب الفلاحات، تتلخص مطالب المجتمعين بأن "يكون الشعب مصدرا حقيقيا للسلطات، من خلال إعادة الاعتبار للركن الأول من النظام السياسي، بحسب المادة الأولى والمادة الرابعة والعشرين من الدستور، من خلال قانون انتخاب وأحزاب عصريَّيْن يعكسان إرادة المواطن وقناعاته بحرية".
وأيضا "ضرورة الفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث، والتوازن بينها، وضمان استقلالها، وكفّ يد الأجهزة الأمنية عن التدخل فيها"، وفق الفلاحات.
وتابع بأن من المطالب أيضا "استقلال القضاء ليكون ملاذا لتحقيق العدالة، وأن تكون مرجعية القضاة القانون وحده فقط، وتفعيل مبدأ تلازم السلطة والمسؤولية، إلى جانب إلغاء مختلف الاتفاقيات والمعاهدات التي أضرت بمصالح الوطن والشعب، وعدم تحمل آثارها".
وقال: "كما يجب استعادة مقدّرات الوطن المنهوبة ومؤسساته الاقتصادية، وكفّ يد الفاسدين عن إدارة شؤون الدولة، ومحاسبة المتورطين أمام القضاء الأردني، وربط الأردن بعمقه العربي والإسلامي، وأن تكون علاقاته الخارجية قائمة على مصالحه الاستراتيجية وقراراته السيادية المستقلة، وعدم الدخول في أحلاف عسكرية تخدم العدو الصهيوني تحت أي لافتة"، وفق تعبيره.
اقرأ أيضا: مسؤول أردني سابق يتحدث عن سطوة أمريكا على القرار الداخلي
"نداء وصرخة"
أما الناطق باسم حزب جبهة العمل الإسلامي، ثابت عساف، فاعتبر الاجتماع بمثابة "نداء وصرخة" لإنقاذ ما يمر به الوطن داخليا وخارجيا.
وأضاف: "اليوم نحن أمام بيع لكل مقدرات الوطن، سواء كانت المادية والمعنوية، واليوم قرارنا مرتهن، وهناك قواعد عسكرية لدول معادية في الوطن، وهناك تدمير ممنهج للدين ومراكز القرآن، وعبث في المناهج".
وقال: "هناك مخطط غربي صهيوني للسيطرة على المنطقة وفرض التطبيع، وينبغي على كل من لديه حرص أن يقف وقفة جادة، ولا يمكن لأحد أن يقول لا لصرخة تقول: إلى أين نحن ذاهبون في الأردن؟ نحن ندفع ضريبة صمت في كل المجالات، مثل حوادث السير، وتردي التعليم والصحة، وندفع هذه الضريبة لأننا لم نستطع الوقوف في وجه ذلك".
أما الكاتب والمحلل السياسي منذر حوارات، فوصف المشهد في الأردن بـ"المتفرد"، وقال لـ"عربي21": "الحكومة اليوم تتفرد وتدير المشهد الوطني بالأردن، ولا يوجد أحزاب معارضة وقوى لها تأثير على صناعة القرار السياسي، لذا أتى الوقت كي تقوم الأحزاب بدورها بإيجاد كتلة تعدل ميزان صناعة القرار السياسي؛ بالاعتماد على ما لديها من كتلة شعبية بصيغة تندرج تحت إطار الدستور".
الملك: أنجزنا حلقة مهمة من الإصلاحات السياسية
وتأتي هذه الدعوة للمؤتمر الإنقاذ، في حين أن الملك عبد الله الثاني قال بدوره في حوار مع صحيفة "الرأي" الرسمية، الأحد، إن الأردن قطع شوطا في الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
وقال: "على الرغم من أننا أنجزنا حلقة مهمة من الإصلاحات السياسية في الأعوام السابقة، تتمثل في إرساء المؤسسات الدستورية وتطوير التشريعات، إلا أننا لم ننجح بشكل كبير في تعزيز الحياة الحزبية خلال العقدين الماضيين، لأن التشريعات لم توفر الأدوات الكافية لتحقيق ذلك، إضافة إلى أن البيئة السياسية لم تكن محفزة للأحزاب، لذلك انتقلنا إلى مفهوم التحديث الذي يتضمن تهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لمشاركة أوسع في الحياة العامة وصنع القرار، التي تنطلق من أحزاب برامجية واقعية".
وفيما يتصل بالتحديات التي تواجه المملكة، وكيفية التعامل معها، قال الملك: "ينبغي علينا في مثل هذه الظروف التي يشهد فيها العالم أزمة اقتصادية صعبة وغير مسبوقة من تضخم وارتفاع أسعار وكساد متوقع وأزمة في الغذاء والطاقة، أن نتكاتف ونستمع لكل الأصوات الوطنية، حتى نتمكن من عبور الأزمة، وتخفيف آثارها على شعبنا".
وأكد أن "التمكين الاقتصادي ليس بديلا عن الحل السياسي، وضرورة أن تشمل المشاريع الإقليمية الأشقاء الفلسطينيين، "فنحن الأقرب إليهم"، ويجب أن يكون لهم مكانة ونصيب من كل هذه المشاريع، ولا "نقبل بتهميشهم بأي شكل من الأشكال"، والوصاية الهاشمية على المقدسات واجب نؤديه بكل أمانة".
ولا يعتبر هذا الاجتماع الأول لشخصيات أردنية تطالب فيه السلطات الأردنية -وعلى رأسها الملك عبد الله الثاني- بإجراء إصلاحات "حقيقية" ومحاربة الفساد، ووقف التردي في الخدمات العامة.
وتقول الرواية الرسمية الأردنية إن هناك توجها حقيقيا نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي، وإن الدولة تتقدم في هذا الأمر رغم الصعوبات.
في سياق متصل، طالب أهالي معتقلين أردنيين سياسيين (معتقلي حراك، تهم ترويج للإرهاب، جرائم إلكترونية)، في اجتماع بأحد المنازل في العاصمة عمّان، بالإفراج عن أبنائهم المعتقلين، إلى جانب ضرورة إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، على رأسها إطلاق الحريات العامة.
اقرأ أيضا: مطالبات في الأردن بالإفراج عن المعتقلين السياسيين (شاهد)
وتأتي هذه الاجتماعات في ظل توسع حالة الإحباط، التي يقول أمين عام حزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، عنها إنها مستمرة إلى جانب "عدم الثقة التي تتوسع يوميا"، مضيفا: "العلبة ذاتها يتم تدويرها على الشعب من حكومة إلى أعيان إلى نواب إلى إدارة مؤسسات".
وأضاف لـ"عربي21": "يوجد سوء إدارة في الأردن، وليس سوء موارد، ولا يوجد قيادات إدارية في الحكومات الأردنية، وهناك عدم عدالة وكفاءة، ومأساة الإدارة الأردنية في الولاء العمودي".
وقال: "نريد حكومة وطنية شجاعة صاحبة قرار لإيجاد حلول لمشاكل الأردنيين، المريض لن ينتظر خطة وطنية لسنتين، والعاطل عن العمل لن ينتظر أيضا خطة عشرية، هناك مطالبات عاجلة يجب على الحكومة إنجازها".
وتفاقمت حالة التذمر في الأردن منذ تسعينيات القرن الماضي، بعد لجوء المملكة إلى سياسات الخصخصة، وبرامج التصحيح الاقتصادي التي فرضها صندوق النقد الدولي، ما جعل أفراد من العشائر الأردنية ينتقلون من مربع الولاء إلى مربع المعارضة للمطالبة بإعادة أموال القطاع العام التي خُصخصت، ومحاربة فاسدين، وخلال سنوات أطلقت عشائر حركات إصلاحية تحمل أسماء العشيرة.
وكان الملك عبد الله الثاني قد شدد خلال لقائه شيوخ عشائر أردنية، الأسبوع الماضي، على "ضرورة الرد على المشككين والمشوشين وتأثيرهم على المجتمع الأردني"، موضحا أن" مؤسسات الدولة تعمل مع بعضها البعض ضمن أجواء إيجابية"، وفق قوله.