هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على وشك أخذ ما يريده من الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال زيارة بايدن للرياض في أواخر شهر حزيران/ يونيو الحالي.
ويعتزم بايدن زيارة الرياض، التي تستضيف مجلس التعاون الخليجي هذا العام، في أواخر حزيران/ يونيو، بعد توقف في إسرائيل للقاء رئيس الوزراء نفتالي بينيت.
وأشار الكاتب السياسي الأمريكي، ديفيد إغناطيوس، إلى أنه من المرجح خلال
الزيارة أن يلتقي الرئيس بقادة دول عربية صديقة أخرى، مثل الإمارات والبحرين وقطر.
"لكن المحور العاطفي سيكون مصافحة بايدن لولي العهد السعودي".
ولفت إلى أن هناك أسبابا لما يبدو أنه "تحول" في الموقف
الأمريكي تجاه ابن سلمان، حيث إن من المحتمل أن يحكم ولي العهد السعودية لعقود، ولدى
الولايات المتحدة مصالح أمنية ومالية في الحفاظ على شراكتها الطويلة مع المملكة
الحليفة في جهد مشترك لاحتواء أعمال إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وبحسب الكاتب فإن هناك عاملين إضافيين حاسمين بالنسبة للبيت الأبيض في
عهد بايدن، الأول هو الحرب في أوكرانيا، وحاجة بايدن إلى المساعدة السعودية في
حماية سوق النفط، والعامل الثاني هو رغبة إسرائيل القوية في أن يقوم بايدن بتطبيع
علاقاتها مع محمد بن سلمان والسعودية كجزء من إعادة تنظيم واسعة النطاق تختصر
اتفاقات أبراهام.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير (لم تسمه)، قوله: "نعتقد أن
السعودية لاعب مهم في المنطقة وخارجها"، مؤكدا أن "إسرائيل" تدعم بشدة
توثيق العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية في سياق تحقيق الاستقرار في
المنطقة واحتواء إيران وتطبيع العلاقات وتحقيق الاستقرار في سوق الطاقة".
اقرأ أيضا: AXIOS: مسؤولون أمريكيون في السعودية بزيارة سرية
ورجح الكاتب أن يكون الناتج الرئيسي للزيارة هو اتفاق سعودي إسرائيلي
رسمي للسماح بتحليق الطيران المدني الإسرائيلي فوق المملكة، مشيرا إلى أن الدفع الإسرائيلي
القوي للتقارب بين الولايات المتحدة والسعودية أمر بالغ الأهمية من الناحية
السياسية، لأن السعودية لديها اليوم عدد قليل من المؤيدين السياسيين في واشنطن.
وأضاف: "على الرغم من عقود من الضغط، فقد أحرقت المملكة تدريجيا
جسورها مع الجمهوريين والديمقراطيين، على حد سواء، وفيما بدا أن الرئيس دونالد
ترامب ان يعيد إحياء الصداقة، إلا إن ذلك لم يكن قاعدة صلبة".
ورأى أنه "من الناحية المثالية من وجهة نظر واشنطن، أنه يمكن أن تنتج
الزيارة انفصال المملكة عن روسيا في مجموعة منتجي أوبك بلس - وتوافقا على إنتاج
المزيد من النفط ودعم زيادة مماثلة في الإنتاج من قبل الإمارات".
وأكد أن مسألة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، أو غيرها من قضايا حقوق
الإنسان المهمة، لن تكون ذات مغزى خلال لقاء بايدن مع ابن سلمان، كما أن حرب
اليمن، التي ربما تكون "الخطأ الأكثر دموية" الذي ارتكبه محمد بن سلمان،
آخذة في التراجع، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى الجهود الدبلوماسية التي تبذلها
الولايات المتحدة.
وساءت العلاقات منذ وصول بايدن في يناير 2021 إلى البيت الأبيض، بعدما
تعهد خلال حملته الانتخابية بجعل السعودية دولة "منبوذة"، على خلفية
قضايا بينها سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، ومقتل خاشقجي وحرب اليمن.
وركز بايدن في بداية ولايته على قضايا حقوق الإنسان في السعودية وفي
أجزاء أخرى من العالم، لكن المحلل السياسي في معهد هدسون، في العاصمة الأمريكية
واشنطن، ريتشارد وايتز، يتوقع أن يتغير ذلك.
يبدو أن الحلفاء الرئيسيين الآخرين للولايات المتحدة حريصون على أن تجدد واشنطن علاقاتها مع الرياض أيضا. زار كل من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محمد بن سلمان في السعودية. لقد شجعوا بايدن على فعل الشيء نفسه.
لقد تجاهل بايدن محمد بن سلمان لعدة أشهر، ورفض العام الماضي إجراء مكالمة هاتفية ودية يريدها الزعيم السعودي - ثم طلب ذلك. أعتقد أن أحد أسباب ازدراء بايدن كان شخصيا. الرجلان مختلفان كاختلاف الطباشير والجبن، كما يحب البريطانيون القول. كان بايدن مستعدا للمصافحة في قمة مجموعة العشرين في روما في أكتوبر الماضي، لكن محمد بن سلمان لم يحضر، مما جنب بايدن لحظة محرجة.
سيكون اجتماع بايدن ومحمد بن سلمان جزءا من تواصل واسع النطاق مع "القوى المتوسطة"، كما وصفها توم دونيلون، مستشار الأمن القومي السابق وشخصية وثيقة الصلة بالبيت الأبيض بإدارة بايدن. وشمل ذلك رحلة بايدن الشهر الماضي إلى آسيا و"قمة الأمريكتين" الأسبوع المقبل في لوس أنجلوس والرحلة المخطط لها إلى إسرائيل والسعودية في وقت لاحق من هذا الشهر، وقمة الناتو يومي 29 و 30 حزيران/ يونيو. الهدف من كل هذه الزيارات هو تعزيز الشراكات الأمريكية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفيما يتعلق بأي مساءلة ذات مغزى من محمد بن سلمان بشأن وفاة خاشقجي أو غيرها من قضايا حقوق الإنسان المهمة، من المرجح أن يخرج بايدن خالي الوفاض. عاقبت الولايات المتحدة العديد من المسؤولين الصغار، ولم يقدم الزعيم السعودي نفسه سوى تصريحات لطيفة، نافيا المسؤولية الشخصية عن العملية التي أدت إلى مقتل خاشقجي. ومن الواضح أنه خلص إلى أن أي تنازلات أكبر سينظر إليها في الداخل على أنها علامة ضعف - وليست ضرورية.
السياسة الواقعية لها مكانها في السياسة الخارجية، لكن الافتقار إلى المساءلة يمثل مأساة دائمة. بعبارات بسيطة، أفلت محمد بن سلمان من العقاب.