هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تطرق فنلندا والسويد أبواب دول الناتو لا سيما الولايات المتحدة، من أجل إقناع تركيا لرفع "الفيتو" على انضمامهما إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنه يعتقد بأن مساعي السويد وفنلندا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ستكلل بالنجاح، على الرغم من الاعتراضات التي أثارتها تركيا على طلبيهما.
وأضاف بايدن ردا على سؤال أحد الصحفيين عن كيفية إقناع تركيا، عضو الحلف، بالتخلي عن معارضتها لانضمام السويد وفنلندا: "أعتقد أن الأمور ستكون على ما يرام".
واستقبل بايدن، مع رئيسة وزراء السويد ماغدالينا أندرسون، والرئيس الفنلندي ساولي نينيستو في البيت الأبيض لمناقشة طلبيهما الانضمام لحلف الأطلسي.
حركة دبلوماسية في أنقرة
وتشهد العاصمة التركية أنقرة اتصالات مكثفة مع الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا ودول أوروبية أخرى، فيما جرى اتصال هاتفي بين أردوغان ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو.
واستقبل الرئيس التركي السبت، اتصالات هاتفية من رئيسة الوزراء السويدية ماغدالينا أندرسون، والرئيس الفنلندي ساولي نينيستو، ضمن مساعي البلدين لإقناع تركيا للموافقة على انضمامهما لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، إلى جانب اتصال من الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ،
وأكد أردوغان لستولتنبرغ، أن تركيا تدعم بشكل صادق سياسة الباب المفتوح لدى الناتو، أما فيما يخص طلب انضمام السويد وفنلندا فإن القضية متعقلة بمواقف هاتين الدولتين تجاه مصالح الأمن القومي الحيوية لتركيا.
وشدد على أن تركيا لن تتبنى موقفا إيجابيا من عضوية السويد وفنلندا في الناتو ما لم تظهر الدولتان بشكل صريح أنهما ستتضامنان معها في القضايا الرئيسية، لا سيما مكافحة الإرهاب.
اقرأ أيضا: الغارديان: تركيا جادة تجاه انضمام فنلندا والسويد للناتو
وأكد أردوغان لرئيسة وزراء السويد ضرورة إنهاء بلادها الدعم السياسي والمالي للتنظيمات الإرهابية ووقف تسليحها، ورفع السويد القيود التي فرضتها على تركيا في واردات الصناعات الدفاعية إثر إطلاقها عملية "نبع السلام" بسوريا، واتخاذ السويد خطوات ملموسة تراعي المخاوف التركية بشأن "بي كا كا" وامتداداته في سوريا والعراق.
حراك فنلندا والسويد لتجاوز المطالب التركية "جهد عديم الجدوى"
الكاتب التركي برهان الدين دوران في تقرير على صحيفة "صباح"، أشار إلى أن قادة فنلندا والسويد هرعوا إلى أهم دولة في الناتو (الولايات المتحدة) لدعم انضمامهم، ولكن أنقرة هي العاصمة التي يجب أن يأتوا إليها أولا من أجل التغلب على اعتراض تركيا على عضويتهما.
وأضاف أنه بينما تقدم فنلندا تصريحات أكثر منطقية، فإن دفاع الاشتراكيين الديمقراطيين في السويد عن "معلومات مضللة" لدعم حزب العمال الكردستاني يعني أنهم لا يفهمون المشكلة حقا.
وتابع بأن كافة وسائل الإعلام الغربية، تجري ترويج فكرة أن الدول الرائدة في الناتو سوف تقنع تركيا برفع حق النقض، وطلب قادة فنلندا والسويد من بايدن إقناع أردوغان.
وأشار إلى أن هذه المقاربات لا تساهم في حل أزمة الناتو، لافتا إلى أن أنقرة تشير إلى أن ستوكهولم وهلسنكي هما العاصمتان اللتان يجب إقناعهما، متسائلا: "هل من المتوقع أن تكون الولايات المتحدة الداعمة لوحدات حماية الشعب الكردية و"غولن" ضامنا لفنلندا والسويد أو تقبل أنقرة بذلك؟.. تركيا لديها مطالب واضحة".
وشدد على أن حراك فنلندا والسويد لتجاوز المطالب التركية، يعد جهدا عديم الجدوى. وعلى خلفية اعتراضات تركيا يجري التذكير بأن الولايات المتحدة وألمانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي تنتهج ذات الموقف المهمل والعدواني بخصوص حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن، وتبرز العلاقات المتوترة بين أنقرة وهذه الدول بسبب سياساتها تجاه هاتين المنظمتين الإرهابيتين.
اقرأ أيضا: فنلندا: مخاوف تركيا قابلة للحل.. وبايدن يرحب بطلب انضمامها
وتساءل الكاتب: "هل يجب انتقاد تركيا الآن لأنها استخدمت حق النقض بهدف تغيير سياسات خاطئة لفنلندا والسويد بحيث تتوافق مع روح التضامن للناتو؟.. أم ينبغي الطلب من هذين البلدين اللذين ستدافع عنهما تركيا التي تمتلك ثاني أكبر قوة عسكرية في الناتو وفقا للمادة الخامسة عندما يصبحان عضوين، التخلي عن دعمهما للإرهاب؟".
وشدد على أن أردوغان يمارس "الابتزاز" و"لعبة البوكر" تجاه هذه القضية الذي لا يعزز التحالف الغربي، كما أن الأطروحة القائلة بأن "بوتين راض عن الوضع الجاري" هو تصور يطرحه أولئك الذين لا يفهمون مخاوف تركيا الأمنية.
يجب إقناع فنلندا والسويد بشأن مخاوف تركيا الأمنية
وتابع الكاتب: "إذا كانت الجغرافيا السياسية الجديدة التي أوجدها الغزو الروسي لأوكرانيا تتطلب من فنلندا والسويد أن تصبحا عضوين بسرعة، فيجب على الأعضاء الفاعلين في الناتو إقناع هاتين العاصمتين بتلبية المطالب المشروعة لتركيا".
بالإضافة إلى ذلك، يقول بعض المعلقين الغربيين إن أردوغان لديه أغراض داخلية تتعلق بالانتخابات التركية بشأن طرحه الذي وضعه على طاولة الناتو، في حين يشير الكاتب دوران، إلى أن هؤلاء لا يفهمون أنه إذا لم يظهر هذا الموقف، فسيبدأ انتقاد جديد لأردوغان لدى الرأي العام التركي.
الكاتب التركي سيدات إرغين في تقرير على صحيفة "حرييت"، أشار إلى أن إعلان أردوغان وموقفه تجاه فنلندا والسويد، أعاق الجهود الأوروبية التوحدية، و"الفيتو" التركي على إجراءات الانضمام خلق أزمة غير مسبوقة لحلف شمال الأطلسي.
وأضاف أن الفلسفة الأساسية لحلف الناتو تتمثل في الفهم الدفاعي المشترك لأعضائه، والذي يمكن تلخيصه على أنه "واحد للجميع، الكل لواحد"، وبموجب المادة الخامسة من معاهدة الناتو، "في حالة وقوع هجوم على أحد الحلفاء، فإنه يلزم على الحلفاء الآخرين تقديم المساعدة له"، وإذا كان الهدف النهائي للتحالف هو أمن الحلفاء، فإن الالتزام هنا يشمل أيضا التزام الحلفاء بدعم بعضهم البعض في مواجهة تهديد الإرهاب.
الموقف التركي لا يقتصر على فنلندا والسويد
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو ذكر بعد لقائه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أنه "من غير المقبول أن تقوم الدول المرشحة للانضمام لحلف الناتو، بدعم التنظيمات الإرهابية التي تستهدف تركيا.. هذا الدعم لا يقتصر على السياسي فحسب، حيث تؤمن السويد أسلحة للتنظيم الإرهابي، بذريعة محاربة تنظيم الدولة".
وتابع تشاووش أوغلو بأنه من غير المقبول أيضا أن تفرض إحدى الدول الحلفاء قيودا على الصناعات الدفاعية لحليف آخر، موضحا أن القيود لا يجب أن تُفرض إلا على الأعداء، لافتا إلى أنه "ينبغي على الولايات المتحدة إيقاف دعمها لتنظيم "بي كا كا/ ي ب ك" الإرهابي".
اقرأ أيضا: 10 شروط لأنقرة وخطوات لإعاقة انضمام فنلندا والسويد للناتو
ورأى الكاتب التركي أن المسألة لا تتعلق فقط بالسويد وفنلندا، حيث أظهر تشاووش أوغلو أن تقديم الضمانات بشأن مخاوف تركيا يجب أن يكون ساريا على كافة الدول الأعضاء بالناتو.
وأوضح أن الفترة المقبلة قد تشهد عملية تفاوض حاسمة بشأن "الضمانات" لتركيا، قد تستهدف أيضا عواصم العديد من دول الناتو.
ونوه إلى أن توقعات أنقرة تتجاوز مسألة فنلندا والسويد، إلى حل المشاكل في العلاقات مع الولايات المتحدة، لا سيما رفع عقوبات "كاتسا" بسبب "أس400"، ووقف الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية في شمال شرق سوريا.
وشدد الكاتب التركي على أهمية التركيز على حل دبلوماسي، وإلا فقد يخلق سيناريو سلبي تصورا أن تركيا "البلد الذي دمر التضامن الغربي"، وشكوكا حول ميول تركيا الاستراتيجي تجاه الغرب حتى إن تم التوصل إلى حل يرضي الجميع.