هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، التخلي عن مساعي تشكيل الحكومة العراقية لـ30 يوما، والانتقال إلى المعارضة خلالها، تساؤلات حول خيارات القوى المتحالفة معه من السُنة والأكراد، والتي منحها حق الدخول في أي حكومة يشكلها خصومه.
وقال الصدر، الأحد، إنه "بقي لنا خيار لابد أن نجربه، وهو التحول إلى المعارضة الوطنية لمدة لا تقل عن الثلاثين يوما"، لافتا إلى أن سبب اتخاذه القرار يعود إلى ازدياد "التكالب" عليه من الداخل والخارج وعلى فكرة تشكيل حكومة أغلبية وطنية، دون تسمية أي جهة.
وتصدر التيار الصدري، الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحصوله على 73 مقعدا من أصل 329، وشكل تحالف الأغلبية البرلمانية مع أكبر كتلتين للسُنة (تحالف السيادة) والأكراد (الحزب الديمقراطي الكردستاني) باسم "إنقاذ وطن".
مصير التحالف
من جهته، يرى المحلل السياسي العراقي الدكتور عقيل عباس أن "حلفاء الصدر من السنة والأكراد لن يتركوه، لأن الإطار التنسيقي أو أي طرف آخر لن يستطيع يشكل الحكومة من دون التيار، فلماذا يتركونه ويتحالفون مع طرف آخر؟ وهذا الطرف في الأخير سيأتي ويتحالف مع الصدر".
وأوضح عباس لـ"عربي21" أن "المعادلة السياسية لن تتغير، فالتحالفات الحالية باقية، ولن يذهب حلفاء الصدر معه إلى المعارضة فهم يمتلكون الأغلبية في البرلمان، والقوى الأخرى الموجودة هي مفتتة ولا تستطيع أن تصل إلى 219 مقعدا حتى تمرر انتخاب رئيس الجمهورية".
اقرأ أيضا: التيار الصدري ينفي الاتفاق مع الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة
وأشار إلى أن "تحالف إنقاذ وطن بين الصدر وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي لم ينته، فمنذ البداية كانت محالات إيرانية ومن قوى الإطار لتفكيك هذا التحالف لكنهم فشلوا، ومنها قصف أربيل وإلغاء قانون النفط والغاز الخاص بالإقليم، وتفجير مكاتب الأحزاب السنية، وهذه كلها فشلت ولم يتفكك التحالف".
ولفت عباس إلى أن "الذي يربط تحالف (إنقاذ طن) هي مصالح قوية ولن يستطيع الإطار التنسيقي تفكيكها، لأن السنة والأكراد يريدون حليفا شيعيا متماسكا، وهذا موجود في التيار الصدري، وهم في الحقيقة ليسوا بالضد من تحالف التيار الصدري مع الإطار التنسيقي، بل إنهم يتمنون أن يتحالف معهم، حتى لا يدخلوا في الصراع الشيعي-الشيعي".
وتابع: "لكن التيار الصدري مصرّ على عدم التحالف مع الإطار التنسيقي لأن هذا معناه عودة التوافقية التي يقول التيار إنه قادم لتفكيكيها، فإذا فعل عكس ذك فسيخسر الكثير من رصيده السياسي والشعبي".
"صراع خشن"
وعلى الصعيد ذاته، رأى المحلل السياسي العراقي، كاظم ياور، أنه "ليس من السهولة بمكان أن تذهب الكتلتان الرئيسيتان في تحالف (إنقاذ وطن) وهما تحالف السيادة (السني) والحزب الديمقراطي الكردستاني، للمشاركة في تشكيل الحكومة مع قوى الإطار التنسيقي".
وأضاف ياور في حديث لـ"عربي21" أن "هاتين الجهتين من تحالف إنقاذ سبق أن خيرهم بالذهاب للتحالف مع الإطار التنسيقي، وذلك عندما منح الأخير مهلة 40 يوما لتشكيل الحكومة، في 31 مارس/ آذار الماضي، لكنهم رفضوا ذلك وبقوا متمسكين بالتحالف مع التيار الصدري".
وأردف، قائلا: "لأنهم يتعقدون أن حكومات التوافق التي تشكلت من 18 عاما لم تأت أكلها في بناء المؤسسات الديمقراطية للبلد، والتي تعمل على تقوية أركان الدولة وتقدم المصالح للعراقيين".
ونوه ياور إلى أنه "حتى الآن فإن هناك ضبابية كبيرة في المشهد السياسي، خاصة في البيت الشيعي، حيث إن خطاب الصدر كان سقفه مرتفع ووردت فيه بعض الألفاظ تضمنت عتبا تصل إلى حد التهديد لبعض الجهات السياسية، وكذلك كان فيه عتب كبير وشديد للمحكمة الاتحادية".
اقرأ أيضا: خلاف حاد يضرب تحالف الأغلبية بالعراق.. هل ينتهي بتفككه؟
وأكد المحلل السياسي أن "ذهاب الصدر إلى المعارضة لمدة شهر سوف لن يجعل الطريق سالكا أمام تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني للذهاب مع قوى الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة لأنها مدة قصيرة، وإن اجتمعوا فسوف لن يستطيعوا تشكيلها، لأن التيار الصدري يمتلك كتلة كبيرة إضافة إلى المستقلين".
ولفت إلى أن "المشهد العراقي يواجه انسدادات سياسية عمية وكبيرة، لذلك فقد بدأنا نسمع أصوات معارضة بأدوات خشنة ربما تستخدم نوعا من العنف في تحريك السواكن السياسية من أجل الذهاب إلى تشكيل الحكومة مثلما يريدها أحد الطرفين التيار الصدري أو الإطار التنسيقي".
وأعرب ياور عن اعتقاده بأن "الحل الدستوري للخروج من الأزمة هو الذهاب إلى إجراء انتخابات مبكرة أخرى للحفاظ على العملية السياسية، وكذلك حفاظا على مصالح الشعب العراقي، وابتعادا عن التجاذبات والصراع الخشن بين القوى السياسية".
ونوه إلى أن "التجاوز على المدد الدستورية بعد إجراء الانتخابات، وبناء حكومة على فراغ دستوري سوف لن يُنتج إلا مزيدا من التجاوزات على الدستور، وبالتالي فقد تجاوزا على حقوق الشعب، الذي لا يمتلك سوى هذه الوثيقة التي تنظم العلاقة بينه وبين القوى السياسية".
ورغم أن التحالف الذي يقوده الصدر يشغل 175 مقعدا، فإنه فشل في تشكيل الحكومة، بعدما عطلت القوى المنافسة ضمن "الإطار التنسيقي"، انعقاد جلسة البرلمان لانتخاب رئيس جديد للبلاد.
وتحتاج جلسة انتخاب الرئيس الجديد حضور ثلثي أعضاء البرلمان (210 نائبا) وهو العدد المطلوب لمنح الثقة لأحد المرشحين، حيث يعد انتخاب الرئيس خطوة لابد منها دستوريا للمضي في تشكيل الحكومة.