على
مدار أسبوع كامل، تشن القوى الحليفة لإيران في
العراق هجوما لاذعا على حكومة رئيس الوزراء
مصطفى الكاظمي؛ بسبب إعلانها مؤخرا عن قرب تنفيذ مشروع أنبوب البصرة- العقبة
النفطي،
معتبرين أن الأمر غير قانوني، ولا يصب اقتصاديا في صالح البلد.
واتهم
نواب عن قوى الإطار التنسيقي الشيعي حكومة الكاظمي باستخدام ثروات العراق في الشؤون
السياسية، حيث صرحت انتصار الموسوي، وهي نائب من البصرة، الأربعاء، بأن "المشروع
يواجه رفضا نيابيا كبيرا في ظل تدهور الاقتصاد العراقي، وسيقود وزير النفط للاستجواب".
غموض
حكومي
وبخصوص
الرفض الذي يبديه نواب محافظة البصرة للمشروع، قال القاضي وائل عبد اللطيف، المحافظ
السابق للبصرة جنوب العراق، إن "المشروع لو أردنا أن نقيسه بمشاريع شبيهة سبقته، فسبق للعراق
أن مد أنابيب مع السعودية وسوريا وتركيا، لذلك على البلد أن يخلق بدائل جديدة".
وأوضح
عبد اللطيف لـ"عربي21" أن "إيجاد بدائل أمر مهم، فربما تندلع حرب عالمية،
أو حرب بين أمريكا وإيران، ويُغلق مضيق هرمز، وبالتالي لا طريق للعراق لتصدير نفطه،
فلا بد من إيجاد منفذ آخر يساعد في تمرير النفط العراقي إلى دول العالم".
لكن
عبد اللطيف تساءل قائلا: "هل الوقت الآن يسمح بمد أنبوب إلى العقبة في ظل حكومة
تصريف أعمال يومية، وكذلك المشروع فيه خصومات كبيرة إلى الأردن ومصر، ولا نعرف ما إذا
كان سيذهب إلى الكيان الصهيوني من عدمه، هل أن هناك مشاريع لمصاف نشتري البنزين منها؟".
وأوضح
محافظ البصرة السابق قائلا: "المشكلة أن الحكومة غير شفافة في هذا الموضوع،
وعليها أن تعرض السلبيات والإيجابيات حتى تقنع الآخرين، وهي صامته، وهذا العجيب في الأمر،
لذلك هناك جهل بخصوص المشروع وتفصيلاته".
وتابع:
"نحتاج إلى توصيف اقتصادي للمشروع، لأن العراق حاليا لديه اكتفاء ذاتي من مادة
البنزين المحسن وليس الاعتيادي، وأن مادة النفط الخام فيها 400 عنصر بالإمكان الاستفادة
منها في العراق لتشغيل جميع العاطلين في البلد، فلماذا لا نلجأ إلى مثل هذه المشاريع
بدلا من تصديره، ويعود إلينا بنزينا؟".
وأكد
عبد اللطيف أن "المشروع فيه سلبيات وإيجابيات، فالإيجابية أننا بحاجة إلى منفذ
آخر في حال أي إغلاق تتعرض لها المنافذ التي يصدر العراق عبرها نفطه، لذلك يحب أن نكون
عقلاء في توصيف المشروع والجدوى منه".
فائدة
كبيرة
ومن
الناحية الاقتصادية، يرى الخبير الاقتصادي العراقي، صالح الهماشي، أن "أنبوب البصرة
العقبة جرى الاتفاق عليه عام 2013، عندما كان عادل عبد المهدي وزيرا للنفط، وجُددت الاتفاقية
في عهد رئيس الوزراء حيدر العبادي، ثم جرى المباشرة بالعمل حينما تولى عبد المهدي رئاسة
الحكومة".
وأوضح
الهماشي لـ"عربي21" أن "مسألة تكلفة مد الأنبوب كان التخمين وقتها
9 مليارات دولار، ومن الطبيعي أن يتحملها العراق، وهذا متبع في كل دول العالم، لأن الدول
المصدرة للغاز أو النفط تتحمل كلفة الأنابيب، فالعراق تحمل تكلفة الأنبوب الواصل إلى
تركيا، وكذلك الأنبوب الواصل إلى بانياس السورية".
وأكد
الخبير العراقي أن "هناك فائدة للعراق من وراء مد أنبوب العقبة، رغم أنها ستكون
ضعيفة بسبب الفساد المالي والضعف السياسي للبلد، لكنه سيجري تصدير مليون برميل نفط،
لأن العراق يسعى إلى الوصول لتصدير 8 ملايين برميل يوميا، والمنافذ الحالية لا تكفي
لذلك".
وتابع:
"هناك أيضا مقترحات لإنشاء خط آخر من البصرة إلى السعودية وصولا إلى البحر الأحمر،
من أجل التعدد في خطوط نقل النفط. وكذلك من فوائد مد أنبوب العقبة توقف عمل الشاحنات
التي يصل عددها إلى 500 وتنقل نحو 150 ألف برميل يوميا إلى الأردن".
وأردف
الهماشي قائلا: "باعتقادي أن أنبوب البصرة العقبة فيه فائدة كبيرة للعراق قياسا
بحجم الفساد والإهمال الموجود داخل البلد".
وفي
سياق آخر، أكد الهماشي أن "إيران ستتأثر بالمشروع، كونها تنظر للعراق على أنه
سوق لتصريف منتجاتها، وأن أي علاقة للعراق مع الدول العربية يضر بها، خصوصا أن هذا
الأنبوب سيصل إلى مصر في مرحلته الثانية، مقابل تزويد العراق بالطاقة الكهربائية".
ولفت
الخبير الاقتصادي إلى أن "إيران تحاول إبقاء العراق سوقا لتصريف منتجاتها، فأي
دخول لدول أخرى لهذا السوق سيسبب لها مشاكل في الحصة السوقية وتراجع لمبيعاتها داخل
العراق".
وتطرق
الهماشي إلى أن "هناك صفة مشتركة لدى الساسة العراقيين، أنهم لا يحبون النجاح
لأي مشروع، لذلك دائما تحارب المشاريع، والشواهد على ذلك موجودة، إذ لا يوجد مشروع
اقتصادي واحد اتفقوا عليه، لأنهم يعملون على تسقيط الآخر وليس إنجاحه، وهذه هي الفلسفة
العامة للساسة العراقيين".
مشروع
قديم
وفي
الوقت الذي يتهم فيه نواب من قوى "الإطار" حكومة الكاظمي بمحاباة الأردن
على حساب العراق في المشروع، قال وزير النفط العراقي، إحسان عبد الجبار، خلال مقابلة
تلفزيونية، الأربعاء، إن "مشروع البصرة العقبة قديم، يعود إلى 1983".
وأوضح
عبد الجبار أن "توجهات الوزارة بتغيير فلسفة المشروع من مستثمر إلى حكومي، وتمت
موافقة رئيس مجلس الوزراء"، مؤكدا أن "المشروع جرت إحالته في زمن حكومة عادل
عبد المهدي".
ولفت
الوزير العراقي إلى أنه "جرى تغيير الكثير من تصاميم المشروع ليصل إلى 8 مليارات
دولار"، مشيرا إلى أن "مشروع البصرة العقبة حيوي واستراتيجي، وأنه يدخل ضمن
تعدد منافذ تصدير النفط".
ووصف
عبد الجبار أن "الإثارة الإعلامية حول مشروع العقبة ربما تكون سياسية"، مؤكدا
أن "العراق بحاجة إلى تأمين صادراته النفطية وعائداته عبر فتح منافذ تصدير جديدة".
وكانت
النائبة عن "الإطار" حنان الفتلاوي، قد قالت خلال مقابلة تلفزيونية، الجمعة،
إن "الأنبوب النفطي الممتد من البصرة إلى ميناء العقبة الأردني سيكلف الدولة العراقية
نحو 9 ونصف المليار دولار، وسيمول من خزينة الدولة بكل تفاصيله".
وأعربت
الفتلاوي عن استغرابها من أن "الأنبوب لديه القدرة على نقل 200 ألف برميل إلى
مليون كحد أقصى يوميا من النفط، وهو الحاجة الفعلية للأردن، أي أن أغلبه سيكون ضمن الاستهلاك
المحلي الأردني في حال عدم وجود مشتر آخر".