اقتصاد عربي

‎MEE: الاقتصاد المصري يتلقى ضربة جديدة بعد هذا القرار

يتوقع أن يرتفع الدين الخارجي المصري إلى أكثر من ذلك في الشهور القادمة- جيتي
يتوقع أن يرتفع الدين الخارجي المصري إلى أكثر من ذلك في الشهور القادمة- جيتي

قال موقع موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن الاقتصاد المصري تلقى ضربة جديدة يتوقع أن تؤدي إلى مزيد من تخفيض قيمة العملة ورفع معدلات الفائدة وزيادة الديون الخارجية بينما تعاني البلاد من أثر ارتفاع أسعار القمح بسبب الحرب في أوكرانيا.
 
‎وأكد الموقع أن رفع الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة لأسعار الفائدة بنحو 0.5 بالمئة يوم الأربعاء، وهو الارتفاع الثاني خلال أقل من شهرين، والأعلى منذ 22 سنة، تعد بمثابة ضربة جديدة ستؤثر بشدة على الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.

  
‎بعد اجتماع استمر يومين لتحديد السياسات قال الاحتياطي الفيدرالي إنه لسوف يقلص موجوداته التي تبلغ 9 تريليون دولار بدءاً من الشهر القادم، سعياً منه لاحتواء ارتفاع مستوى التضخم في الولايات المتحدة، والذي بلغ حداً هو الأعلى منذ أربعة عقود.
 
‎وبحسب ما صرح به اقتصاديون تحدثوا للموقع البريطاني، سوف يتراوح تأثير ذلك على مصر ما بين هرب رأس المال الأجنبي وضعف اهتمام المستثمرين في أدوات الدين المحلي، وصولاً إلى مزيد من الضغوط على العملة الوطنية.
 
‎كما حذر الخبراء من تكلفة مثل هذه التطورات على الدين الخارجي المصري ومعدل التضخم في بلد يعيش ما يقرب من ثلث سكانه البالغين 104 مليون نسمة في الفقر.

 

اقرأ أيضا: لماذا هوى الجنيه المصري أكثر من التوقعات؟
 
جنيه أضعف
 
‎يتوقع الاقتصاديون المحليون أن تتسبب الزيادة الأخيرة في معدلات فائدة الاحتياطي الفيدرالي في مزيد من الضغط على الجنيه المصري.
 
‎ويقولون إن هذا الارتفاع سيفرض على البنك المركزي المصري خفض قيمة الجنيه للحفاظ على سيولة العملات الأجنبية ومنع الجمهور من تخزين الدولار الأمريكي في ظاهرة باتت تعرف بالدولرة.
 
‎وصرح الاقتصادي المستقل ممدوح الولي قائلاً: "سوف يقوم البنك المركزي المصري على الأغلب بخفض قيمة الجنيه بالتدريج خلال الفترة القادمة."
 
‎وأضاف: "وهذا واضح بشكل خاص حيث تعتقد بعض المؤسسات المالية الدولية كما يقال بأن آخر خفض لقيمة العملة الوطنية لم تصل بها لقيمتها الحقيقية في السوق."
 
‎اضطر البنك المركزي المصري إلى خفض قيمة الجنيه المصري بما نسبته 14 بالمائة في شهر مارس / آذار، وأشار حينها إلى الآثار المترتبة على الحرب الروسية الأوكرانية.
 
‎جاء القرار بعد أيام معدودة من رفع الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة بما نسبته 0.25 بالمائة في السابع عشر من مارس / آذار.
 
‎كان ذلك أول خفض لقيمة الجنيه منذ عام 2016، عندما اضطرت سلطات النقد المصرية إلى تعويم العملة الوطنية بحرية من أجل اجتثاث سوق صرف العملات الموازي الذي كان حينها في حالة من الازدهار.
 
‎في كلتا الحالتين تسبب خفض قيمة العملة في انكماش شديد في مدخرات المصريين وفي حدوث ارتفاع حاد في أسعار السلع.
 
‎كما أن خفض قيمة العملة الوطنية سوف ينجم عنه ارتفاع تكلفة الاقتراض.
 
‎ارتفع دين مصر الخارجي إلى 145.5 مليار بنهاية العام الماضي، وارتفع بما قدره 8.1 مليار دولار خلال الشهور الأخيرة من العام.
 
‎يتوقع أن يرتفع الدين الخارجي إلى أكثر من ذلك في الشهور القادمة، بينما تسعى مصر لضمان الاحتياجات الأساسية لسكانها الذين يتزايد عددهم، والمضي قدماً في خططها التنموية والوفاء بالتزاماتها المالية تجاه البلدان الأخرى والمؤسسات المالية الدولية.

 

اقرأ أيضا: كيف تخرج مصر من أزمتها المالية؟.. "12 مقترحا عاجلا للحل"
 
مخاوف كبرى
 
‎كما يحتمل أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة إلى مستوى أعلى بهدف الحد من التضخم وتقييد السيولة الأجنبية في السوق المحلي.
 
‎وكان البنك قد رفع معدل فائدته الأساسية بمائة نقطة قاعدية في مارس / آذار للجم التضخم وخلق الطلب على العملة الوطنية.
 
‎ثم أصدر مصرفان مملوكان للدولة شهادات توفير بمعدلات فائدة تصل إلى 18 بالمائة، مما حفز المصريين الذين بحوزتهم نقود إلى الهرولة نحو البنوك لشراء الشهادات.
 
‎خلال الشهر والنصف التي تلت إصدار الشهادات، دفع المصريون مئات المليارات من الجنيهات لشرائها، مما قلص السيولة في السوق، ولكن ذلك أيضاً قتل الاستثمارات وفتح الباب أمام موجة غير مسبوقة من الركود.
 
‎يمكن لهذا الركود أن يتسبب في حدوث كساد خلال الفترة القادمة الأمر الذي سيزيد من جسامة معدل التضخم المرتفع حالياً.
 
‎تسارع التضخم نحو أعلى مستوياته خلال ما يقرب من ثلاث سنين، حتى وصل إلى 8.8 بالمائة في فبراير/ شباط ولامس الحد الأعلى من المدى المستهدف من قبل البنك المركزي والذي يتراوح ما بين خمسة إلى تسعة بالمائة.
 
‎إلا أنه من المحتمل ألا يتمكن البنك المركزي من تفادي رفع معدل الفائدة إذا أراد فرض مزيد من السيطرة على التضخم وتقليص السيولة في السوق المحلي على طريق توجيه هذه السيولة نحو الإنتاج، كما يقول الاقتصاديون.
 
‎وقال الاقتصادي المستقل كريم العمدة: "سوف يراقب البنك المركزي المصري عن كثب وضع السوق وسيرى ما الذي ينبغي أن يفعله خلال الأيام المقبلة."

 

اقرأ أيضا: بنك فرنسي يتوقع قرارات مؤلمة بمصر خلال أيام.. هذه أبرزها
 
هروب رأس المال الأجنبي
 
‎يقول الاقتصاديون إن الارتفاع الأخير في معدل الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي من المحتمل أن يضعف اهتمام المستثمرين الأجانب في أدوات الدين المصري.
 
‎ويضيفون إن نفس التحرك سوف يتسبب على الأغلب في مزيد من هرب رأس المال الأجنبي.
 
‎وقالت أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة يمنى الحماقي: "ثمة حاجة طارئة لإجراءات مستعجلة لتشجيع المستثمرين والصناعات صغيرة ومتوسطة الحجم، ولكن ذلك يستدعي بالضرورة أن تقدم الحكومة المزيد من الحوافز للمستثمرين."
 
‎سوف يفاقم الهرب المحتمل لرؤوس الأموال الأجنبية من الآثار المترتبة على الاقتصاد المصري بسبب الأزمات الدولية المتعاقبة، وبشكل خاص جائحة كوفيد 19 والغزو الروسي لأوكرانيا.
 
‎لقد دمرت الحرب الروسية الأوكرانية مصادر مصر من العملات الأجنبية، وزادت من قيمة فاتورة مستورداتها ودفعت القاهرة نحو الهرولة بحثاً عن دعم مالي عربي ودولي.
 
‎كما تسبب الحرب في خروج مليارات الدولارات من السوق المصرية.
 
‎في الأيام التي تلت الغزو الروسي لأوكرانيا باع المستثمرون الأجانب الفارين من الأسواق الناشئة ما يقرب من 1.9 مليار دولار من سندات الخزانة المصرية.
 
‎وفي فبراير/ شباط هبطت الموجودات الأجنبية في مصر بما مقداره 3.2 مليار دولار.

 

اقرأ أيضا: كيف يؤثر رفع أسعار الفائدة بأمريكا على الاقتصاد المصري؟
 
‎كان هذا الانخفاض واحداً من سلسلة من الانخفاضات المتتابعة، وكان هذا هو الأعلى منذ سبعة شهور، مما أوصل صافي الموجودات الأجنبية إلى ناقص 2.9 مليار دولار، بحسب ما أفاد بذلك البنك المركزي المصري.
 
‎أثار ذلك مخاوف حول قدرة البلد على سداد ديونه الخارجية، وخاصة أن قطاعات مهمة من الاقتصاد، بما في ذلك قطاع السياحة، تعاني بسبب الحرب ومازالت تعيش تحت وطأة آثار جائحة كوفيد 19.
 
‎كما أن الاقتصاد المصري معتمد بشكل مكثف على الاستيراد، وتخفيض قيمة الجنيه يفرض على البلد دفع مبالغ أكبر ثمناً للبضائع المستوردة.
 
‎فاقم ذلك من وضع صعب أصلاً، فقد رفعت الحرب في أوكرانيا قيمة فاتورة الاستيراد المصرية، وخاصة لشراء السلع الأساسية مثل القمح.
 
‎فمصر أكبر مستورد للقمح في العالم، ولقد استوردت ما يقرب من ثمانين بالمائة من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا في عام 2021.
 
‎لقد تسبب ارتفاع تكاليف القمح المستورد والصعوبات التي تسببها الحرب لهذه الواردات في توجه الحكومة نحو السوق المحلي، وإجبار المزارعين المحليين على تسليم نسبة من إنتاجهم للحكومة.
 
‎وسعياً منها لتخفيف وطأة آثار الحرب والتطورات الاقتصادية الدولية الأخيرة، فقد اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات التقشفية، بما في ذلك تقليص الإنفاق.
 
‎في السادس والعشرين من إبريل/ نيسان، طلب رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي من حكومته تنظيم مؤتمر صحفي دولي للإعلان عن خطتها للتعامل مع هذه التطورات الاقتصادية.
 
‎لربما تنفيذاً لإملاءات صندوق النقد الدولي، تخطط مصر كذلك لوضع الشركات المملوكة من قبل الجيش في البورصة وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في المزيد من النشاطات الاقتصادية.
 
‎يأتي ذلك في خضم تقارير حول نية مصر التقدم بطلب قرض جديد من صندوق النقد الدولي لتخفيف الآثار التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا، وجائحة كوفيد 19 وقيام الاحتياطي الفيدرالي مراراً برفع أسعار الفائدة على الاقتصاد.

 

اقرأ أيضا: هل تتسبب شهادات الـ18% في بنوك مصر بزيادة الركود الاقتصادي؟
 
‎المزيد من المعاناة
 
‎لم تزل أسعار الغذاء في ارتفاع منذ شهر فبراير/ شباط، ويتوقع لها أن تشهد ارتفاعاً آخر، الأمر الذي سيزيد من الضغوط التي يتعرض لها المستهلكون، والذين يجد الملايين منهم صعوبة بالغة في تدبير شؤون حياتهم، الأمر الذي سيفاقم من سخط الجمهور.
 
‎لقد أجبر ارتفاع سعر القمح الخبازين في السوق المحلية على رفع سعر رغيف الخبز للملايين من الناس غير المسجلين في نظام البطاقة الاستهلاكية للغذاء.
 
‎كما ارتفعت بشكل حاد أسعار غير ذلك من السلع، وذلك في خضم مطالبات للحكومة بفرض قيود أشد صرامة على السوق ومنع التجار من استغلال الاضطرابات الاقتصادية الحالية لجني المزيد من الأرباح.

 

التعليقات (0)