هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما زالت عملية بئر السبع تشغل الرأي العام الإسرائيلي، خاصة أنها وقعت عشية قدوم شهر رمضان، وسط توقعات بتصعيد أمني، مما دفع الأوساط الأمنية للإعراب عن خشيتهم من انطلاق موجة جديدة من العمليات.
في الوقت ذاته، تعبر المحافل الإسرائيلية عن اعتقادها بأننا أمام عودة تدريجية لشن هجمات بالسكاكين، عشية دخول فترة حساسة للغاية من شهر رمضان، وسط تقدير موقف إسرائيلي يرى أن حماس والمنظمات الأخرى اختارت هذا النمط من العمليات بدلا من شن حملة بإطلاق الصواريخ والقذائف، وهو ما ترى آثاره على وسائل التواصل الاجتماعي ودعوات النفير إلى القدس.
الجنرال أمير أفيفي المدير العام للحركة الأمنية زعم في حوار مع صحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمته "عربي21" أن "الفلسطينيين البدو في النقب مروا بعملية أسلمة كبيرة جدا، بجانب عملية "الفلسطنة"، وإعادتهم للروح الوطنية القومية في السنوات الأخيرة، فضلا عن جهودهم لاستعادة أراضيهم، كما هو حاصل في الضفة الغربية، وتوج ذلك بهجمات السكاكين، مما يعني أننا أمام نجاح لحملة موجهة تجري ضد إسرائيل".
وأضاف أن "هناك تسلسلا للعمليات في القدس والضفة الغربية، والآن في بئر السبع، مما يثير المخاوف الكبيرة والخطرة من وقوع المزيد من الهجمات، وفي ضوء ما حظي به منفذ العملية الأخيرة محمد أبو القيعان من إشادة من الفصائل الفلسطينية، فقد يؤدي ذلك لاقتداء الشبان الآخرين به، لأنها عملية تراكمية، ويكفي نشر تغريدة حتى يقرر فلسطيني أنه ذاهب للهجوم، خاصة وأن الأسابيع الأخيرة شهدت عملية إعادة تزويد بالوقود مستمرة للأحداث الميدانية".
اقرأ أيضا: مخاوف الاحتلال من هبّة جديدة برمضان تدفعه للتهدئة بالأقصى
تدرك الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن منفذي الهجمات تحسنوا كثيرا بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ولا يزالون يشكلون تهديدا حقيقيا، ومن الصعب للغاية أن يتغلب الأمن الإسرائيلي عليهم في الوقت المناسب، مما قد يستدعي زيادة كبيرة في حالة الأمن الداخلي، من خلال تكثيف عمل الشرطة وحرس الحدود على نطاق مختلف تمامًا، والتصرف بشكل منهجي في جدول الأعمال، لأن سلسلة الهجمات تشير إلى أننا أمام عتبة جديدة من التصعيد القادم.
في الوقت ذاته، تقدر المحافل الإسرائيلية أن تزايد الهجمات الفلسطينية بصورة متلاحقة يتزامن مع التطورات العالمية، وحالة الانشغال العالمي عنهم، لأن الحرب الأوكرانية صرفت الانتباه عن القضية الفلسطينية، مما يجعلهم معنيين بتذكير العالم بأنهم موجودون، فضلا عن اقتراب الذكرى السنوية لهبة أيار/ مايو 2021، التي شهدت حرب غزة، وانتفاضة فلسطينيي48، وأحداث المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، وكلها أحداث ذات بعد ديني ليس مألوفًا للإسرائيليين.
يائير أنسباخر المستشار الأمني الإسرائيلي رأى أن "هناك خوفا كبيرا جدا أننا نتجه نحو موجة لا يمكن وقفها، بجانب ما نشهده من حرب شعبية وصلت ذروتها أمامنا".
وأضاف في ذات الحوار مع صحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمته "عربي21" أن "نجاح هجوم بئر السبع يشجع الفلسطينيين أيضا على محاولة الاستمرار في الضرب، مما قد يتطلب اتخاذ موقف متشدد من فلسطينيي48، بإطلاق النار على حين يحتاجون إليها دون خوف"، على حد زعمه.
الجنرال أرييه عاميت، القائد السابق لشرطة القدس ذكر أن "هجمات الطعن لم تتوقف أبدا، وفي الفترة التي تسبق شهر رمضان هناك شيء ما يحدث، ويجب فهمه بشكل نهائي، إنه شهر ديني للغاية، ويثير المشاعر الجهادية خاصة بين الشباب.. والشيء الوحيد الذي يمكن القيام به عندما تقع مثل هذه الحوادث، هو الرد بأسرع ما يمكن لتقليصها بأقل عدد ممكن من الخسائر البشرية في صفوف الإسرائيليين من خلال نشر الشرطة، وجعلها في حالة تأهب قصوى، لكن المشكلة أن الشرطة لا تزال هيئة صغيرة جدًا".
الجنرال آساف حيفتس المفوض العام السابق للشرطة اعترف أنه "من الصعب جدا منع هجمات السكاكين، لذلك يمكن تقدير أننا أمام بوادر موجة، والدافع وراء موجة هذه الهجمات هو استمرار الصراع مع الفلسطينيين، ليس أكثر، هناك توترات وطاقات مستمرة تؤدي لمثل هذه الهجمات، مما قد يستدعي من أجهزة الأمن محاولة العثور على المنفذين المحتملين لتنفيذ هذه الهجمات، ولكن من حيث المبدأ إن العثور عليهم مهمة صعبة للغاية، ولذلك فنحن بحاجة للاستعداد في المدن الرئيسية".
تشير المعطيات الإسرائيلية إلى أن هجوم بئر السبع يختلف عن هجمات سابقة من ناحيتين: الأولى أنه نجح بما يتجاوز التوقعات، مما قد يشجع الآخرين على تحقيق نجاح مماثل، والثانية أنه كان مخططا جيدا له، يبدأ بالدعس بالسيارة، ثم يكمل بالطعن بالسكاكين، مما يعيد إلى الأذهان ما حظيت به الهجمات السابقة عامي 2015-2016 من شعبية كبيرة، ولذلك فإن هجوم بئر السبع قد يعود قريبا، مما يدفع الأمن الإسرائيلي للعمل في الأسابيع الأخيرة للتأكد أن شهر رمضان سيمر بهدوء نسبي.
إضافة لذلك، أعلن الاحتلال عن سلسلة من التسهيلات للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن الواضح أنها جاءت وفي هذا التوقيت بالذات، لتهدئة المنطقة قدر الإمكان، وإزالة الأسباب والعوامل التي تستخدم لإثارة الجمهور الفلسطيني عشية شهر رمضان، وإلا فإن إسرائيل قد تقع في الفخ، كما وقعت في رمضان الماضي.