هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شدد مختصون فلسطينيون على أهمية النضال الجمعي الذي يقوده الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، من أجل مواجهة جريمة سياسة الاعتقال الإداري وفضح جرائم سلطات الاحتلال التي يدعمها جهازه القضائي، بحق كافة الأسرى الفلسطينيين وخاصة الإداريين.
والسبت الماضي، أعلنت لجنة الأسرى
الإداريين في سجون الاحتلال البدء في خطوة المقاطعة الشاملة لمحاكم الاحتلال
الخاصة بالاعتقال الإداري بكافة مستوياتها؛ بداية واستئناف وعليا.
وذكرت اللجنة في بيان، أنّ القرار جاء
بالتنسيق مع جميع الهيئات التنظيمية لفصائل العمل الوطني والإسلامي، مشيرة إلى
أنها قامت بتنسيق الخطوة مع هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني والمؤسسات
ذات العلاقة.
وأكدت أن هذه الخطوة ملزمة وعامة،
مطالبة المؤسسات القانونية وكافة المحامين إلى دعمهم في خطوتهم عبر مقاطعة محاكم
الاحتلال بالخصوص.
زيادة الاعتقال الإداري
وعن سياسية الاعتقال الإداري وخطورتها ، أكد عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن "الاحتلال وسع من استخدامه لنهج الاعتقال الإداري وزاد من إصدار قراراته في هذا الجانب"، موضحا أن "الاحتلال خلال 2021 أصدر 1595 قرارا بالاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين؛ ما بين جديد وتجديد".
وأفاد في حديثه لـ"عربي21"،
أن "الاعتقال الاداري يتم دون محاكمة أو توجيه تهمة ما للمعتقل، وذلك استنادا
لما يطلقون عليه "الملف السري"، منوها أن "هناك زيادة عن عام 2020
بنسبة 43.2 في المئة، حيث بلغ عدد المعتقلين الإداريين مع نهاية 2021 نحو500
فلسطينيا".
وشدد فروانة، على أن هيئة شؤون الأسرى
"تقف إلى جانب المعتقلين الإداريين وتدعم خطواتهم، وسنظل داعمين لهم"،
لافتا أنه "أمام عجز المؤسسات الدولية لوضع حد للاعتقال الإداري، لجأ الأسرى
لخطوات موحدة، بدأت بمقاطعة شاملة لمحاكم الاحتلال، فيما يتعلق بكل الإجراءات الخاصة
بهذا الاعتقال".
ولفت إلى أن "مقاطعة محاكم
الاحتلال، خطوة تأتي من أجل مواجهة سياسة الاعتقال الإداريّ، ورفضا لإجراءات قضاء
الاحتلال الشكلية لتبرير استمرار الاعتقال بلا تهمة أو محاكمة"، مؤكدا أن
"الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وخاصة "الشاباك"، فعليا، هي التي
تقرر استمرار الإبقاء على المعتقلين الإداريين داخل السجون".
ورأى أن "مواجهة سياسية الاعتقال
الإداري، تتطلب خطوات جماعية متدحرجة داخل وخارج السجون الإسرائيلية، وأخرى في
الساحة المحلية والدولية"، مرجحا أن "هذه الخطوة الأولية الجماعية،
ستساهم بشكل أكبر في تسليط الضوء على هذه القضية، كما يتوقع لها أن تحدث تفاعلا
أكبر في مختلف الساحات".
وطالب المسؤول الفلسطيني، بالضغط على
المؤسسات الدولية من أجل أن تحقق هذه الخطوة أهدافها في مواجهة سياسية الاعتقال
الإداري.
محاكم الاحتلال أداة قمع
من جانبه، أوضح المحامي الفلسطيني
المقيم بالداخل المحتل عام 1948، خالد زبارقة، أن "المحاكم الإسرائيلية في
موضوع الاعتقال الإداري، بدلا من أن تكون جهاز قضائي أصبحت أحد أذرع جهاز
المخابرات الإسرائيلي لتمرير الاعتقال الإداري، وبالتالي، لم يصبح أمام المعتقلين
الإداريين أي أداة للدفاع عن أنفسهم".
ولفت في حديثه لـ"عربي21"،
أن "الاعتقال الإداري من قبل الأجهزة الأمنية سابقا، كان بمعايير أمنية بحتة
وصلبة (اتهام بعمل عسكري مثلا)، أما اليوم، يتم هذا على الرأي والفكر
والايدلوجيا"، منوها أن "الاعتقال الإداري أصبح أحد أدوات السياسية
الإسرائيلية لتغيير قناعات الشعب الفلسطيني".
وأضاف زبارقة: "أمام هذا التحول
في معايير السياسة الإسرائيلية والاعتقال الإداري، لم يعد أمام المعتقل الإداري
ولا حتى أمام المحامي أي أداة من الممكن أن يدافع عن المعتقل أو يفند بها التهم
(إن كشف عنها)، كما لم يعد هناك أي جهاز قضائي يمكن اللجوء إليه لرفع الظلم عن
المعتقل، لذا لم يتبقى أمام هؤلاء المعتقلين سوى الإضراب عن الطعام أو مقاطعة تلك
المحاكم".
ونبه أن الاحتلال "يستخدم
الاعتقال الإداري، بهدف تحييد الشخصيات المؤثرة في المجتمع الفلسطيني"، مؤكدا
أن "الجهاز القضائي الإسرائيلي، بدلا من أن يرفع ظلم السلطات الرسمية عن
المواطن، أصبح أحد أدوات القمع التي تستعملها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في سبيل
قمع الفلسطينيين".
وقال: "أنا كمحام أمثل الكثير من
المعتقلين، لا أرى في جهاز المحاكم الإسرائيلي أي جدوى في رفع ظلم السلطات
الإسرائيلية وجهاز المخابرات عن المعتقلين".
تشريع جرائم الاحتلال
بدوره، أعتبر رئيس الهيئة الدولية
لحقوق الشعب الفلسطيني "حشد" الناشط الحقوقي صلاح عبد العاطي، دخول
الأسرى الإداريين في خطوة جماعية بمقاطعة محاكم الاحتلال، هي "تطور لافت،
وذلك بعد وصول الحقوقيين إلى رؤية، تؤكد أن هدف محاكم الاحتلال هو التغطية على
انتهاكات حقوق الإنسان، وتشريع جرائم الاحتلال بحق الأسرى الإداريين وغيرهم من
الأسرى".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"،
أن "محاكم الاحتلال طوال الفترة الماضية لم تفلح في إنصاف أين من الأسرى
الإداريين"، منبها أن "الاعتقال الإداري بحد ذاته، هو جريمة تتم بحق
المعتقلين، كونه يتم بلا لائحة اتهام ولا ضمانات محاكمة عادلة".
ورأى عبد العاطي، أن "النتائج
المتوقعة لهذه الخطوة، هو استمرار الضغط من أجل قطع الطريق على استخدام الاحتلال
لمحاكمة في القول للمجتمع الدولي بأن لديه محاكم تنظر في أوضاع هؤلاء الأسرى
والمعتقلين، وخير مثال على ذلك، ما تمارسه محاكم الاحتلال بحق الأسرى المضربين عن
الطعام".
وشدد على أهمية "استمرار مواجهة
سياسية الاعتقال الإداري، لأنها جريمة في حد ذاتها، عبر تدويل قضية الأسرى والبناء
على نضال الحركة الأسيرة في فضح مرامي وخطورة هذه السياسية الهادفة إلى مزيد من
التحكم الاستعماري بحياة الشعب الفلسطيني".
يشار إلى أن سلطات الاحتلال ما زالت
ترفض إطلاق سراح الأسير الفلسطيني هشام أبو هواش المضرب عن الطعام منذ 140 يوما
رفضا لاعتقاله الإداري.
وحذر محامي نادي الأسير الفلسطيني،
جواد بولس، من أن "المعتقل أبو هواش يواجه احتمالية الوفاة المفاجئة"،
منبها إلى أن الأسير "في حالة حرجة للغاية".
ومع نهاية 2021، تفاقمت معاناة الأسرى
الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث شهدت حربا مسعورة ضدهم، عبر قمع
عنيف وإجراءات عنصرية متعددة طالت حتى الأسيرات، ورجح خبير فلسطيني في حديث سابق
لـ"عربي21"، استمرار وتصاعد هجمة الاحتلال الشرهة بحق الأسرى.
وبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال مع
نهاية 2021، نحو 4650 أسيرا، منهم 34 أسيرة، ونحو 160 طفلا، و550 مريضا يعانون من
أمراض مختلفة.