هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أشارت فيه إلى أن حرس الحدود اليوناني اعتدوا على مترجم يعمل صالح الاتحاد الأوروبي، ظنا منهم على أنه لاجئ، وطردوه مع عشرات الاجئين باتجاه الحدود التركية.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"؛ إن المسؤولين اليونانيين نفوا على مدى سنوات شكاوى من مؤسسات حقوق الإنسان من أن حرس الحدود في البلاد قد تعاملوا بوحشية مع المهاجرين وأعادوهم قسرا إلى تركيا. وعادة ما نفوا هذه المزاعم ووصفوها بأنها أنباء كاذبة أو دعاية تركية.
وقال مترجم من الاتحاد الأوروبي؛ إنه في أيلول/ سبتمبر، ظن حرس الحدود اليوناني أنه طالب لجوء، واعتدوا عليه ثم أجبروه على عبور الحدود إلى تركيا مع عشرات المهاجرين.
تمثل ادعاءاته إشكالية بشكل خاص للمسؤولين اليونانيين؛ لأنه مقيم قانوني في الاتحاد الأوروبي يعمل لدى وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي "فرونتكس". وقد قام بتسليم الأدلة إلى الوكالة لدعم مزاعم سوء المعاملة، وفقا لمسؤولين أوروبيين يتعاملون مع قضيته.
الاتحاد الأوروبي، الذي غض الطرف في الغالب عن الانتهاكات ضد المهاجرين، يضطر الآن إلى مواجهة المشكلة.
ظهرت هذه القضية في أعقاب أزمة حدودية حادة مع بيلاروسيا بشأن المهاجرين، وقد استحوذت القضية على اهتمام كبار القادة الأوروبيين لأسابيع. وقالت المفوضة الأوروبية للهجرة إيلفا جوهانسون؛ إنها اتصلت بالمترجم الجمعة الماضية لمناقشة اتهاماته.
قالت جوهانسون: "بعد مناقشة مباشرة ومتعمقة مع الشخص في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، شعرت بقلق بالغ بشأن روايته". وأضافت: "بالإضافة إلى قصته الشخصية، فإن تأكيده أن هذه لم تكن حالة منعزلة، يعد قضية خطيرة"، مشيرة إلى أنه أخبرها أنه شاهد ما لا يقل عن 100 مهاجر تم دفعهم عبر الحدود وتعرضوا للخشونة في بعض الأحيان.
اقرأ أيضا: الغارديان: مخيمات اللاجئين في اليونان تشبه السجون
ومع ذلك، ألقى بيان صادر عن وزارة الحكومة اليونانية بظلال من الشك على روايته، قائلا؛ إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن "الحقائق ليست كما قدمت".
قال المترجم لصحيفة نيويورك تايمز؛ إنه قدم شكوى إلى فرونتكس، وأكد المسؤولون الأوروبيون ذلك. مؤكدين أن الشكوى تعامل على أنها ذات مصداقية بسبب موقع الرجل والوثائق التي قدمها، بما في ذلك تسجيلات الصوت والفيديو.
وأشار إلى أنه والعديد من المهاجرين الذين احتُجز معهم تعرضوا للضرب وتجريدهم من ملابسهم، وأن الشرطة صادرت هواتفهم وأموالهم ووثائقهم.
وتابع بأن محاولاته لإخبار الشرطة عن نفسه قوبلت بالضحك والضرب. قال؛ إنه نُقل إلى مستودع بعيد حيث احتُجز مع 100 آخرين على الأقل، بينهم نساء وأطفال. ثم تم وضعهم على زوارق ودفعوا عبر نهر إيفروس إلى الأراضي التركية.
كانت اتهاماته مماثلة لتلك الصادرة عن جماعات حقوق الإنسان، وتتماشى مع الأدلة المتزايدة التي جمعها المهاجرون والصحفيون، التي تزعم جميعا أن السلطات اليونانية تعتقل وتطرد المهاجرين بشكل روتيني، دون السماح لهم بإكمال طلبات اللجوء - غالبا بطريقة عشوائية وعنيفة.
كما اتُهمت السلطات اليونانية برد المهاجرين في قوارب واهية في بحر إيجه، وفي بعض الأحيان قامت بتعطيل المحركات وترك المهاجرين كي تجرفهم الأمواج إلى المياه التركية. ونفت اليونان هذه الاتهامات.
ظهرت قصة الرجل في لحظة حرجة في حساب أوروبا لممارساتها في التعامل مع المهاجرين، التي استدعت تدقيقا متجددا بعد المواجهة على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا التي خلفت 12 قتيلا.
في محاولة للضغط على الاتحاد الأوروبي بشأن مواجهة جيوسياسية، جذبت بيلاروسيا المهاجرين إلى أراضيها، وتركتهم في غابة متجمدة وشجعتهم على العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك بولندا. صدتهم السلطات البولندية، بعنف في بعض الأحيان.
هذه الأزمة، إلى جانب المواجهة المماثلة بين اليونان وتركيا العام الماضي مع طالبي اللجوء العالقين في المنتصف، كشفت الهوة المتزايدة بين القوانين والأعراف الأوروبية في معاملة طالبي اللجوء، والواقع على الأرض.
توتر الرأي العام تجاه الهجرة بعد أن جلبت الحرب السورية أكثر من مليون لاجئ إلى أوروبا في 2015-2016. ومع ذلك، في كثير من دول الاتحاد الأوروبي، يعارض السياسيون والمواطنون الممارسات غير الإنسانية وغير القانونية مثل اعتقال المهاجرين وطردهم دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.
لكن الحكومات على حدود أوروبا، مثل اليونان، تعتبر قوانين وإجراءات الهجرة قديمة ولا تتماشى مع المناخ الحالي، معتبرة أنها صُممت قبل عمليات النزوح الجماعي للسكان التي شوهدت في السنوات الأخيرة.
اقرأ أيضا: تريبيون: وحشية اليونان مع المهاجرين باتت نموذجا لبريطانيا
رفض رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، في تصريحات هذا الشهر، اتهام السلطات اليونانية بارتكاب انتهاكات ضد المهاجرين. ووصف سياسته المتعلقة بالهجرة بأنها "صارمة، لكنها عادلة".
وقالت يوهانسون؛ إنها تحدثت يوم الاثنين مع وزير حماية المواطن اليوناني، تاكيس ثيودوريكاكوس، ووعد بالتحقيق في ادعاءات المترجم.
وقال المكتب الإعلامي للوزارة في بيان: "ستجري الهيئة الوطنية للشفافية المستقلة تحقيقا وستكون مفتوحة بشأن نتائجه كما هو الحال دائما، لكن الاستفسارات الأولية في هذه القضية تشير على ما يبدو إلى أن الحقائق ليست كما هي معروضة".
وقالت صوفي؛ إن فيلد، العضوة الهولندية في البرلمان الأوروبي، إن مزاعم المترجم جزء من نمط من وحشية الاتحاد الأوروبي المتزايدة تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء.
"مع عشرات الآلاف من الضحايا الذين غرقوا في البحر الأبيض المتوسط، والآلاف يرزحون في ما يوصف بمعسكرات الاعتقال في ليبيا، والبؤس في المعسكرات على الجزر اليونانية لسنوات عديدة، والناس يغرقون في القناة أو يتجمدون حتى الموت. على الحدود بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي، لا يمكن للمفوضية الأوروبية أن تدعي بعد الآن أن هذه حوادث واستثناءات".
وأضافت: "هذا ليس فشلا في السياسة.. إنها سياسة".
بموجب القوانين اليونانية وقوانين الاتحاد الأوروبي، يتعين على السلطات اليونانية تقييم طلبات اللجوء لكل من يطلب الحماية، وإيواء طالبي اللجوء في ظروف إنسانية، وفي حالة رفضهم، إعادتهم بأمان.
توقفت الجهود المبذولة لتوزيع أكثر عدالة لطالبي اللجوء في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، حيث تفضل العديد من الدول الأعضاء إرسال التمويل إلى اليونان والدول الحدودية الأخرى لاستضافة طالبي اللجوء، وإبعادهم عن أراضيها.
تدفع فرونتكس ومكتب دعم اللجوء الأوروبي مئات الموظفين وتنشرهم لضمان حماية الحدود الخارجية للكتلة مع التمسك بقوانين حقوق الإنسان.
المترجم، وهو في الأصل من أفغانستان، وعاش لسنوات كمقيم قانوني في إيطاليا. تم تعيينه من قبل فرونتكس كعضو في فريق خبراء ممول من الاتحاد الأوروبي، تم نشرهم لمساعدة حرس الحدود على التواصل مع طالبي اللجوء.
كان يعمل في منطقة إيفروس الحدودية جنبا إلى جنب مع حراس يونانيين والاتحاد الأوروبي، وكان في طريقه إلى ثيسالونيكي، ثاني أكبر مدينة في اليونان، لقضاء فترة راحة عندما سحبته الشرطة وعدد من المهاجرين من الحافلة، على حد قوله.
قال المترجم؛ إنه بعد تعرضهم للضرب والاحتجاز وإجبارهم على الدخول إلى تركيا، تمكن من الوصول إلى إسطنبول، حيث تلقى مساعدة قنصلية من السلطات الإيطالية، وأعيد في النهاية إلى إيطاليا في 18 أيلول/ سبتمبر.