قضايا وآراء

السيسي وحقوق الإنسان.. المعركة لم تنته بعد

أسامة جاويش
1300x600
1300x600

هذا المقال ليس من باب ترويج المخدرات الفكرية أو بيع الأوهام لمعسكر المقهورين من ظلم النظام المصري الذي تجاوز الثمانية أعوام، وإنما هو محاولة لقراءة وسرد بعض الأحداث الحقيقية التي تعطي بصيص أمل حقيقي وسط ظلام السيسي ونظامه.

في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، أصدرت المفوضية الإفريقية توجيها للنظام المصري بضرورة تعليق تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق عدد من المعارضين المصريين في القضية التي تعرف إعلاميا بقضية فض رابعة، وهو القرار الذي يمثل ضغطا حقيقيا على النظام المصري الذي يسعى في الفترة الماضية لتبييض صورته الحقوقية وغسل سمعته القمعية بالإعلان عما أسماه السيسي الاستراتيجية الوطنية الجديدة لحقوق الإنسان في مصر.

جماعة الإخوان المسلمين بقيادة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير تقدمت بطلب منذ فترة لمكتب المحاماة البريطاني الشهير بايندمنز، وهو مكتب قانوني رائد في مجال حقوق الإنسان ومعترف به عالميا، تحرك المكتب في تلك القضية عن طريق المحامي الطيب علي والذي تقدم بدوره بطلب قانوني إلى المفوضية الإفريقية بضرورة التدخل لوقف تنفيذ أحكام الإعدام بحق المعارضين المصريين في قضية فض رابعة.

استضفت المحامي الطيب علي في برنامج "نافذة على مصر "، والذي يعرض عبر شاشة قناة "الحوار" الفضائية وسألته سؤالا واضحا: هل هذا القرار يعتبر انتصارا قانونيا ملزما لنظام السيسي أم أنه مجرد قرار لن يتوقف عنده كثيرا النظام المصري؟ 

الإجابة كانت مثيرة للاهتمام، قال المحامي الطيب علي: إن مصر هي إحدى الدول الموقعة على الميثاق الإفريقي كما أنها عضو في الاتحاد الإفريقي، وبالتالي فهي تقع مباشرة ضمن الاختصاص القانوني القضائي لقرارات المفوضية الإفريقية، ما يعني أن على مصر الالتزام الفوري بهذا القرار، أما في حالة عدم التزام النظام المصري بتوصية المفوضية الإفريقية فسيعد هذا انتهاكا واضحا وصريحا لميثاق الالاتحاد الإفريقي وهو ما سيترتب عليه بعض الإجراءات التي لا يريدها النظام المصري.

مصر تتعامل بجدية مع قرارت المفوضية الإفريقية، وفقا لما ذكره المحامي الطيب علي فإنه تقابل مع محامين مصريين ذهبوا إلى جامبيا للدفاع عن موقف مصر في قضية مشابهة قبل ذلك ما يعني أن النظام المصري لا يتعامل باستهانة كبيرة مع قرارات المفوضية الإفريقية.

بالتزامن مع قرار المفوضية الإفريقية، تقدمت ثلاث منظمات هولندية وهي منظمات السلام وحقوق الإنسان "PAX" "أوقفوا تجارة السلاح" والقسم الهولندي في لجنة الحقوقيين الدولية، إلى المحكمة الهولندية باستدعاء ممثل الحكومة الهولندية للمثول أمام المحكمة للتحقيق في صفقات السلاح التي أبرمتها الحكومة الهولندية مع النظام المصري خلال العام الماضي على الرغم من السجل السيء لمصر في ملف انتهاكات حقوق الإنسان وهو ما لا تسمح به القوانين الهولندية على الإطلاق.

وكانت الحكومة الهولندية قد أعلنت في العام الماضي عن صفقة بقيمة مائة وأربعة عشر مليون يورو مع البحرية المصرية شملت أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات العسكرية، وتقول الحكومة الهولندية إن البحرية المصرية بعد انسحابها من اليمن لم تعد متورطة في ملفات تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، وهو الأمر الذي ردت عليه الشكوى أمام القضاء بأن البحرية المصرية سلاح أصيل داخل المجلس العسكري المصري ومتورط في ملفات حقوقية كثيرة منذ 2013.

 

المعركة بين السيسي وحقوق الإنسان لم تنته بعد ولا يبدو أنها ستنتهي إلا برحيل ومحاسبة هذا الجنرال العسكري، وإن كان هناك من درس مستفاد من الأحداث الحقوقية أو إن شئت سمها الانتصارات الحقوقية ضد نظام السيسي،

 



لم يكن الأسبوع الماضي هو الأفضل لنظام السيسي فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، فعلى الرغم من لقاء سامح شكري وزير الخارجية المصري بنظيره الأمريكي أنطوني بلينكن فيما عرف بالحوار الاستراتيجي الأمريكي المصري إلا أنه أثناء تلك الزيارة تقدمت مجموعة العمل المصري في الولايات المتحدة، وهي مجموعة مستقلة من الحقوقيين تركز جهودها على الملف المصري، تقدمت بمجموعة من التساؤلات لإدارة بايدن ووزير خارجيته بلينكن عن تجاهله ملف حقوق الإنسان بشكل واضح في لقائه مع شكري والاكتفاء بالإشارة لحقوق الإنسان في مصر في فقرة بسيطة في البيان المشترك.

صحيفة "واشنطن بوست" هي الأخرى خصصت مقالا لهيئة التحرير عن التقاعس الكبير لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه ملف حقوق الإنسان في مصر والسكوت الفاضح عن الانتهاكات المستمرة التي يمارسها نظام السيسي بحق المعارضين في مصر.

المعركة بين السيسي وحقوق الإنسان لم تنته بعد ولا يبدو أنها ستنتهي إلا برحيل ومحاسبة هذا الجنرال العسكري، وإن كان هناك من درس مستفاد من الأحداث الحقوقية أو إن شئت سمها الانتصارات الحقوقية ضد نظام السيسي، فهو أنه طالما استمر نفر من المصريين معارضين لهذا النظام متمسكين بحقهم في الديمقراطية والحرية والكرامة الإنسانية فلن ينتهي الأمل ولن تنتهي المعركة مع أسوأ الأنظمة الديكتاتورية في التاريخ الحديث.


التعليقات (1)
محمود النجار
السبت، 13-11-2021 05:22 م
مقالة محكمة.. سرني قراءتها.. ابق بخير