على هامش تدشين الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام في تركيا
مصطفى محيي01-Nov-2112:31 AM
0
شارك
كاتب آخر
لقد أسعدني خبر انطلاق الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام في افتتاح مهيب حضره عدد من العلماء والشيوخ في إسطنبول منذ أيام. أدعو القائمين على تلك الهيئة إلى استخلاص العبر والدروس من تجربة الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام في السعودية، حتى لا تتكرر الأخطاء نفسها.
سوف أدلي بشهادتي حول تجربة الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام، كيف رفعت شعارات رنانة ذات كلمات طنانة ثم انتهت إلى كوارث، كحال الكثير من الحركات والأحزاب الإسلامية، رفعت شعارات جذابة وبراقة حتى تعرضت لأول اختبار وجودي أو امتحان مصيري فكان الفشل مصيرها.
الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام في السعودية انطلقت من أهداف نبيلة، وهي على النحو الآتي:
1- تكون ملتقى لكل المؤسسات والجهات العاملة في مجال التعريف بالإسلام، والتواصل الحضاري والثقافي مع المسلمين الجدد في الغرب.
2- عقد ندوات ومؤتمرات لتبادل الخبرات بين العاملين في مجال التعريف بالإسلام.
3- دعم المؤسسات والجهات المختصة في مجال التعريف بالإسلام.
4- إعداد وتأهيل جيل من المعرفين بالإسلام في الغرب.
تلك كانت أهداف التأسيس، وفي استعراض سريع لأهم المحطات التاريخية، ارتكبت الهيئة أربعة أخطاء: الانتقائية، والاحتكارية، والشو الإعلامي، والعمل بنظام الجزر المنعزلة.
في حصاد سريع لأبرز الأحداث من 2012- 2015
1- في عام 2012 طلب مني منظم مؤتمر حلال إكسبو تشيلي (مؤتمر يهدف إلى جذب الاستثمارات العربية إلى قطاع الأغذية الحلال في تشيلي)، تنظيم مشروع للتعريف بالإسلام على هامش المؤتمر، حاولت التواصل مع الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام للمساعدة في تنظيم الحدث، ولكن لم أتلق منهم إجابة.
2- في عام 2012 عقد أول مؤتمر عن التعريف بالإسلام في أمريكا اللاتينية عن التعريف بالإسلام في الثقافات المختلفة (الثقافة الإسبانية نموذجا)، وصدرت عن المؤتمر توصيات لم يطبق منها شيء حتى كتابة هذه السطور.
3- ذهب الشيخ مصطفى عبد الغني (من مصر) في جولة دعوية إلى دول أمريكا الوسطى، شملت وجواتيمالا وكوستاريكا وهندوراس. والشيخ مصطفى عبد الغني يعتبر من الجيل المؤسس للعمل الإسلامي في أمريكا اللاتينية، تم إرساله ضمن مجموعة من ستة أفراد من خريجي الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1986 على نفقة سلمان الراجحي للعمل كدعاة في أمريكا اللاتينية، قام بتنظيم أول دورة علمية لمسلمي أمريكا الوسطى للدراسة في مصر في حزيران/ يونيو 2012.
4- كان من المفترض عقد أول مؤتمر في الكويت عن الإسلام في أمريكا اللاتينية، وكانت ستتم دعوة العديد من الناشطين في العمل الدعوي في أمريكا اللاتينية، وكان سيتم تقديم، لأول مرة، العديد من أصحاب المبادرات الدعوية في أمريكا اللاتينية، ولكن الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام طلبت من الجهة المنظمة للمؤتمر، وهي لجنة أمريكا الجنوبية في الكويت، إلغاء المؤتمر واقتصاره فقط على قيادات الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام ولجنة أمريكا الجنوبية.
وانتهى اللقاء إلى إصدار توصيات مشتركة ولم ينفذ منها أي شيء، وتم إغلاق الباب أمام العديد من أصحاب المبادرات الدعوية في أمريكا اللاتينية، ومنهم كاتب تلك السطور.
في 2013 بدأ مندوب لجنة أمريكا الجنوبية في الكويت، الشيخ إسماعيل البصري، العمل على نقل المؤتمر من الكويت إلى الإكوادور، حيث أنشأ ثلاثة مساجد في الإكوادور وأرسل أول بعثة لمسلمات إكوادوريات إلى الحج عام 2012.
وقد تعرض لحملة شعواء من جانب لجنة دعاة أمريكا اللاتينية التابعة للهيئة العالمية للتعريف بالإسلام، أدت إلى إلغاء المؤتمر، فالهيئة العالمية تريد احتكار العمل الدعوي وضرب كل الكيانات المنافسة لها في أمريكا اللاتينية، أو تحاول الاستقلالية عن الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام.
في 2014 بدأ الشيخ جمال الشطي من الكويت، عضو مجلس أمناء الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام، في تنظيم مؤتمرات في إسبانيا وكولومبيا والبرازيل عن التخطيط الاستراتيجي وتطوير أداء المؤسسات الإسلامية في أمريكا اللاتينية. سوف تثار أزمة كبيرة فيما بعد عام 2015 نتيجة عدم تنسيق بين الشيخ جمال الشطي من ناحية والشيخ مصطفى عبد الغني والشيخ فايز الجهني، مدير المشروعات بالهيئة العالمية للتعريف بالإسلام، وستحدث أزمة كبيرة نتيجة عدم التنسيق بين الإدارات حول المشاريع في أمريكا اللاتينية.
في عام 2015 كان كاتب تلك السطور قد أيقن بأنه لا بد من كسر احتكار الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام للعمل الدعوي في أمريكا اللاتينية، فكان الحل بإدخال تمويل جديد من مصر لكسر الاحتكار السعودي لتمويل المشاريع الدعوية في أمريكا اللاتينية، تمثل في ممول دورات مسلمي أمريكا اللاتينية في الأزهر، كما أسلفت في المقال السابق.
ونتيجة لنجاح الدورة الثالثة لمسلمي أمريكا اللاتينية في الأزهر بدعوة 40 طالبا من دول أمريكا اللاتينية، طلب مني الشيخ مصطفى عبد الغني، وكانت تربطني به علاقة صداقة، مساعدته في تنظيم دورة شرعية للمسلمين الجدد في كولومبيا، تحت إشراف الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام وتمويل من أوقاف الراجحي. في البداية لم أكن متحمسا لسابقة تعاملات الهيئة العالمية مع كل من يحاول منافستها حيث تقوم بتشويه صورته، وفي نهاية المطاف بدأت في التعرض لحملة انتقادات من لجنة دعاة أمريكا اللاتينية التابعة للهيئة العالمية للتعريف بالإسلام بشأن دعوة 25 أختا مسلمة، كلهن من المهتديات إلى الإسلام، إلى دورة الأزهر بدون محرم.
وفي عام 2017 تم حل الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام بقرار من ولي العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان.
السؤال: كيف تحولت هيئة حاملة لراية الإسلام إلى الصد عن سبيل الله؟ وكيف لخطاب سلفي يدعي أصحابه أنهم الفرقة الناجية والباقي في النار ويتركون وراءهم فراغا هائلا في أمريكا اللاتينية يسمح لأطراف مثل الأحمدية القاديانية في التمدد والتوسع؟ وحاليا ينتشر التشيع بين المسلمين الجدد في أمريكا اللاتينية، وللأسف الهيئة العالمية ضربت كل المؤسسات المنافسة لها، وهي في النهاية تم حلها.
نأمل من الله ألا تكرر الهيئة الجديدة (الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام) أخطاء الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام في السعودية.