هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن الانتخابات العراقية، قائلة إنها "ستكون بلا قيمة لو لم تؤد لمشاركة واسعة"، مؤكدة أن التهديد بالمقاطعة قد يساعد المليشيات المسلحة.
وأضافت أن فتوى آية الله علي السيستاني
دفعت بآلاف العراقيين الشيعة للتطوع من أجل مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وتهديده
على بغداد عام 2014، إلا أن فتواه التي تحث العراقيين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع
يوم 10 تشرين الأول/ أكتوبر، لم تترك الأثر المطلوب.
ومع أن البرلمان العراقي استجاب لمطالب المحتجين بعقد انتخابات مبكرة، إلا أن معظم
العراقيين على ما يبدو سيقاطعونها. ولو حدث هذا فستعزز المليشيات الطائفية والإثنية، وبخاصة المدعومة من إيران، سيطرتها على العراق وأكثر مما مضى. ولم تكن تجربة العراقيين
مع الديمقراطية بنيوية، ففي 2018 صوتت أقل من نسبة 44 بالمئة ممن يحق لهم التصويت في
الانتخابات. وقام البعض بتعويض تدني المشاركة بالتصويت مرة بعد الثانية والثالثة. وبعد
أيام من إصدار البرلمان أمرا بإعادة عد الأصوات حرق مخزن وضعت فيه ملايين الأصوات.
ومنذ ذلك الوقت يحاول العراق جعل الانتخابات
القادمة تحمل مصداقية، وأن تكون نزيهة، فقد زادت من عدد المناطق الانتخابية، وهو ما قد
يخدم الناخبين المستقلين. وسيكون لدى نسبة 70 بالمئة من الناخبين بطاقة انتخابية بيومترية
كما في عام 2018، بالإضافة لكتيبة من المراقبين التابعين للاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضا: لماذا تختلف الانتخابات العراقية المقبلة عن الماضية؟
لكن "اللاإبالية" لا تزال
علامة الوضع، ويدعو الكثيرون ممن كانوا في طليعة حركة الاحتجاج إلى مقاطعة الانتخابات.
وقال أحدهم: "لا يحترمنا الساسة، ولهذا فلا أحترمهم"، وهو مقتنع أن الجماعات
العراقية المسلحة لن تتخلى عن السلطة عبر صناديق الاقتراع.
ولكن القلق الأكثر شيوعا هو أن النتيجة
حتى لو حصلت انتخابات نزيهة وأكثر من المعتاد، فستؤدي لتقسم فاسد للسلطة بين الجماعات
الرئيسية التي ستقوم بالمقايضة فيما بينها. وسيتم تقسيم الوزارات بين الأحزاب الكبيرة،
في وقت يتم فيه التعامل مع موارد النفط على أنها "بقرة حلوب" يجب تقاسم حليبها
بينها، بما في ذلك الجماعات المسلحة المرتبطة بالأحزاب.
ويقول رجل أعمال في بغداد مشيرا إلى رئيس الوزراء الحالي: "يجلسون في غرفة
واحدة، ويختارون ورقة تين طرية لتمثلهم".
ويعيش الشيعة في وسط وجنوب العراق، وهم
الأكثر الذين فقدوا الثقة بالسياسة. وانضم الكثيرون منهم قبل عامين لحركات الاحتجاج
التي طالبت انتخابات حرة وتفكيك سيطرة المليشيات على البلد. لكن الجماعات المسلحة
هذه زادت قوتها منذ ذلك الوقت، حيث قتلت المئات دون خوف من الملاحقة، ولاحقت المحتجين، وطردتهم من الشوارع، وسحقت جهودهم لتشكيل حركة سياسية عبر قتل واختطاف واستفزاز قادتهم
والناشطين منهم. كما أن العديد من المرشحين المستقلين الذين يزعمون أنهم يمثلون حركة
الاحتجاج يعملون على تقسيم الأصوات، بشكل لن يؤدي إلا لفوز القلة منهم. ويقول ياسر
مكي، طبيب الأسنان الذي انضم لحركة الاحتجاج في النجف: "كل مرشح يشعر أنه وحده
ملك ساحة الاحتجاج".
وحاول البعض طلب المساعدة لإنشاء كتلة
علمانية، لكن أمريكا على ما يبدو متعبة من محاولات نشر الديمقراطية. ويساعد على تقسيم
البلاد تشرذم الطوائف الثلاث التي يتكون منها العراق: السنة والشيعة والأكراد. ويدعم
الشيعة عددا من الأحزاب، الكثير منها مسلح. وفازت كتلة سائرون التي يتزعمها رجل الدين
مقتدى الصدر بمعظم أصوات عام 2018، لكن حملته في قاعدته التقليدية بمدينة الصدر، جنوب
بغداد، بدت متعبة، وهذا بسبب فشل الحزب استخدام نفوذه في البرلمان لتحسين ظروف قواعده.
وتحاول الجماعات المسلحة وبخاصة المقربة من إيران اختطاف ناخبيه، فقيس الخزعلي، زعيم عصائب الحق الذي انشق عن الصدر، يرقص على أنغام المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي. وتدخل كتائب حزب الله المعروفة بضرب صواريخ على السفارة الأمريكية في بغداد الانتخابات لأول مرة. وحاولت عدة فصائل شيعية الحصول على دعم إيران لمساعدتهم بعدم تقسيم الصوت الشيعي. وتقول المجلة أن العزاء الوحيد هو خلو الانتخابات من العنف، وعلى أمل أن يتعلم الشيعة من دروس السنة الأولى في الانتخابات، حيث خسروا فيها عندما قاطعوها. وتقول المرشحة السنية ندى الجبوري: "المقاطعة لا تنجح".