هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر تحليل لمجلة فورين أفيرز، من تحول أفغانستان، إلى ملاذ آمن
للمسلحين ومنصة لشن هجمات، بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم في البلاد، عقب 20
عاما من الغزو الأمريكي.
وقالت المجلة إن هذه المخاوف لها ما يبررها،
خاصة وأن مثل هذه الجماعات مثل القاعدة وتنظيم الدولة، استضافتها أو تعاونت معها
طالبان بطريقة ما، وهو ما سيدفع إلى التنافس بين هذه الجماعات لمحاولة فرض سيطرتها
ونفوذها.
وأضافت: "للوهلة الأولى فإن هذه الجماعات
المتشددة تبدو متشابهة، ولكنها منقسمة بشدة وتختلف كل واحدة عن الأخرى، فالقاعدة
ترى في نجاح طالبان استلام الحكم انتصارا لهم، فيما تراها داعش خراسان على النقيض،
الذي يرى فيما جرى دليلا إضافيا على استعداد طالبان للتعاون مع القوى الدولية".
وتعود جذور العلاقات ما بين هذه الجماعات إلى
سنوات ماضية، فعلاقة القاعدة مع طالبان تعود إلى منتصف التسعينيات وحتى أنها
احتضنت زعيمها أسامة بن لادن والذي قام بالقسم بيمين الولاء ومبايعة زعيم طالبان
في حينها الملا عمر، بحسب التحليل.
أما ظهور تنظيم الدولة- ولاية خراسان، فقد كان
في السنوات التي تلت إعلان ظهوره في العراق وسوريا.
ووفق التحليل، خلال تزعم أسامة بن لادن وأيمن
الظواهري للقاعدة، حافظوا دائما على تقديم الولاء لقادة طالبان، واعتبروها مقرا لـ
"الخلافة"، وأن زعيم طالبان هو "خليفة المؤمنين"، ولكن تنظيم
الدولة رد على هذا الأمر في 2014 بأن أعلن أن "جميع الجماعات الجهادية بما في
ذلك القاعدة، ليست شرعية"، ووصلت إلى حد "التكفير" لهذه الجماعات.
واعتمدت القاعدة بشكل كبير على حركة طالبان،
واعتبرتها أول إمارة إسلامية منذ سقوط الخلافة العثمانية مطلع القرن الماضي، حتى أن زعيم القاعدة في غرب أفريقيا، أياد أغ غالي، عندما بايع الظواهري وابن لادن،
قدم بيعته أيضا لزعماء طالبان.
وفي شباط/فبراير من عام 2020، اتفقت الولايات
المتحدة وطالبان، على وقف دعم القاعدة، والدخول في محادثات سلام مع الحكومة
الأفغانية، وتعهدت بعدم استضافة القاعدة أو تقديم الدعم لها في تهديد أمن الولايات
المتحدة.
ويشير التحليل إلى أنه رغم هذا الاتفاق إلا أن
طالبان أبقت على علاقات جيدة مع القاعدة، وحتى أن القاعدة في مارس 2020 هنأت
طالبان بما اعتبرته "نصرا" لها، بالانسحاب الأمريكي.
وبينما كانت القاعدة تتغزل بما حققته طالبان،
اتهمها تنظيم الدولة بـ"الضلال" والإنحراف عن النقاء الديني، خاصة بعد
وفاة الملا عمر في 2013، وأنها سعت إلى إقامة علاقة مع دول يعاديها بما في ذلك قطر.
ويضيف التحليل أن تنظيم الدولة يلوم حركة
طالبان لرفضها "البيعة" له بإعادة "تأسيس الخلافة ومقاومة جهوده في
إنشاء إمارة خراسان"، وهو ما أدخل الجانبين في مواجهة.
ويشير التحليل إلى أنه بعد الاتفاق الأمريكي مع
طالبان، دخلت القاعدة فيما يشبه "حالة السبات" حيث طلبت منها طالبان
تقييد أنشطتها والتعتيم على العلاقة مع التنظيم لحين خروج الجيش الأمريكي، وهو ما
حصل حيث توقفت التصريحات والبيانات من القاعدة حتى نهاية أغسطس الماضي.
أما تنظيم الدولة، وفق التحليل، فكان له رأي
مختلف، إذ أنه عبر بأن ما حدث كان "عملية تسليم من الولايات المتحدة للسلطة
إلى طالبان"، واعتبرها نتيجة طبيعية بعد أن أصبحت طالبان "عميلة" لأمريكا.
وأشار بعض أنصار تنظيم الدولة إلى أن الولايات
المتحدة نجحت في "إفساد مبادئ طالبان الدينية".
ويشير التحليل إلى أن الحقيقة ربما تكون في
مكان ما في الوسط ما بين هؤلاء، فطالبان تريد الحفاظ على علاقاتها بالقاعدة،
ولكنها تريد أيضا الاعتراف الدولي بحكمها وسلطتها على البلاد، ولكن طموحاتها
وأهدافها تنتهي وتبدأ في أفغانستان فقط، وليست مثل القاعدة التي تريد أجندة عابرة
للحدود.
ويوضح أن تنظيمي القاعدة وداعش يواجهان تحديات
عديدة وخطيرة في محاولة إعادة التموضع داخل أفغانستان، إذ سيسعى تنظيم داعش إلى
لعب دور أكبر فيما ستعمل القاعدة على إعادة تشكيل نفسها، وهو ما لن تسمح به
الولايات المتحدة.
ويوصي التحليل بضرورة أن تأخذ واشنطن وحلفاؤها
الحذر، والعمل على تقليل التهديد الذي تشكله هذه الجماعات سواء كان ذلك داخل
أفغانستان أو خارجها.